في ظل التوترات الاقتصادية العالمية المتزايدة، يبرز سؤال حول سياسات الولايات المتحدة: لماذا تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى خفض قيمة الدولار الأمريكي أمام سلة من العملات الرئيسية مثل اليورو والين والجنيه الإسترليني؟.
ومع انخفاض مؤشر الدولار بنسبة تقارب 10% في النصف الأول من 2025، أصبحت هذه الرغبة أكثر وضوحاً، مدفوعة بأهداف اقتصادية تهدف إلى تعزيز التصدير وتقليل العجز التجاري.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأسباب الرئيسية، التأثيرات، والتوقعات المحدثة بناءً على بيانات الاحتياطي الفيدرالي وتحليلات الخبراء.
انخفاض الدولار في 2025
وشهد الدولار الأمريكي أسوأ بداية له في العام منذ عام 1973، حيث انخفض مؤشره بنسبة 10.8% في النصف الأول من 2025 أمام سلة من ست عملات رئيسية.
ووفقاً لتقرير مورغان ستانلي، انخفض المؤشر بنسبة 11% من يناير إلى يونيو، مدفوعاً ببيع المستثمرين الأجانب لأصول الدولار بسبب السياسات غير المتوقعة، وفي يوليو، تعافى الدولار جزئياً بنسبة 3.2%، لكنه يظل أضعف بنسبة 10% مقارنة ببداية العام.
وهذا الانخفاض ليس مصادفة، بل إنه يعكس ضغوطاً منخفضة للنمو الاقتصادي، حيث انخفضت توقعات النمو الأمريكي من 2.3% إلى 1.4% في مارس وأبريل 2025، وفقاً لتقرير جي بي مورجان.
كما أن تقرير الوظائف في يوليو أظهر إضافة 73 ألف وظيفة فقط، مما زاد من توقعات خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
واليوم، يتداول الدولار عند أدنى مستوياته منذ 2022، مع توقعات بمزيد من الضعف بنسبة 10% إضافية بحلول نهاية 2026.
الأسباب الرئيسية
وترى إدارة ترامب في قوة الدولار سابقاً عبئاً على الاقتصاد الأمريكي، حيث يجعل السلع الأمريكية أغلى في الأسواق الدولية، مما يقلل من القدرة التنافسية.
وقال الاقتصادي كينيث روجوف في مقابلة مع NPR في يوليو 2025، "القوة النسبية للدولار تؤدي إلى انخفاض الصادرات وارتفاع الواردات، مما يفاقم العجز التجاري الذي بلغ 1 تريليون دولار في 2024".
وخفض قيمة الدولار يهدف إلى جعل المنتجات الأمريكية أرخص، مما يعزز التصدير ويحفز التصنيع المحلي، وفي خطاب في مايو 2025، أكد نائب الرئيس جي دي فانس أن "وضع الدولار كعملة احتياطي عالمي هو لعنة، يشبه لعنة الموارد في أبالاتشيا"، مشيراً إلى أن الطلب العالمي على الدولار يرفع قيمته، مما يضر بالصناعة.
وهذا الرأي مدعوم بتحليل جولدمان ساكس في أبريل 2025، الذي يشير إلى أن التعريفات الجمركية ستضعف الدولار لتعديل شروط التجارة، مما يقلل تكاليف الواردات الحرجة ويحسن التوازن التجاري.

التأثيرات السلبية للدولار القوي على الاقتصاد الأمريكي
والدولار القوي يؤثر سلباً على الاقتصاد من خلال زيادة تكلفة التصدير، مما يضر بالقطاعات مثل الزراعة والتصنيع، وفي 2025، أدى الدولار القوي إلى انخفاض الصادرات بنسبة 5% في الربع الأول، وفقاً لبيانات الاحتياطي الفيدرالي.
كما يزيد من العجز التجاري، حيث أصبحت الواردات أرخص، مما يشجع الاستهلاك على حساب الإنتاج المحلي، وبالإضافة إلى ذلك، يضغط الدولار القوي على الشركات الأمريكية ذات الديون بالعملات الأجنبية، ويقلل من عوائد الاستثمارات الخارجية.
وتقرير تشارلز شواب في أبريل 2025 أشار إلى أن "الدولار القوي يقلل من العوائد الصافية للاستثمارات الدولية بنسبة تصل إلى 6%"، وأدى ذلك إلى تباطؤ النمو، مع انخفاض الاستثمار في المعدات بنسبة متوقعة 24.7% في الربع الثاني بسبب التعريفات.
السياسات الحكومية والاحتياطي الفيدرالي
وتلعب سياسات ترامب دوراً حاسماً، حيث أدت التعريفات الجمركية على أكثر من 60 شريكاً تجارياً إلى عدم اليقين، مما دفع المستثمرين إلى بيع الدولار.
وفي أبريل 2025، أعلن ترامب تعريفات بنسبة 100% على بعض الدول، لكنه علقها لـ90 يوماً، مما أدى إلى انخفاض فوري بنسبة 4% في قيمة الدولار.
كما يضغط ترامب على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لخفض الفائدة، مع توقعات بقطعين إلى ثلاثة في 2025 لدعم النمو.
والاحتياطي الفيدرالي، في اجتماع يوليو 2025، حافظ على الفائدة عند 4.25-4.50%، لكنه أشار إلى خفض محتمل في سبتمبر إذا استمرت ضعف البيانات،
وتوقع تقرير لوكالة "رويترز"، ضعفاً إضافياً بسبب مخاوف استقلالية الاحتياطي، وهذه السياسات تهدف إلى خفض قيمة الدولار لتحقيق "دولار أضعف" كما يقول ترامب، لكنها تثير مخاوف من التضخم.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.