بعد وفاة ابنه حمزة نتيجة تناول أحد منتجات النودلز الشهيرة، قرر والده رواية القصة المؤلمة عبر صفحته الشخصية على موقع فيسبوك، بهدف توعية الآباء بمخاطر هذه المنتجات على صحة الأطفال.
تفاصيل وفاة حمزة
بدأ والد حمزة حديثه قائلاً: رحم الله ولدي حمزة، فلذة قلبي وقرة عيني. أسأل الله أن يسكنه فسيح جناته ويجعل قبره روضة من رياض الجنة. وأدعو الله أن يمنحني وأمه الصبر والثبات. ابني كان شاباً قوياً ومحبوباً، صلى العشاء في المسجد مع
شيخه وحضر درس الحفظ كالعادة. كان يحب تناول الإندومي والمقرمشات. وبعد تناول هذه المنتجات مساء ذلك اليوم، بدأ يشعر بألم شديد، حيث استفرغ كل ما في معدته وصرخ وكأن سمّاً قد اخترق جسده، مترافقاً مع تعرق شديد وفقدان كامل لقوته. رغم أنه كان يتدرب في الجيم ويتمتع ببنية قوية لدرجة أنه كان يصارعني مزاحاً دون أن أتمكن من التغلب عليه.
إجراء فحص دقيق
تابع الأب روايته قائلاً: عندما ساءت حالته، توجهت به فوراً إلى مستشفى قريب في عين شمس حيث تم تشخيصه دون إجراء فحص دقيق بأنه يعاني من التهاب
في جدار المعدة. أعطوه محلولاً وبعض الحقن المسكنة، ولكن حالته ازدادت سوءاً خلال دقائق، حتى لاحظ الممرض أن وجهه بدأ يزرق وأوصاني بالذهاب إلى مستشفى آخر بشكل عاجل. قررت الذهاب إلى مستشفى حكومي، معتقداً أنها ستكون مجهزة للتعامل مع الحالات الطارئة، ولم يكن القرار لتوفير المال أو تقصيرًا مني.
وجود اشتباه بتسمم غذائي
وأضاف: عند وصولي إلى مستشفى خاص، كشف الطبيب على حالته وأخبرني بوجود اشتباه بتسمم غذائي، ونصحني بالتوجه إلى مركز السموم بمستشفى الدمرداش فوراً. الوقت كله استغرق مني ساعتين وابني كان مستمرًا بالصراخ من
شدة الألم، يستنجد بي وبأمه قائلاً: “الحقني يا أبي، هموت! متى نصل إلى المستشفى؟” وعجزنا كلياً عن فعل شيء سوى الإسراع به نحو المستشفى.
وصلنا أخيراً إلى الدمرداش حيث وضعوا ابني على الترولي، لكن فجأة سكت صوته، وشهق شهقة أخيرة قبل أن يسكن جسده تماماً. حاول الطاقم الطبي إنقاذه، لكن جميع المحاولات باءت بالفشل. سألوني إذا كان قد تناول مخدرات
فأجبت بعصبية أن ابني ليس له علاقة بأي شيء من هذا القبيل. شرحت لهم ما تناوله لكنهم أصروا على شكوكهم وسحبوا عينات للتحليل. تم إجراء سبعة تحاليل، لكن جميعها جاءت سلبية ولم تكشف عن سبب واضح لما أصابه.
وأردف الأب قائلاً: شعرت أن ابني قد فارق الحياة بالفعل منذ دخوله المستشفى عند الساعة الواحدة والنصف ليلاً، ولكن كلما سألت الطاقم الطبي أخبروني بأنه
تحت الأجهزة وحالته سيئة، طالبين مني الدعاء له. انتظرت حتى الساعة السادسة صباحاً عندما أخبروني أخيراً بأنه قد مات. نزل علي الخبر كالصاعقة، لكنني قلت:
الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان ذلك صباح السبت الموافق 16 أغسطس، وقد رحل ابني دون أن يتمكنوا من تحديد السبب الحقيقي لوفاته.
أكياس السناكس والإندومي
ثم استكمل الحديث قائلاً: “باختصار، قسم الشرطة عندنا أرسل فريق المباحث للتحري. دخلوا معي إلى البيت وشاهدوا آثار القيء الذي أرجعه ابني، بالإضافة إلى أكياس السناكس والإندومي، وصوّروا كل ذلك. القيء كان على سجادة
الصلاة التي كانت مفروشة في مكان جلوسه، وقامت أخته بتنظيفها وجمعت كل شيء ووضعته في الحمام. بعد أن أنهى القسم الإجراءات، تعاملوا معي بمنتهى الاحترام، سواء الضباط أو الأمناء وحتى العميد كريم، مأمور القسم، كان غاية في الاحترام. أعطوني الأوراق اللازمة، ثم توجهت إلى النيابة.
في النيابة، لم يطمئن وكيل النيابة المحترم، واسمه أحمد. سألني عن السجادة قائلاً: ‘هل سجادة الصلاة التي عليها القيء ما زالت موجودة؟’ فأجبته بنعم. ثم سألني عن أكياس الإندومي والسناكس فأجبته أيضاً بنعم. طلب مني أن أحضر كل هذه الأشياء فوراً، فبالفعل أرسلت من يجلبها. حضّر كل ما طلب وتم تحريزه وإرساله إلى الجهات المختصة للتحليل.
إجراء التشريح
أصر وكيل النيابة على إجراء التشريح، وأنا كنت رافضاً الفكرة تماماً. حاول تهدئتي قائلاً إن هذا الإجراء يصب في مصلحة ابني لنتمكن من معرفة المتسبب الحقيقي. وبرغم رفضي المتكرر، تحدثت إلى أحد المستشارين وشرح له الوكيل ضرورة التشريح وأقسم لي بأنه لخدمة قضية ابني وللكشف عن الحقيقة. أرسل معي الأوراق من جديد إلى القسم، وأبلغني المأمور المحترم أن الوكيل أصدر قراراً بالتشريح.
بصفتي ولي أمر المتوفى، قمت بتكليف سيارة لنقل جثمان ابني من مستشفى الدمرداش إلى مشرحة زينهم. وتم إبلاغي بأنه يمكنني استلام الجثمان غداً صباحاً. سلمت أمري لله عز وجل، فهو المطلع على كل شيء ويعلم ما يجري بإرادته”.
السيد وزير الداخلية يتابع موضوع حمزة
وفي المساء تلقيت اتصالًا من المأمور، حيث قال لي: “أنا قادم إلى منزلك برفقة قوة من المباحث، أرجو أن تكون بانتظاري.” أجبته بالموافقة، وبعدها وصل الرجل الكريم ومعه المعاون وفريقه. حفظهم الله جميعًا. سألني عن المحلات التي كان
يشتري منها ابني منتجات مثل الإندومي والمقرمشات. حاولت تفسير الأمر قائلًا: “وما ذنب هؤلاء الباعة؟” فرد مباشرة: “السيد وزير الداخلية يتابع موضوع ابنك عن كثب، وهو يصدر تعليماته ونحن ننفذ.” وبالفعل، تم القبض على أحد أصحاب
المحلات، وأخذوا عينات من المنتجات الموجودة وشمعوا المكان بالإجراءات الرسمية. في اليوم التالي، توجهت إلى المشرحة واستلمت جسد ابني، غسّلته، كفنته، ودفنته.
والد حمزة عن تفاصيل القصة بتوضيح
أنهيت سرد تفاصيل القصة بتوضيح هدفي منها؛ الأول أن أطلب من كل أب وأم أن ينتبهوا لأبنائهم، ويحاولوا بكل طريقة ممكنة منعهم من تناول هذه المنتجات الضارة. والثاني أن أستنجد بالدعاء الصادق لي ولزوجتي بالصبر والثبات، وأن
يعيننا الله على تحمل ألم الفقد. كذلك، أعتبر هذا بمثابة بلاغ لكل مسؤول، خاصة هيئة سلامة الغذاء، كي يتحملوا مسؤوليتهم أمام الله فيما وُكل إليهم من عمل. أعتذر إن كانت كلماتي موجعة أو ثقيلة على أحد، لكنها على الأقل جعلتني أشعر
ببعض التخفيف وسط هذا الألم الجارف الذي يشتعل في قلبي. لم يكن في نيتي إيذاء أحد بالنشر، ولكن وجدت نفسي بحاجة إلى تنفيس عن وجعي بمشاركة هذه التفاصيل. سامحوني وكل رجائي دعواتكم.
