أخبار عاجلة

مرتقب في نيويورك: لقاء يجمع الرئيس الأمريكي والشرع على هامش جمعية الأمم المتحدة.. ماذا يريد ترامب؟

في منتصف مايو 2025، شهد العالم حدثًا غير متوقع حين اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، في لقاء هو الأول من نوعه منذ ربع قرن بين زعيم أمريكي ونظيره السوري. اللقاء، الذي جرى على مستوى رفيع وبحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وعدد من كبار المسؤولين الأمريكيين والسعوديين، شكَّل نقطة تحوّل كبرى في المشهدين الإقليمي والدولي. 

بأول لقاء بينهما.. ترامب يحث الشرع على

تزامن الإعلان عن هذا اللقاء مع قرار ترامب المفاجئ برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وطرحه مقترحات تتعلق بانضمام دمشق إلى الاتفاقيات الإبراهيمية وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. توقيت هذا الاجتماع – في لحظة حساسة من التحولات الإقليمية – والمناصب التي شاركت فيه، أضفى على الحدث بعدًا استراتيجيًا لا يقتصر على إعادة رسم العلاقات السورية-الأمريكية فحسب، بل يمتد ليعيد خلط الأوراق في الشرق الأوسط بأسره.

لقاء ثانٍ.. صعود الشرع على منصة الجمعية العامَّة للأمم المتحدة

في هذا السياق، لم يكن من المستغرب أن تتسارع الخطوات نحو لقاء ثانٍ بين ترامب والشرع، لكن المفاجأة جاءت في طبيعة التوقيت والمكان؛ إذ اختار الرئيس الأمريكي منصة الأمم المتحدة لفتح صفحة جديدة مع دمشق، وهي سابقة تعكس رغبة واشنطن في إضفاء شرعية دولية على مسار المرحلة الانتقالية في سوريا. وجود الشرع في نيويورك، وهو لا يزال على قوائم العقوبات الأممية، يمثل تحديًا مباشرًا لبنية النظام الدولي، ويضع المنظمة الدولية أمام اختبار صعب بين احترام قراراتها السابقة وبين الانخراط في واقع سياسي جديد تصوغه القوى الكبرى. كثير من المراقبين اعتبروا أن مجرد الإعلان عن الاجتماع بمثابة إشارة إلى أن الملف السوري بات يُدار من مستوى القيادة العليا عالميًا، وأن الملفات التقليدية مثل محاربة الإرهاب أو إعادة الإعمار لم تعد بمعزل عن التوازنات الجيوسياسية الأوسع.

وعلى الجانب الآخر، يثير صعود الشرع إلى منصة الجمعية العامة لأول مرة منذ أكثر من ستة عقود جدلًا واسعًا داخل الأوساط الدبلوماسية والإعلامية. فبينما ينظر أنصاره إلى ظهوره كـ "انتصار سياسي" يعيد سوريا إلى مقعدها الطبيعي بين الدول، يرى آخرون أن هذه الخطوة قد تكون مقامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة إذا ما ارتبطت بتعهدات حول الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية أو إعادة رسم علاقات دمشق مع إسرائيل. وفي كل الأحوال، فإن مشاركة الشرع في نيويورك ستُقرأ كعلامة فارقة في مسار الأزمة السورية، إذ تجمع بين الرمزيات التاريخية والرهانات المستقبلية، وتفتح الباب أمام مرحلة سياسية لم يكن من السهل تصورها قبل عام واحد فقط.

ماذا يريد ترامب من الشرع؟

في ظل التحولات المفاجئة التي أعقبت لقائه بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، بدا واضحًا أن ترامب يسعى إلى رسم دور جديد للولايات المتحدة في الملف السوري، يقوم على المزج بين الجزرة والعصا: رفع العقوبات لإعطاء دمشق متنفسًا اقتصاديًا وسياسيًا، مقابل التزامات محددة تصب في مصلحة واشنطن وحلفائها. فالرئيس الأمريكي أكد أن قراره برفع العقوبات لم يكن مجرّد خطوة إنسانية، بل رهان على أن الشرع قادر على قيادة بلاده نحو مسار مختلف، مع احتمال أن يتحول ذلك إلى ورقة مساومة أوسع في سياق إعادة تشكيل توازنات الشرق الأوسط.

كما أن تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، بأن ترامب حثّ الشرع على "تحمل مسؤولية مراكز احتجاز عناصر داعش في شمال شرقي سوريا"، تعكس رغبة واشنطن في تخفيف أعباء الملف الأمني عنها وعن حلفائها، وإعادة تحميل المسؤولية الكاملة للنظام السوري الجديد. في الوقت ذاته، لا يغيب البعد الإسرائيلي عن الحسابات الأمريكية؛ فالدعوة إلى تطبيع العلاقات عبر الاتفاقيات الإبراهيمية تضع دمشق أمام خيار صعب: إما الانخراط في مسار تقوده واشنطن وتل أبيب، أو مواجهة عزلة جديدة.

وتأتي هذه المناورة في توقيت إقليمي شديد الحساسية، إذ تتعرض الحدود السورية لقصف متكرر، بينما يزداد التوتر بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي. فبينما تعارض غالبية دول العالم العقوبات الأمريكية على إيران وتدعو إلى حل دبلوماسي، تواصل الإدارة الأمريكية استخدام ورقتي العقوبات والفرص وفق ما تراه مناسبًا لمصالحها، مستفيدة من حالة الارتباك الدولي وصمت المؤسسات الأممية. بذلك، يظهر أن ما يريده ترامب من الشرع يتجاوز حدود الملف السوري، ليصبح جزءًا من إستراتيجية أوسع تستهدف ضبط الإقليم بأكمله عبر إعادة صياغة العلاقات والتحالفات على مقاس المصالح الأمريكية.

بعد لقاء الشرع| ترامب يُثير التكهنات: هل يُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد؟
انفتاح الشرع على واشنطن.. نهاية مرحلة الأسد وخسارة لإيران

انفتاح الشرع على واشنطن.. نهاية مرحلة الأسد وخسارة لإيران

اعتمادًا على ما سبق، يمكن القول إن الموقف المحتمل للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع سيبدّل المشهد السياسي بصورة جذرية، إذ إن انفتاحه على الحوار مع الولايات المتحدة يضع سوريا على مسار مغاير تمامًا لما كان عليه الحال في عهد سلفه بشار الأسد، الذي كان يرفض أي تقارب جاد مع واشنطن ويفضّل الارتماء في أحضان المحور الإيراني–الروسي. الشرع، من خلال استعداده للانخراط في مسار تفاوضي مع الأمريكيين، يفتح نافذة سياسية جديدة يمكن أن تعيد صياغة موقع دمشق في النظام الدولي، وتجعلها شريكًا – ولو مشروطًا – في ترتيبات إقليمية أوسع.

هذا التحول لا يقتصر على الجانب السوري–الأمريكي، بل ينعكس أيضًا على موازين القوى الإقليمية، إذ يُنظر إلى سقوط الأسد في 8 ديسمبر 2024، كخسارة استراتيجية لإيران، كما في تقرير عن مكتبة البرلمان البريطاني في 23 يولويو 2025، فقد فقدت أحد أهم حلفائها وأكثرهم التصاقًا بأجندتها في المنطقة. 

وفي الوقت الذي يمد فيه الشرع يده نحو واشنطن، تجد طهران نفسها أمام واقع سياسي يهدد نفوذها التقليدي في سوريا ويقوض استثماراتها العسكرية والاقتصادية هناك. وبالتالي، فإن انفتاح الشرع على الحوار مع الولايات المتحدة لا يمثل فقط تغييرًا في النهج الدبلوماسي السوري، بل هو أيضًا رسالة ضمنية بانتهاء مرحلة التبعية لإيران، وبداية مرحلة جديدة قد تعيد رسم خريطة التحالفات في الشرق الأوسط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا في الدوري الإسباني.. غيابات كثيرة
التالى قطاع البنوك يختتم تعاملات اليوم بالبورصة بحجم تداولات 137,780 مليون جنيه