تقود شركة هيدروجين عمان (هايدروم) إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، لتحقيق أقصى استفادة من إمكانات البلاد الطبيعية، والوصول إلى الريادة عالميًا.
وتُعد سلطنة عُمان في طريقها لتصبح سادس أكبر مُصدر للهيدروجين عالميًا، والأكبر في الشرق الأوسط، بحلول عام 2030.
وسلّط تقرير حديث، اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، الضوء على الخطوات التي أنجزتها سلطنة عمان لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، مع تقليل الاعتماد على النفط والغاز في مزيج الطاقة المحلي.
وكُلّفت شركة هايدروم بقيادة إستراتيجية الهيدروجين وإدارتها، جنبًا إلى جنب مع جهود وزارة الطاقة والمعادن لتطوير قطاع الطاقة المتجددة في البلاد.
وتعمل عدة شركات عالمية -في مقدمتها اليابان التي تُعد شريكًا إستراتيجيًا لسلطنة عمان- لمساعدة البلاد على تحقيق أهدافها في مجال الهيدروجين والطاقة المتجددة، عبر توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم.
هايدروم تقود إستراتيجية الهيدروجين الأخضر
تهدف سلطنة عمان -حاليًا- إلى إنتاج ما لا يقل عن مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030، وما يصل إلى 3.75 مليون طن بحلول عام 2040، وما يصل إلى 8.5 مليون طن بحلول عام 2050، وهو ما سيفوق إجمالي الطلب على الهيدروجين في أوروبا اليوم.
وسيمثّل هدف الهيدروجين لعام 2040 نسبة 80% من صادرات سلطنة عمان الحالية من الغاز المسال من حيث الطاقة المكافئة، في حين أن تحقيق هدف 2050 سيضاعف هذه النسبة تقريبًا.
وسرد المدير العام لشركة هايدروم، عبدالعزيز الشيذاني، تاريخ الشركة، قائلًا: "أُطلقت شركة هايدروم رسميًا في عام 2022 بتوجيهات ملكية سامية لقيادة تنفيذ إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان".
وأشار إلى أن صلاحيات الشركة -بصفتها الجهة المنظمة الوطنية- تشمل وضع الإستراتيجية وتقديم المشورة إلى الحكومة بشأن السياسات والإطار القانوني للقطاع، بالإضافة إلى تحديد الأراضي المملوكة للحكومة والمخصصة للهيدروجين.
كما تتولى هايدروم مسؤولية هيكلة المشروعات واسعة النطاق، وإدارة عملية التخصيص للمطوّرين، وتمكين تطوير البنية التحتية المشتركة والمراكز الصناعية ذات الصلة.
وتابع الشيذاني: "في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أطلقت هايدروم أول جولة مزادات للهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، مع التركيز على منطقة الدقم، التي اختتمت بنجاح بتوقيع عقدَيْن لمدّة 47 عامًا مع اتحادات دولية".
وأوضح أنه "لضمان منظومة متكاملة، تعمل هايدروم إما على معالجة الثغرات بصورة مباشرة وإما الدخول في شراكات إستراتيجية.. وبالتوازي مع ذلك، أطلقنا مسار عمل منفصلاً يُسمّى (المبادرات القديمة) للتعاون مع المطوّرين الذين حدّدوا بالفعل أراضيهم، شريطة أن تتوافق مع الأطر التنظيمية".
ومن خلال هذا النهج، وقّعت الشركة 3 مشروعات إضافية في الدقم، ليصل إجمالي عدد التحالفات إلى 5 مع مستثمرين متنوعين، من أوروبا وآسيا وسلطنة عمان، بحسب ما أكده الشيذاني في تصريحاته إلى صحيفة "ذا جابان تايمز" (The Japan Times).
كما قال: "في يونيو/حزيران من العام الماضي (2024)، فتحنا فرصًا جديدة في ظفار، وأغلقنا بنجاح الجولة الثانية بتوقيع مزادَيْن علنييْن ومبادرة قديمة واحدة.. أدت الشركات اليابانية دورًا رئيسًا، إذ قادت ماروبيني (Marubeni) مشروع صلالة إتش 2 القديم في صلالة، وانضمت جيه-باور (J-Power) إلى مجموعة إي دي إف (EDF) في مناقصة عامة".
وذكر المدير العام لشركة هايدروم، عبدالعزيز الشيذاني أن خريطة طريق الشركة تنقسم إلى 3 مراحل:
- المرحلة الأولى، من عام 2025 إلى عام 2030، تركز على إطلاق المشروعات، وتأمين اتفاقيات الشراء، وإبرام صفقات طويلة الأجل لإنتاج الهيدروجين واستهلاكه.
- أما المرحلة الثانية، من عام 2030 إلى عام 2040، فتوسّع دور الشركة وتخلق المزيد من الفرص المحلية.
- المرحلة الثالثة، من عام 2040 إلى عام 2050، هي دمج كامل للهيدروجين في اقتصاد الطاقة في سلطنة عمان.
وقال: "رؤيتنا هي أن نجعل سلطنة عمان مركزًا عالميًا للهيدروجين الأخضر، في حين تتمثّل مهمتنا في تعظيم القيمة الاقتصادية من خلال هذا القطاع".
مزايا الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان
في الوقت الذي تتنافس فيه العديد من الدول لترسيخ مكانتها بوصفها رائدة في مجال الهيدروجين الأخضر، تتمتع سلطنة عمان بفرصة فريدة، للاستفادة من مزاياها الجغرافية ومواردها من الطاقة المتجددة.
وفي هذا الصدد، قال المدير العام لشركة هايدروم، عبدالعزيز الشيذاني: "تتمتع سلطنة عمان بميزة تنافسية، فهي جغرافيًا توفّر طرقًا تجارية مباشرة دون المرور عبر مضيق هرمز الذي يُعد بمثابة نقطة بيع مهمة.. نحن قريبون من المواني المُدارة دوليًا، بما في ذلك صلالة، ذات السجل العالمي القوي".
وأضاف: "تتمتع البلاد -أيضًا- بأراضٍ شاسعة غير مأهولة بالسكان، مع إمكاناتٍ للطاقة الشمسية وطاقة الرياح على مدار العام، ما يُتيح إنتاجًا عاليًا من الطاقة المتجددة بتكاليف تنافسية عالميًا".
وأوضح أن السلطنة كانت تهدف إلى رؤية واضحة وإطار تنظيمي، وقد تم إرساء كليهما الآن من خلال شركة هايدروم؛ وقد غرس هذا ثقة المستثمرين، ما ساعد سلطنة عمان على تأمين مكانة رائدة في مجال الهيدروجين الأخضر في غضون عامَيْن فقط.
ورغم تحقيق الكثير خلال السنوات الـ3 التي انقضت منذ تأسيس شركة هايدروم، فإن هذه مجرد البداية؛ فقد فُتحت بالفعل جولة ثالثة من المناقصات العامة على الأراضي المخصصة لمشروعات الهيدروجين الأخضر.
وتهدف هذه العملية إلى جذب المستثمرين الدوليين والمحليين، مع التركيز على تعزيز القيمة المحلية المضافة وتجهيز البنية التحتية اللازمة.
وستطرح جولة المناقصات الجديدة آلياتٍ مبتكرة، مثل المزادات الثنائية، وإستراتيجياتٍ مُحسّنة للمناطق، وعملياتٍ مُبسطة لمواءمة إنتاج الهيدروجين مع صناعاتٍ مثل الفولاذ الأخضر والأسمدة.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أشار الشيذاني إلى أنه من المتوقع تسلّم العروض بحلول نهاية العام الجاري (2025)، على أن تُمنح العقود في أوائل عام 2026.
وأضاف: "سلطنة عمان منفتحة وجاهزة وملتزمة بقيادة المرحلة التالية من التحول العالمي في مجال الطاقة، ونرحب بالشركات التي تشاركنا رؤيتنا والمستعدة للنمو معنا".
دور اليابان بقطاع الطاقة المتجددة في سلطنة عمان
في الوقت الذي تعمل فيه شركة هايدروم على ترسيخ مكانة سلطنة عمان بوصفها رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، تولي وزارة الطاقة والمعادن على تركيزها على تطوير قطاع الطاقة المتجددة في البلاد، من خلال مشروعات واسعة النطاق للطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ووفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تهدف السلطنة إلى تطوير 5 آلاف ميغاواط من الطاقة الشمسية و1150 ميغاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2030، وهو ما سيكون أساسيًا لتحقيق نسبة تتراوح بين 30% و40% من الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء.
ولتحقيق هذه الأهداف، أطلقت سلطنة عمان العديد من المشروعات الكبرى، وتلقت دعمًا كبيرًا من شركات في اليابان.
وصرّح وزير الطاقة والمعادن العماني، المهندس سالم بن ناصر العوفي، قائلًا: "لقد كان لمشاركة اليابان في هذا التحول نحو الطاقة المتجددة دورٌ أساسي".
وتابع: "قادت شركة ماروبيني تطوير أول مشروع لتوليد الطاقة الشمسية في سلطنة عمان بقدرة 100 ميغاواط في منطقة أمين.. بالإضافة إلى ذلك، تتعاون شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة مع سلطنة عمان لتطوير توليد الكهرباء باستعمال الغاز والهيدروجين، ما يعزّز التزام البلدَيْن بالتحول في مجال الطاقة".
علاوةً على ذلك، وقّعت وزارة الطاقة والمعادن العمانية ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية مؤخرًا مذكرة تفاهم مع المنظمة اليابانية للمعادن وأمن الطاقة لتعزيز التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي والطاقة النظيفة.
وقال الشيذاني: "اليابان شريك إستراتيجي لسلطنة عمان، وقد اكتسبت هذه العلاقة زخمًا كبيرًا خلال العامَيْن الماضيين".
وأضاف: "أرست مذكرة التفاهم الموقعة مع وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية إطارًا قويًا للتعاون في مجال الطاقة النظيفة.. منذ ذلك الحين، شهدت السلطنة تبادلات حكومية رفيعة المستوى، واستمر نمو الاستثمارات اليابانية في قطاعات الطاقة والخدمات اللوجستية والهيدروجين في السلطنة".
وأوضح أن شركات مثل ماروبيني وميتسوبيشي وجيه-باور، عززت حضورها، بدعم من وكالات ائتمان الصادرات، بما في ذلك بنك اليابان للتعاون الدولي.
وخلافًا للعديد من الاتفاقيات الرمزية، يجري تنفيذ مذكرة التفاهم هذه؛ وتشارك شركتان يابانيتان بالفعل في برنامج الهيدروجين العماني، حيث تُجرى حاليًا مناقشات تنظيمية وتخطيط فني، ما يُترجم الاتفاقية إلى تقدم ملموس.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
){kind=link}