أخبار عاجلة

أنس الحجي: الجفاف يكشف هشاشة الوقود الحيوي.. وهذا سر أزمة العراق

أنس الحجي: الجفاف يكشف هشاشة الوقود الحيوي.. وهذا سر أزمة العراق
أنس الحجي: الجفاف يكشف هشاشة الوقود الحيوي.. وهذا سر أزمة العراق

على الرغم من ربط الكثيرين بين الجفاف وتغير المناخ، ما تزال هذه الظاهرة تؤرّق كل السياسات المناخية، إذ تؤثّر بشكل كبير في الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح، ما يزيد الطلب على النفط والغاز عالميًا، ويخالف تطلّعاتهم.

أكد مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن هذه الظاهرة باتت عاملًا مفصليًا في إعادة تشكيل سياسات الطاقة عالميًا، إذ يضرب مصادر الإمداد التقليدية والبديلة على السواء.

وأوضح أن الأزمات المناخية تكشف هشاشة ما يُسمّى بالوقود الحيوي، الذي لطالما سُوّق له بِوصفه طاقة متجددة وصديقة للبيئة، بينما الحقيقة أنه يرتبط مباشرةً بالنفط والغاز والزراعة، ويقع تحت رحمة الطقس والجفاف.

وأشار الحجي إلى أن سياسات الدعم الغربية خلقت سوقًا ضخمة للوقود الحيوي، خصوصًا في الولايات المتحدة والبرازيل، غير أن موجات جفاف أخيرة برهنت أن هذا الخيار لا يوفر بديلًا آمنًا، بل يعمّق الأزمات الطاقية عالميًا.

وأضاف أن انعكاسات الجفاف تجاوزت الحدود الوطنية لتصل إلى العراق مباشرة، عبر تقليص إيران صادرات الغاز بسبب أزمة المياه والكهرباء لديها، ما أجبر بغداد على حرق النفط الخام محليًا، وأثّر في إيراداتها وصادراتها النفطية.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان "‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏آثار الجفاف في أسواق الطاقة العالمية وزيادة الطلب على النفط".

الجفاف يكشف هشاشة الوقود الحيوي

يرى أنس الحجي أن الوقود الحيوي، سواء من الزيوت النباتية أو قصب السكر أو الذرة، ليس أخضر كما يُسوّق له، بل يسهم في إزالة الغابات، ويعتمد على الأسمدة المصنّعة من الغاز، ليبقى في جوهره مرتبطًا بالوقود الأحفوري.

وبيّن أن انتشار زيت النخيل في إندونيسيا وماليزيا ارتبط مباشرة بإحراق مساحات شاسعة من الغابات عمدًا، ما أدى إلى فقدان "رئة الأرض" مقابل مزارع وقود حيوي، وهو ما يفاقم أزمة المناخ بدلًا من حلّها.

إنتاج الوقود الحيوي في العالم

وأوضح أنس الحجي أن البرازيل أنشأت صناعة ضخمة للإيثانول من قصب السكر منذ السبعينيات، وأقرّت نظام "الوقود المزدوج"، لكن موجات الجفاف أدت إلى انهيار الإنتاج، ما تسبَّب في أزمة محلية، وأربك سوق الطاقة الإقليمية.

وأشار إلى أن الفلاحين والشركات في البرازيل فضّلوا بيع السكر بأسعاره المرتفعة عالميًا على تحويله إلى إيثانول رخيص، ما عمّق الفجوة في إمدادات الوقود الحيوي، وأثبت أن هذا المصدر خاضع لتقلبات الأسواق والتغيرات المناخية.

وأضاف أن الولايات المتحدة بدورها دعمت صناعة الإيثانول من الذرة بدوافع سياسية واقتصادية، لكنها وجدت نفسها في مواجهة أزمات مماثلة حين ضرب الجفاف ولايات زراعية كبرى، فانخفض الإنتاج وتضررت صناعة الوقود الحيوي.

ولفت خبير اقتصادات الطاقة إلى أن النتيجة النهائية كانت واحدة: الجفاف يحدّ من إنتاج الوقود الحيوي، ويكشف هشاشته، ليؤكد أنه ليس بديلًا مستدامًا للنفط أو الغاز، بل حلقة جديدة في دائرة الأزمات الطاقية العالمية.

العراق في قلب أزمة الجفاف الإيرانية

أكد أنس الحجي أن أزمة الجفاف لا تبقى محصورة في حدود بلد واحد، إذ سرعان ما تنتقل إلى الدول المجاورة، كما هو الحال بين إيران والعراق، إذ أدى نقص المياه والكهرباء في طهران إلى خفض صادرات الغاز لبغداد.

وأوضح أن العراق يعتمد أساسًا على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، ومع توقُّف جزء من الإمدادات بسبب أزمة الجفاف في إيران، واجهت بغداد أزمة خانقة في ظل موجات حر تجاوزت 50 درجة مئوية.

الغاز الإيراني إلى العراق

وأشار مستشار تحرير منصة الطاقة إلى أن الحل الوحيد أمام العراق لتعويض العجز كان حرق النفط الخام محليًا لإنتاج الكهرباء، ما أدى إلى تراجُع صادراته النفطية، وانخفاض إيرادات الحكومة، في وقت يشكّل فيه النفط العمود الفقري لاقتصاده.

وأضاف أن هذا التراجع في صادرات العراق دعمَ أسعار النفط عالميًا، وأفاد منتجين آخرين، لكنه زاد الضغوط على بغداد التي تواجه مطالب شعبية متزايدة بالكهرباء والخدمات وسط ظروف مناخية قاسية.

وبيّن أن الأثر لم يقتصر على الطاقة فقط، بل انسحب على المالية العامة والتزامات العراق الدولية، إذ أصبح مضطرًا للاختيار بين تلبية احتياجاته المحلية أو الحفاظ على موقعه مصدرًا أساسًا في سوق النفط.

وأكد أنس الحجي أن الجفاف في إيران تحوّل إلى أزمة مركّبة في العراق، ليبرهن أن التغير المناخي لم يعد تحديًا بيئيًا فقط، بل قضية جيوسياسية تعيد رسم موازين الطاقة الإقليمية.

الحاجة إلى إستراتيجيات أكثر واقعية

يرى أنس الحجي أن الدرس الأهم من أزمة الوقود الحيوي والجفاف هو تأكيد الحاجة إلى إستراتيجيات أكثر واقعية، فسياسات الطاقة لا يمكن أن تُبنى على حلول مثالية أو شعارات بيئية فقط، بل على مزيج متوازن ومرن يراعي الظروف المناخية والاقتصادية معًا.

وأوضح أن العالم بحاجة إلى إعادة النظر في فكرة "الطاقة الخضراء" حين تعتمد على مصادر مرتبطة بالطقس، مثل الشمس والرياح والمياه والوقود الحيوي، لأنها تفقد فاعليتها عند أول أزمة جفاف أو موجة حرّ.

تضرر نباتات الذُّرة في موسم الجفاف
تضرُّر نباتات الذُّرة في موسم الجفاف – الصورة من إنرجي مونيتور

وأشار خبير اقتصادات الطاقة إلى أن الاقتصادات الناشئة مثل العراق تدفع ثمن هذه السياسات أكثر من غيرها، لأنها لا تملك القدرة المالية أو التقنية لتعويض النقص المفاجئ، فتجد نفسها مضطرة للّجوء إلى حلول مكلفة مثل حرق النفط.

وأضاف أن الدول الصناعية الكبرى مطالبة بالاعتراف بأن الوقود الحيوي ليس حلًا مستدامًا، خاصة مع آثاره السلبية في الغابات والأمن الغذائي وأسعار السلع الزراعية في العالم.

ولفت إلى أن مواجهة الجفاف تتطلب استثمارات في بنى تحتية مرنة، تشمل تخزين المياه، وتحسين كفاءة استعمال الطاقة، وتطوير بدائل عملية بعيدًا عن الاعتماد الأُحادي على أيّ مصدر.

وخلص أنس الحجي إلى أن أزمة العراق الحالية تكشف بوضوح أن الجفاف والوقود الحيوي جزء من معادلة عالمية معقّدة، وأن الحل يكمن في سياسات طاقة متوازنة، وواقعية، وقابلة للتكيف مع صدمات الطبيعة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق «خلوا عندكم دم وميبقاش هدفكم الريتش».. نجم الأهلي يهاجم المصورين في عزاء والد محمد الشناوي
التالى الدولار يترنح.. 5 مؤشرات قوية لصعود الجنيه المصري عند مستوي الـ 40