شهد العراق خطوة مهمة نحو تعزيز أمنه الطاقوي، مع إعلان المضي في مشروع المنصة العائمة لاستيراد الغاز المسال من دول عديدة، وهو ما يأتي ضمن توجه حكومي مباشر لتأمين احتياجات البلاد من الوقود وتشغيل محطات الكهرباء.
وبحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن القرارات الأخيرة الصادرة عن مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للطاقة وضعت الآليات التنفيذية للمشروع، بدءًا من دعوة الشركات المتخصصة، مرورًا بتشكيل اللجان الفنية والإدارية، وصولًا إلى تحديد البنى التحتية اللازمة لاستقبال الغاز المستورد.
وأعلنت وزارة النفط، من جانبها، إنجاز أنابيب ناقلة إستراتيجية لدعم المشروع، الأمر الذي يعكس التزام الحكومة بتهيئة كل المستلزمات قبل دخول المنصة العائمة مرحلة التشغيل. هذه الجهود تأتي في وقت يواجه فيه العراق تحديات كبيرة في استقرار الكهرباء.
وتشير الخطوات إلى توجه جاد لتوسيع قنوات الاستيراد وتعدد مصادر التوريد، بما يضمن مرونة عالية في تأمين الغاز المسال، ويعزّز فرص تحقيق الاستقرار في منظومة إنتاج الكهرباء، بعد أعوام من الاعتماد شبه الكلي على مصدر واحد.
الغاز المسال في العراق
أعلن مجلس الوزراء أن مشروع المنصة العائمة لاستيراد الغاز المسال في العراق يمثّل خيارًا إستراتيجيًا، يهدف إلى تأمين احتياجات البلاد من الوقود وتشغيل محطات الكهرباء بكفاءة أكبر.
وبموجب قرار المجلس الوزاري للطاقة رقم (55) لسنة 2025، فقد جرى دعوة 6 شركات عالمية لتقديم عروضها الفنية والتجارية الخاصة بالمشروع، وشكّلت وزارة النفط لجنة فنية لدراسة العروض، بالتوازي مع لجنة وزارية مشتركة تضم النفط والكهرباء والنقل.
وتولت هذه اللجان مسؤولية دراسة العروض واتخاذ القرارات المناسبة، بما يضمن تحقيق أعلى مستويات الشفافية، في حين أكدت وزارة النفط أن جميع الإجراءات جرت وفق الأصول القانونية، وأنها لا تتحمّل أي مسؤولية عن إخفاق أي شركة في إثبات أهليتها.

بالتوازي مع هذه الخطوات، شرعت وزارة النفط العراقية، عبر شركة غاز الجنوب وشركة المشروعات النفطية، بتنفيذ أنبوب ناقل للغاز من خور الزبير إلى ناظم شط العرب.
ويمتد الأنبوب الجديد لمسافة 40 كيلومترًا بقطر 42 عقدة، وقد أُنجز في الموعد المحدد خلال يونيو/حزيران 2025، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
كما أُنجز الأنبوب الثاني بطول 45 كيلومترًا من المحمودية إلى محطة كهرباء بسماية، وهو المشروع الذي نفذته شركة المشروعات النفطية في مدة قياسية، رغم التحديات المناخية والصعوبات الميدانية.
أما فيما يتعلق بالعروض التجارية، فقد أشارت وزارة النفط العراقية إلى أن بعض الشركات قدمت عروضًا غير مقبولة فنيًا أو تجاريًا، وإحداها انسحبت بعد ثبوت تقديم أوراق غير صحيحة، في حين اقترحت حلولًا لم تكن مقبولة من قبل وزارة الكهرباء أو شركة المواني.
وحتى الآن، تأهلت شركتان فقط فنيًا وتجاريًا، وقدمتا عروضهما خلال الأيام الأخيرة، ومن المقرر أن يُحسم القرار النهائي بشأن التعاقد في الاجتماع المقبل للجنة الأمر الديواني، التي تضم ممثلين عن عدة وزارات وجهات حكومية.
وشددت وزارة النفط على أن المشروع يمضي بخطى ثابتة، وأن أي محاولات إعلامية للتشويش على إنجازاته ستواجه بإجراءات قانونية، مؤكدة عزم الحكومة على استكمال المشروع، لما له من أهمية قصوى لأمن الطاقة في العراق.
البنية التحتية وخطوط الأنابيب الجديدة
يمثّل إنشاء خطوط أنابيب الغاز جزءًا أساسيًا من الاستعدادات العراقية لبدء تشغيل المنصة العائمة، إذ أكدت وزارة النفط أن هذه الخطوط ستوفر القدرة الكاملة على نقل الغاز المستورد إلى محطات الكهرباء دون أي عوائق فنية أو لوجستية.
واكتسب الأنبوب الأول من خور الزبير إلى ناظم شط العرب أهمية خاصة، إذ صُمم بقُطر كبير يسمح بنقل كميات ضخمة من الغاز، لتغطية جزء كبير من احتياجات المحطات، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

أما الأنبوب الثاني من المحمودية إلى محطة كهرباء بسماية فهو خطوة حاسمة لتعزيز إمدادات الطاقة في العاصمة بغداد، وقد جرى تنفيذه بسرعة استثنائية بفضل التنسيق بين وزارة النفط وشركة المشروعات النفطية، ما عكس الإرادة الحكومية القوية.
ومن الناحية الفنية، ستسمح هذه الخطوط الجديدة باستقبال الغاز المستورد بكفاءة عالية، وتغذية محطات الكهرباء بصورة مباشرة، كما أن مواصفات الأقطار والأطوال اختيرت لتتناسب مع حجم الطلب الحالي والمتوقع خلال الأعوام المقبلة.
وأوضحت الوزارة أن إنجاز الأعمال جاء بفضل الإشراف المباشر من وزير النفط العراقي ووكيل الوزارة لشؤون الغاز، والزيارات الميدانية المتكررة التي ساعدت في متابعة سير العمل وحل العقبات.
وشددت التقارير الحكومية على أن العمل جاء في ظروف مناخية صعبة؛ إذ استمرت الفرق الهندسية في العمل رغم حرارة الصيف القاسية. وقد نُفذت الأعمال على مدار الساعة بنظام المناوبات، لضمان التسليم في المواعيد المتفق عليها.
وتعكس هذه العمليات قدرة العراق على إدارة مشروعات كبرى في قطاع الطاقة بكفاءة عالية، إذ إن إتمام خطوط الأنابيب قبل دخول المنصة العائمة مرحلة التشغيل يمثّل ضمانة أساسية لنجاح المشروع.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..