اعرف نتيجتك الآن - موقع عاجل نيوز
أخبار عاجلة
عاجل|زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب إندونيسيا -

التمويل المناخي في أفريقيا.. عوائق تمنع تدفق الاستثمارات الخضراء (مقال)

التمويل المناخي في أفريقيا.. عوائق تمنع تدفق الاستثمارات الخضراء (مقال)
التمويل المناخي في أفريقيا.. عوائق تمنع تدفق الاستثمارات الخضراء (مقال)
اعرف نتيجتك الآن - موقع عاجل نيوز

يُعدّ التمويل المناخي إحدى الأدوات الضرورية لمواجهة الآثار الكارثية التي باتت تهدد العديد من المجتمعات، وفي مقدمتها دول الجنوب العالمي.

اعرف نتيجتك الآن - موقع عاجل نيوز

ففي كل قمة مناخية، يتكرر الإجماع نفسه: أفريقيا هي القارة الأقل مسؤولية عن التغير المناخي، لكنها الأكثر تضررًا من تداعياته، فيما لا تتجاوز إسهاماتها 4% من الانبعاثات العالمية.

وعلى الرغم من ذلك تتصدّر دول القارة قائمة المناطق التي تعاني من آثار مناخية كارثية: موجات جفاف متكررة في منطقة الساحل، وفيضانات مدمّرة في شرق القارة، وتصحّر متسارع، وارتفاع غير مسبوق في أسعار الغذاء.

ورغم هذه الصورة، ما تزال أفريقيا على هامش خريطة التمويل المناخي العالمي، إذ لا تتجاوز حصتها من تدفقات التمويل المناخي 5-7%، حسب تقرير مشترك صادر عن "مبادرة سياسات المناخ" (CPI) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) لعام 2023، وهي نسبة لا تعكس حجم الحاجة ولا عمق التأثر.

كل ذلك يطرح العديد من الأسئلة: هل الخلل في آليات التمويل الدولية.. أم في قدرة القارة على الوصول إليه؟

التمويل المناخي في أفريقيا

بلغ إجمالي التمويل المناخي العالمي في عام 2023 نحو 1.3 تريليون دولار، وفقًا لمبادرة سياسات المناخ، إلا أن أفريقيا لم تحصل سوى على 30 مليار دولار فقط، أي ما يعادل أقل من 2.3%.

في المقابل، يُقدّر البنك الأفريقي للتنمية أن القارة بحاجة إلى ما بين 160 و190 مليار دولار سنويًا حتى عام 2030 لتحقيق أهداف التكيف والتخفيف، ما يكشف عن فجوة تمويلية ضخمة تُقارب 130 مليار دولار سنويًا.

هذه الفجوة ليست مجرد أرقام، بل تعكس واقعًا تنمويًا هشًا وتهديدًا مباشرًا لاستقرار المجتمعات، خاصةً أن التمويل المناخي ليس ترفًا، بل ضرورة لبناء قدرة القارة على مواجهة الانهيارات البيئية المقبلة.

مكافحة تغير المناخ

العوائق البنيوية داخل أفريقيا

التحديات التي تعوق استفادة أفريقيا من التمويل المناخي لا تنبع كلها من الخارج، فداخل القارة نفسها، تواجه العديد من الدول مشكلات هيكلية مزمنة تقف حائلًا أمام قدرتها على جذب التمويل أو توظيفه بفاعلية. فغالبًا ما تُعد المشروعات بطريقة لا تستوفي المعايير الدولية المطلوبة، كما تعاني معظم الدول من نقص حاد في البيانات المناخية الدقيقة التي تشكل شرطًا أساسيًا لأي جهة مانحة.

وإلى جانب ذلك، تفتقر المؤسسات الرقابية إلى الاستقلالية والفاعلية، وسط ضعف في الشفافية، وغياب المشاركة المجتمعية، لا سيما من النساء والشباب، في بلورة الحلول المناخية، وتُفاقم هذه الإشكالات البيروقراطية والفساد الإداري، ما يعمّق فجوة الثقة مع الممولين الدوليين.

ولخص تقرير اللجنة الاقتصادية لأفريقيا (UNECA 2022) هذا الواقع بقوله إن "القدرة المحدودة على تطوير مشروعات مناخية قابلة للتنفيذ تمثّل أحد أبرز التحديات التي تواجه القارة في الحصول على نصيب عادل من التمويل المناخي العالمي".

أزمة ثقة تعمّق الفجوة

من جهة أخرى، لا يمكن إغفال تحفظ المانحين الدوليين على تمويل مشروعات لدى دول تعاني من هشاشة سياسية أو ضعف في آليات التنفيذ.

وتظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD 2023) أن معظم التمويل يوجّه نحو دول متوسطة الدخل، في حين تُهمّش البلدان الأفريقية الفقيرة، تحت ذريعة المخاطر السيادية أو ضعف الحوكمة.

هذا التصور، وإن استند إلى معطيات حقيقية في بعض الحالات، إلا أنه يتحوّل في أحيان كثيرة إلى تحيّز مؤسسي يُقصي دولًا لديها خطط إصلاح طموحة. وتُفضي هذه النظرة إلى حلقة مفرغة: غياب الثقة يؤدي إلى تراجع التمويل، وتراجع التمويل يعوق جهود الإصلاح ويعمّق التحديات.

خطوات إصلاحية لا بد منها

إذا أرادت أفريقيا قلب المعادلة، فلا بد من تحرك مزدوج -داخلي وخارجي- يعيد بناء الثقة ويؤسّس لعدالة مناخية حقيقية.

أولًا: داخليًا

  • تعزيز القدرات المؤسسية والتقنية في إعداد وتنفيذ المشروعات المناخية.
  • تحسين جودة البيانات والرقابة البيئية باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
  • إنشاء وحدات رقابة مستقلة لتعزيز الشفافية والمساءلة البيئية.
  • إشراك النساء والشباب في وضع السياسات والمشروعات المناخية.
  • مكافحة الفساد البيئي وتحسين مناخ الحوكمة.

ثانيًا: دوليًا

  • إصلاح منظومة التمويل المناخي لتكون أكثر عدالة ومرونة مع الدول الهشة.
  • إطلاق أدوات تمويل مبتكرة مثل الضمانات الإقليمية المشتركة لتقليل المخاطر.
  • دعم منصات أفريقية للتمويل، كما تم في برنامج تسريع التكيف في أفريقيا الذي يقوده البنك الأفريقي للتنمية بالتعاون مع مركز التكيف العالمي، ويهدف إلى حشد تمويل يفوق 25 مليار دولار بحلول 2025.
  • الضغط السياسي والإعلامي الجماعي في المؤتمرات المناخية، وتوحيد الموقف الأفريقي للدفاع عن استحقاقات القارة المالية.

تغير المناخ في أفريقيا

التمويل المناخي.. حقّ لا منّة

لا ينبغي النظر إلى التمويل المناخي الموجّه إلى أفريقيا بوصفه منحة أو مكرمة، بل بصفته استحقاقًا قائمًا على مبدأ العدالة المناخية. فالدول الصناعية، المسؤولة تاريخيًا عن أغلب الانبعاثات، تتحمّل واجبًا أخلاقيًا وماليًا تجاه الدول المتضررة، وفي مقدّمتها أفريقيا التي لا تتجاوز إسهاماتها 4% من الانبعاثات، رغم كونها الأكثر تأثرًا.

وتُعد تجربة برنامج تسريع التكيف في أفريقيا (AAAP) مثالًا حيًا على جدوى التمويل العادل، إذ أُطلق في 2021 بمبادرة من البنك الأفريقي للتنمية ومركز التكيف العالمي، ونجح حتى منتصف 2025 في تعبئة أكثر من 12.5 مليار دولار، دعمت مشروعات التكيّف في 40 دولة، واستفاد منها أكثر من 60 مليون شخص، وخلقت نحو مليون فرصة عمل خضراء.

وفي 2024، نال البرنامج جائزة الاستثمار في الإسهامات المحددة وطنيًا ضمن قمة الأمم المتحدة للاستثمار المناخي، تقديرًا لأثره العملي، وهذه التجربة تؤكد أن أفريقيا لا تفتقر إلى الكفاءة، وإنما إلى الثقة والشراكة العادلة.

ختامًا فإن التمويل المناخي في أفريقيا لا يجب أن يُعامل بوصفه "مكرمة"، بل بصفته استحقاقًا قائمًا على العدالة المناخية. فدون توفير الدعم المالي المناسب، لن تتمكن الدول الأفريقية من الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون أو من التكيف مع تداعيات تغيّر المناخ التي تتفاقم يومًا بعد يوم.

المعادلة واضحة: لا تنمية خضراء في أفريقيا دون ثقة وتمويل، ولا ثقة دون شراكة عادلة وهيكل مؤسسي فعّال.

* د. منال سخري - خبيرة وباحثة في السياسات البيئية.

* هذا المقال يعبّر عن رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رابط نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر موقع وزارة التربية والتعليم
التالى «نوعية كفر الشيخ» تحصد 15 مركزًا متقدمًا في مختلف مجالات التميز الفني والعلمي بملتقى الإبداع السادس