محطات شحن السيارات الكهربائية تُلوث الهواء.. دراسة تكشف نتائج صادمة

ظلَّ نقص محطات شحن السيارات الكهربائية الهاجس الرئيس الذي يخشى منه العملاء والمستهلكون الباحثون عن بديل أنظف لمركبات البنزين، لكن لم يخطر ببال أحد أن هذه المحطات نفسها قد تكون مصدرًا لتلوث الهواء والإضرار بالصحة العامة.

فحسب دراسة حديثة -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)-، فإن محطات الشحن السريع للسيارات الكهربائية تُصدر تركيزات عالية من الجسيمات الدقيقة التي يقلّ قطرها عن 2.5 ميكرومتر أو ميكرون.

واستندت الدراسة إلى تحليل الهواء في محيط 50 محطة من محطات شحن السيارات الكهربائية السريعة بمقاطعة لوس أنجلوس التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة.

وكانت النتائج صادمة، إذ ثبت أن محيط الهواء بـ25 محطة يحتوى على تركيزات عالية من الجسميات الدقيقة التي يقلّ قطرها عن 2.5 ميكرون، ما يفوق إرشادات منظمة الصحة العالمية.

ويُصنّف معدل تركيز الجسيمات الدقيقة في الهواء من أهم المعايير العلمية والقانونية المستعملة في تحديد جودة الهواء، إذ يؤدي التعرض للتركيزات العالية إلى أمراض القلب والرئة والربو، وربما الوفاة المبكرة، بخاصة الأطفال وكبار السن.

انبعاثات محطات شحن السيارات الكهربائية

بلغ متوسط تركيز الجسميات الدقيقة في محيط محطات شحن السيارات الكهربائية السريعة قرابة 15.2 ميكروغرام لكل متر مكعب، وهو أعلى بقليل من مستويات محطات الوقود التقليدية.

كما أن هذا المتوسط أعلى بكثير من المستويات المرصودة في المناطق الحضرية الأخرى، فضلًا عن كونها أعلى من المستويات التي حدّدتها منظمة الصحة العالمية لجودة الهواء، بحسب الدراسة الصادرة عن كلية فيلدنغ للصحة العامة بجامعة كاليفورنيا.

وترجّح الدراسة صدور هذا المستوى المرتفع من انبعاثات الجسيمات الدقيقة من المراوح المستعملة في وحدات توزيع الكهرباء بمحطات الشحن السريع للسيارات الكهربائية.

فرغم أن هذه المراوح ضرورية لتبريد المحطات، فإنها تتسبب في أثر جانبي غير مقصود يتمثل في تشتيت الغبار والجزئيات المتطايرة من تآكل الإطارات والفرامل في الهواء.

حلول مشكلة انبعاثات محطات الشحن

يعتقد المؤلف المشارك في الدراسة، يوان ياو، أن مشكلة انبعاثات محطات شحن السيارات الكهربائية السريعة في الولايات المتحدة يمكن ّعبر إضافة فلاتر أو أجهزة تنقية في وحدات توزيع الكهرباء بالمحطات للحدّ من التلوث.

ورغم ذلك، فقد نصح الباحث بتجنُّب وضع محطات أو أجهزة الشحن بالقرب من المدارس والمناطق السكنية، تحسّبًا للأضرار الصحية الجانبية المحتملة.

وتقول شركة تشارج بوينت هولدنغز (Charge Point Holdings)، التي تدير أكبر شبكة شحن في الولايات المتحدة، إن جميع محطاتها السريعة مصممة بطريقة تضمن الحدّ من دخول الغبار والجزيئات المتطايرة والماء.

ورغم ذلك، فإن الشركة تخطط لإضافة فلاتر هواء (أجهزة ترشيح وتنقية) إلى محطات الشحن السريعة التابعة لها لتقليل خطر دخول الغبار أو الماء أو الجسيمات إلى النظام، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ الأميركية.

خريطة محطات الشحن السريعة في أميركا

بلغ عدد محطات الشحن السريعة العاملة في جميع أنحاء الولايات المتحدة قرابة 51 ألف محطة حتى عام 2024، بينما بلغ عدد المحطات فائقة السرعة 11 ألفًا و400 محطة، بحسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

وتخطط شركات الشحن لتركيب مئات من المحطات السريعة وعالية السرعة قبل نهاية عام 2025، ما يجعل فهم المخاطر الصحية المحتملة مهمًا لصنّاع السياسات، خاصة على مستوى الولايات.

وتشير خريطة توزيع محطات الشحن السريعة في الولايات المتحدة إلى أن ولاية كاليفورنيا كانت الأعلى عددًا بنحو 9900 شاحن سريع، تليها تكساس بـ2200 شاحن، ثم فلوريدا بـ2100 شاحن.

وبلغ عدد المحطات في مقاطعة لوس أنغلوس -التي تضم أكثر من 88 مدينة- قرابة 1938 محطة، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من الدراسة المنشورة -مؤخرًا- في مجلة البيئة الدولية (Environment International).

ورغم أن الدراسة لم تختبر سوى 50 محطة شحن في مقاطعة لوس أنغلوس، فإنّ تَوزُّع هذه المحطات على أكثر من مدينة بالمقاطعة يثير مخاوف من أن نتائجها قد تصلح للتعميم.

انبعاثات الآثار الجانبية الأخرى

ليست هذه أول دراسة تشير إلى انبعاثات الآثار الجانبية لصناعة السيارات الكهربائية، فهناك دراسات أخرى تناولت الانبعاثات غير المباشرة لإنتاج الكهرباء المستعملة في محطات الشحن، التي ما يزال أغلبها يأتي من الوقود الأحفوري في الأسواق الرئيسة مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا والهند وغيرها.

كما تشير دراسات أخرى إلى الانبعاثات غير المباشرة لاستعمال النفط في إنتاج الإطارات ورصف الطرق والجسور التي تتآكل بسرعة أعلى بسبب مشكلة الوزن الثقيل للسيارات الكهربائية، فضلًا عن استعمال الخام في صناعة مكونات أخرى مرتبطة.

وإضافة إلى ذلك، يزيد احتكاك الإطارات بالطرق السريعة من انبعاثات الجسيمات الدقيقة في الهواء، وهي المسبّب الرئيس لعديد من الأمراض المزمنة في الجهاز التنفسي والكلى والأعصاب والعيوب الخلقية وغيرها.

ورغم أن السيارات الكهربائية لا تصدر انبعاثات العادم مثل السيارات التقليدية، فإن انبعاثات الإطارات يمكن أن تتجاوز انبعاثات العادم بكثير؛ ما قد يقلل من الفوائد البيئية الشاملة لاعتماد السيارات الكهربائية عالميًا، بحسب دراسة حديثة نشرتها وحدة أبحاث الطاقة -مؤخرًا-.

على الجانب الآخر، يتطلب تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية تعدينًا كثيف الاستهلاك للكهرباء لمعالجة المعادن الأرضية النادرة مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل؛ ما يتسبب في زيادة انبعاثات المرتبطة بالصناعة، فضلًا عن الإضرار بالسكان المحللين المجاورين لمواقع التعدين ومنشآت المعالجة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

1. انبعاثات محطات شحن السيارات الكهربائية السريعة، من دراسة جامعة كاليفورنيا
2. تعليقات الصناعة على دراسة انبعاثات محطات شحن السيارات الكهربائية، من بلومبرغ