البدو، هؤلاء الرحالة الذين ينسجون حياتهم من خيوط الصحراء الذهبية، يمثلون جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وثقافة شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا. في مصر، وبالتحديد في صحراء البحر الأحمر، تعيش قبيلتان عريقتان، هما العبابدة والبشارية، اللتان حافظتا على تراثهما الغني وارتباطهما الوثيق بالبيئة الطبيعية.
أسلوب حياة فريد: التناغم مع الطبيعة
تعتمد حياة قبائل العبابدة والبشارية بشكل أساسي على الرعي؛ حيث يتنقلون بقطعانهم من الإبل والماعز والأغنام بحثًا عن الكلأ والماء. لا يزال الكثيرون منهم يتبعون الأسلوب التقليدي للحياة البدوية؛ حيث يعيشون في بيوت شعر أو عشش مصنوعة من سعف النخيل، ويُعدون الشاي "الجبنة" الذي يرمز إلى كرم الضيافة والتقاليد المتوارثة.
كما تمتلك هذه القبائل معرفة عميقة بالنباتات الصحراوية وخصائصها العلاجية، ويتقنون فنون الصيد والتتبع، مما يعكس قدرتهم الفائقة على التكيف مع البيئة القاسية. هذه العلاقة القوية مع الطبيعة ليست مجرد أسلوب حياة، بل هي جزء من هويتهم الثقافية والروحية.
تحديات العصر: التطور السياحي وتأثيره
ومع ازدهار السياحة في منطقة البحر الأحمر، واجهت هذه القبائل تحديات كبيرة. بينما وفرت السياحة فرص عمل جديدة، خاصة في مجال السفاري الصحراوية والمخيمات البيئية، إلا أنها أدت أيضًا إلى تغييرات عميقة في أسلوب حياتهم.
التغيرات الاقتصادية ادت الي تحول جزء كبير من القبائل من الاعتماد على الرعي إلى العمل في القطاع السياحي، مما أثر على التقاليد القديمة.
بينما أدت التغيرات ثقافية إلى الاحتكاك المستمر مع السياح من مختلف الثقافات إلى بعض التغيرات في العادات والتقاليد، وأحيانًا إلى فقدان بعض الحرف اليدوية الأصيلة.
ومع ذلك، يعمل العديد من أفراد القبائل على الحفاظ على تراثهم من خلال المشاركة في مشاريع السياحة المسؤولة التي تهدف إلى تعريف الزوار بثقافتهم وتقاليدهم. ما يضمن استمرارية هذا الإرث الثقافي.
