يتبع قطاع الكهرباء في باكستان سياسة مزدوجة منذ سنوات، بتشجيع تركيب الألواح الشمسية وتوسعة استعمالها، وضخّ مخصصات ضخمة لتمويل بناء محطات جديدة تعتمد على واردات الغاز المسال، لتجاوز مشكلة انقطاع التيار.
وبدلًا من تخفيف الطاقة الشمسية لضغوط الشبكة، أضافت عبئًا جديدًا على إدارة القطاع الذي وصل لمفترق طرق في الآونة الحالية، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن) لإستراتيجيات الكهرباء في الدولة الآسيوية.
ومع اندفاع العديد من المستهلكين باتجاه التوسع في تركيب الألواح الصينية زهيدة التكلفة، باتت حكومة إسلام أباد مُلزَمة بشراء فائض الكهرباء المتجددة بأسعار مرتفعة، ومقابل ذلك تراجع الإقبال على كهرباء الشبكة المعتمدة في غالبيتها على الغاز.
وللخروج من هذه المعضلة، تدرس الحكومة حلولًا لخفض فواتير المواطنين المتصلين بالشبكة والمستفيدين من المحطات العاملة بالغاز، لكن هذه الإجراءات قد تكون "قاسية" على مستهلكي الألواح الشمسية، وخطوات تحول الطاقة.
انتشار الطاقة الشمسية
شهد انتشار الطاقة الشمسية في باكستان زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، مدعومة بالألواح الصينية زهيدة التكلفة.
وانتشر استعمال هذه الألواح في مرافق الدولة الآسيوية، بواردات قُدِّرت بنحو 17 غيغاواط خلال العام الماضي 2024، حسب بيانات معهد الأبحاث "إمبر".

وساعدت الطاقة الشمسية وتحول الطاقة في تلبية "عُشر" الطلب على الكهرباء في باكستان، ما أسهم في تعويض الارتفاع الجنوني بالأسعار على مدار 3 سنوات.
ومن جانب آخر، تعزز توسعة انتشار الألواح الشمسية من تنفيذ التزام باكستان تجاه مصادر الطاقة المتجددة، بسيطرتها على 30% من المزيج بحلول 2030.
ودعمت الحكومة توجهها الداعم لذلك بطرح نظام "القياس الصافي" -قبل 10 سنوات- ، الذي تشتري بموجبه فائض التركيبات الشمسية المنزلية وتضخّها في الشبكة، لتشجيع نشر الألواح الشمسية ودعم تكلفتها المرتفعة على المستهلك آنذاك.
أزمة الكهرباء في باكستان
استمرت أزمة الكهرباء في باكستان، رغم محاولات الحكومة تشجيع نشر الألواح الشمسية، وشراء فائض إنتاج الأسر.
وقد يعود ذلك إلى "ازدواجية" سياسة الحكومة تجاه القطاع، إذ تزامن تشجيع الاعتماد على مصادر متجددة بطرح نظام "القياس الصافي"، مع ضخ مليارات الدولارات في بناء محطات الكهرباء وتوقيع صفقات استيراد الغاز المسال طويلة الأجل.
ورغم أن هذه المخصصات ساعدت في التغلب على انقطاع التيار، فإن فجوة تكلفة المحطات الجديدة مقابل معدل الطلب المنخفض من قبل المستهلكين فاقمت الأعباء الاقتصادية، خاصة مع الاندفاع تجاه الطاقة الشمسية الأقل تكلفة.
وتسببت هذه الفجوة في رفع تراكم ديون قطاع الكهرباء والغاز إلى أن بلغت 18 مليار دولار، غالبيتها أُنفقت على شراء فائض إمدادات الكهرباء الشمسية.
ولحلّ أزمة الكهرباء في باكستان، اقترحت الوزارة المعنية إدخال تعديلات على نظام "صافي القياس"، تتضمن:
- خفض سعر الشراء الكهرباء، من 27 روبية (0.095 دولارًا أميركيًا) للوحدة، إلى 10 روبيات.
- فرض ضرائب بنسبة 18% على واردات الألواح الشمسية وفق مقترح حكومي معلن في يونيو/حزيران الماضي، وخُفضت هذه النسبة إلى 10%.
ووجهت الحكومة انتقادات للألواح الشمسية المستوردة، واتّهمتها بالإضرار بالصناعة المحلية، خاصةً الأعباء المالية لشبكة الكهرباء في باكستان.

حلول ضرورية
وصف وزير الكهرباء الباكستاني أويس ليغاري تعديلات نظام "القياس الصافي" بـ"الضرورية"، بحسب ما نقلت عنه صحيفة فايننشال تايمز.
وأوضح "ليغاري" أن تكلفة كهرباء الشبكة المثقلة بالديون تتحملها حاليًا الأسر الأكثر فقرًا، خاصة مع توجُّه الفئات الأغنى إلى الطاقة الشمسية.
وقال، إن الوزارة تشتري فائض كهرباء الألواح الشمسية بسعر أعلى بقيمة 17 روبية، مقارنة بأسعار المصادر الأخرى.
وتأتي هذه المقترحات ضمن إطار محاولة السيطرة على نزيف ديون شبكة الكهرباء في باكستان، مع توسعة الاعتماد على الألواح الشمسية الصينية زهيدة التكلفة.
ومقابل ذلك، قد يدفع المقترح الحكومي نحو زيادة شراء مستهلكي الألواح الشمسية لبطاريات التخزين، للاستفادة من الفائض في الاستهلاك الليلي بدلًا من بيعه للحكومة بأسعار مخفضة حال إقرار المقترح.
كما تُشير التوقعات إلى زيادة الإقبال على شراء محولات الكهرباء الهجينة، التي تنظّم تردُّد التيار في عمليات التخزين والنقل للشبكة.
وكانت الحكومة الباكستانية قد طرحت في مقترح سابق (تقليص مدة تراخيص عقود القياس الصافي، وإلزام المستهلكين بتركيبات بقدرة محددة تلائم معدل الاستهلاك، لتقليص الفائض)، لكن هذه المقترحات قوبلت بالرفض.
واستند المعارضون للمقترح -المطروح في مارس/آذار الماضي- إلى أن هذه الخطوات ستؤدي إلى تكلفة تتراوح بين 30 و60 روبية للوحدة تضاف لكاهل المستهلك والصناعات، لتصبح بين أعلى المعدلات الإقليمية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..