أخبار عاجلة

شبح إقامة الدولة الفلسطينية.. ضوء فى الأفق المسدود

شبح إقامة الدولة الفلسطينية.. ضوء فى الأفق المسدود
شبح إقامة الدولة الفلسطينية.. ضوء فى الأفق المسدود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 بينما يتواصل مشهد العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة منذ عامين، وتستمر مخططات الإبادة والتطهير العرقي والتجويع والتهجير القسري، وبينما تتباهى الحكومة اليمينية الإسرائيلية بقيادة نتنياهو بانتصاراتها المزعومة، وتعلن مخططاتها الجديدة للسيطرة على مدينة غزة كمدخل للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، يخيم على الفضاء السياسي والشعبي العالمي شبحٌ يهز كيان اليمين الصهيوني، ويفسد أحلامهم العنصرية والاستيطانية، هو شبح إقامة الدولة الفلسطينية، فهل ينتقل هذا الشبح من الفضاء السياسي والإنساني الدولي؟ ليجد له مكانًا على الأرض الفلسطينية؟.

بين المستويين الشعبي والسياسي

في تحول نوعي، تطورت المطالب الشعبية في أربعة أركان الأرض بضرورة وقف الحرب، ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني الذي استمر لمدة عامين في غزة والضفة، إلى وقف الحرب وإقامة الدولة الفلسطينية، ولم تقف المطالبات بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية عند حدود التعاطف الشعبي الإنساني، بل تخطته وانتقلت إلى المستوى السياسي، وتدعمت بقرارات محكمة العدل الدولية التي أكدت على وصف الوجود الإسرائيلي في الضفة وغزة بالاحتلال، وأكدت على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في أرضه، وخطت هذه الدعوات السياسية خطوات هامة نقلتها من المستوى الشعبي العاطفي والإنساني، إلى المستوى السياسي والقانوني الدولي، عندما دخلت هذه القضية إلى أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وخرجت منها بموافقة ١٤٢ دولة على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ومثل المستوى الشعبي والقانوني والسياسي ضغوطًا سياسية على عديد الحكومات الغربية لإعلان نيتها في الأيام والشهور القادمة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية، وهكذا تضافرت المشاعر العاطفية الشعبية الرافضة لحرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، مع المستويات السياسية والقانونية والأممية لتجعل من قضية إقامة الدولة الفلسطينية شبحًا يخيم على الفضاءات السياسية الدولية، خاصة بين البرلمانات والحكومات الصديقة لدولة إسرائيل، وهو تحول نوعي جديد ينبغي التعامل معه بالجدية الواجبة.

تعنت الحكومة اليمينية وتطرفها

في المقابل، وبينما يحدث هذا التحول النوعي العالمي، إلا أن الدولة العبرية تسيطر على الحكم فيها حكومة يمينية متطرفة، تضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية، ولا تعطي أذنًا صاغية لمشاعر الشعوب وعواطفها ومناشداتها بوقف الحرب ووقف التجويع والتهجير والإبادة، ولا تعطي بالًا لنداءات المستويات والحكومات والمؤسسات الإقليمية أو الدولية، وتتهم العالم كله - ما عدا الحكومة الأمريكية - بكراهية دولة إسرائيل ودعمها للإرهاب الفلسطيني وعدائها للسامية، وهي فضلًا عن ذلك تتلبسها أوهام إقامة إسرائيل الكبرى، بقضم كل أرض فلسطين التاريخية بما فيها الضفة وغزة، والتمدد في لبنان وسوريا ومصر، وهي تفعل ذلك انطلاقًا من أوهام دينية توراتية، وانطلاقًا من قدرتها على تحييد وإضعاف قوة حماس وحزب الله وإيران، خاصةً بعد سقوط الدولة الوطنية في سوريا وتفكيك الجيش الوطني السوري وقيام حكومة جديدة هناك، فهل معنى ذلك أن شبح إقامة الدولة الفلسطينية سوف يختفي بمجرد تجاهل ورفض الحكومة اليمينية له؟.

الكيان في أضعف حالاته

لا يجب النظر إلى تعنت الحكومة الصهيونية اليمينية في إسرائيل باعتباره دليل قوة، بل ربما يكون على العكس من ذلك دليل ضعف وهشاشة وخوف من المستقبل، فمن المفارقات السياسية أن القوة المفرطة للعدوان الإسرائيلي للسيطرة على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، بهدف القضاء على حماس واستعادة المحتجزين، الذي وصل في حسابات الزمن إلى عامين، وتوسع باتجاه لبنان وإيران وسوريا واليمن، وهذا التوسع الإسرائيلي في القتال على عدة جبهات ليس دليل قوة ولا دليل إنجاز، بل دليل اندفاع بهدف استمرار القتال فقط، خوفًا وتحاشيًا لقرار وقف الحرب والعدوان، الذي تبدأ بعده حسابات المكسب والخسارة، وتبدأ الحسابات السياسية والانتخابية، وعلى رأسها انطلاق المحاكم الإسرائيلية في بحث اتهامات الفساد ضد رئيس الوزراء، وما سوف يزيد عليها من اتهامات موجهة من أهالي المحتجزين، ومن قوى المعارضة، ومن أهالي الجنود الذين فقدوا في الحرب، وبعيدًا عن هيمنة أيدولوچيا اليمين الديني على عقولهم في صورة أوهام إقامة إسرائيل الكبرى، ستنطلق أسئلة الواقع من كل اتجاه، وعلى رأس هذه الأسئلة سوف تأتي أسئلة المعارضة وأساتذة الجامعات والطلاب: من الذي زرع هذا الانقسام الأفقي والرأسي داخل الكيان الصهيوني؟ ومن الذي أساء لسمعة إسرائيل إلى هذه الدرجة؟ وأهانها أمام كل دول وشعوب العالم؟ وقدمها كدولة عنصرية فاقت مذابحها وتطهيرها العرقي كل جرائم النازية؟ ومن الذي جعلها مكروهة من دول العالم إلى هذه الدرجة؟ وخاصة من الدول والشعوب التي كانت صديقة لها في أوروبا؟.

أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية

وعلى الرغم من وجود حكومة يمينية في إسرائيل، تضرب عرض الحائط بتحولات الواقع الشعبي والدولي الجديد لصالح القضية الفلسطينية، إلا أن الاندفاع الراهن لتحويل شبح الدولة الفلسطينية إلى واقع سياسي، بالاندفاع باتجاه الحفاظ على الرأي العام الدولي المساند للقضية، والاندفاع باتجاه اعتراف الدول والحكومات بالدولة الفلسطينية، هو من جهة تأكيد لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية، وحقه في الحفاظ على هويته الفلسطينية، واستثمار سياسي للواقع الدولي الجديد، الذي نشأ كرد فعل على العدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني، ومكافأة لصموده الأسطوري على أرضه ورفضه التهجير الطوعي أو القسري، الذي لا نتيجة له إلا تصفية القضية الفلسطينية.

يبقى أن ظهور شبح إقامة الدولة الفلسطينية في ظل هذه الظروف التي يمر بها الواقع الإقليمي والعربي، هو ضوء سياسي ومخرج سياسي للأفق المسدود، الذي صنعته وتسعى للحفاظ عليه حكومة إسرائيل اليمينية. إن وقف الحرب ووقف العدوان ورفع شعار الاعتراف بالدولة الفلسطينية الآن، هو المعادل السياسي السليم لرفض العدوان ورفض استمرار الحرب ورفض التهجير ورفض تصفية القضية الفلسطينية. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عفت نصار: مستوى الزمالك يرتفع تدريجيا من مباراة لأخرى..وتجربة جون إدوارد ناجحة
التالى المنشاوي يشهد مراسم تحية العلم بجامعة أسيوط الأهلية فى أول أيام العام الجامعي