أخبار عاجلة

اصلاح ونهضة وتطوير.. محطات مضيئة في حياة البابا كيرلس الرابع «أبو الإصلاح»

اصلاح ونهضة وتطوير.. محطات مضيئة في حياة البابا كيرلس الرابع «أبو الإصلاح»
اصلاح ونهضة وتطوير.. محطات مضيئة في حياة البابا كيرلس الرابع «أبو الإصلاح»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أحييت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، يوم السبت الماضي ذكرى ميلاد البابا كيرلس الرابع البطريرك رقم 110 من بطاركة الكنيسة الذي يحل في يوم 26 يونيو 1816م، تولّى البابا كيرلس الكرسي المرقسي في فترة حافلة بالتحديات السياسية والاجتماعية والثقافية، وتميزت حبريته القصيرة التي امتدت لـ 7 سنوات بنهضة إصلاحية غير مسبوقة شملت التعليم والإدارة والرعاية الروحية؛ ولكثرة إنجازته وإصلاحاته في شتى مناحي الحياة، عرف البابا كيرلس الرابع لدى الكتاب والمؤرخين بـ «أبوالإصلاح».

ترك البابا كيرلس بصمة واضحة في مجالات التعليم فيعتبر أول مصرى يؤسس مدارس أهلية لتعليم البنات فى تاريخ مصر الحديثة، كما اهتم بالعلم والمعرفة، مما جعله شخصية محورية في مسيرة التنوير والإصلاح داخل الكنيسة والمجتمع المصري ككل،  "البوابة" تلقى الضوء على مسيرة أبوالإصلاح لنتعرف من خلالها على حياة أحد أكثر البطاركة البارزة في تاريخ الكنيسة الحديث.

نشأته
 

تذكر المؤرخة القبطية الدكتورة إيريس حبيب المصري في كتابها " قصة الكنيسة القبطية أن  داود توماس بشوت داود  ولد سنة (1532ش/1816م) في قرية الصوامعة الشرقية من مديرية جرجا في مصر العليا (الآن تابعة لمحافظة سوهاج ) وكان اسمه داود، وكان والده مزارعاً معروفا بين قومه بالطيبة وسلامة النية، وكان أميا لا يعرف القراءة والكتابة، ولكنه لم يغفل عن تربية ولديه وهما داود و يوسف، فعنى بتعليمهما  بإرسالهما إلى الكتابِ حيث درج أولاد القبط على التعليم، فتعلما القراءة والكتابة في اللغتين العربية والقبطية ومبادئ الحساب.
ولما أكمل داود تعليمه على قدر ما سمحت به مدارس تلك الأيام عكف على مساعدة والده في أعماله الزراعية، فكان يقضى يومه بين المزارع والمراعى في الأعمال الخشنة فنما جسمه وتشددت عضلاته، وعندما بلغ أشده أختلط بالعربان المجاورين لقريته فتعلم منهم ركوب الخيل حتى صار يسابقهم ويرافقهم في أسفارهم في الجبال والبراري والصحارى وألفِ كثيرا من الطرق الصحراوية حتى أنه لم يحتاج إلى دليل يرشده إلى طريق الدير عندما أراد الرهبنة، وقبل أن ينخرط داواد في سلك الرهبنة، كان لا يهمه شيء من أعمال الدنيا، ولم يكترث بعمل من الأعمال العالمية، وكاُن العناية الإلهية حفظته لخدمة لا يقوم بإعبائها إلا قليلون من بنى الإنسان.

ترك العالم
 

بينما يروي القمص تادرس يعقوب الملطي قصة رهبنته في كتابه "قاموس القديسين والشخصيات التاريخية" كالآتي: في عام 1553ش إذ بلغ حوالي الثانية والعشرين ذهب إلي دير القديس أنبا أنطونيوس ولبس ثياب الرهبنة علي يد رئيسه القمص أثناسيوس القلوصني، فوثق به وكان متى اضطر إلي مغادرة الدير يترك تدبير أمور الرهبان في يده إذ شاهد فيه الأهلية والاقتدار والغيرة الحقيقية على مصلحة الدير والرهبان، وإن كان هذا قد أثار نوعًا من التذمر، اهتم في الدير بالاعتكاف علي الدراسة وكان يحث الرهبان علي ذلك بروح التواضع.
سمع عنه البابا بطرس الجاولى فاستدعاه وباركه كما باركه الأنبا صرابامون الشهير بأبي طرحة وتنبأ له بمستقبل باهر في خدمة الشعب، وربما منذ ذلك الحين اتجهت الأنظار إليه عند خلو الكرسي المرقسي.

وتابع القمص يعقوب : في عام 1556ش حيث بلغ الرابعة والعشرين تنيّح رئيس الدير وأجمع الرهبان على اختياره رئيسًا، فحقق لهم البابا بطرس الجاولي طلبتهم ورسمه بطرس قسًا باسم داود، في أثناء خدمته في الدير تحوّل الدير إلى مجتمعٍ متكاملٍ عاملٍ عامرٍ حتى لم يجد الرهبان سببًا لمغادرته، ووجه أولاً عنايته إلى التعليم، ففتح كتابًا في بوش ومكتبة في عزبة الدير جمع فيها كل ما امتدت إليه يداه من كتب ومخطوطات، وشجع الرهبان على القراءة وطلب العلم.

وأكمل؛ قد بذل كل الجهد لكي لا يترك الرهبان الدير إلا عند الضرورة مع العودة السريعة، لقد آمن بهذا الفكر لذا عندما صار بطريركًا أصدر قرار بمنع الرهبان من الخروج من الأديرة إلا بأذن منه التزامًا بما تعهدوا به أمام الله والناس، ومن أقواله في هذا ما معناه: "من يختار ثوب الرهبنة مات عن الدنيا ودفن نفسه بمحض إرادته، بدليل أنهم يصلّون عليه صلاة الموتى؛ فهل يخرج ميت من قبره؟ الرئيس الذي يأذن للراهب في الخروج من ديره يكون قد أخرج ميتًا من قبره وعليه وزره".

من إثيوبيا للكرسى المرقسى
 

وأشار القمص يعقوب الملطي لملابسات الخلاف الديني بين مطران إثيوبيا القبطي وبين الكهنة الأثيوبيين؛ فيقول: حاولت بعض الإرساليات زعزعة عقيدتهم الأرثوذكسية، وقد تقربت مقابل السماح لهم بالعمل في كل البلاد وسحب الكهنة من ارتباطهم بالكنيسة القبطية، حاول البابا بطرس الجاولي (البابا 109) أن يذهب بنفسه لكنه لم يستطيع فأرسل القس داود الذي كاد أن يحل المشكلة لولا تدخل بعض رجال الدول الأوربية خاصة قنصل إنجلترا لصالح الإرساليات.
وفى بلاد الحبشة قضى القمص داود ورفيقه برسوم ما يقرب من 16 شهراً، واستطاع بالحوار والمناقشة والنقد البناء ما بين مطران الحبشة والكهنة والشعب إلى أعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه ورجع الحب والسلام إلى الكنيسة في الحبشة.

وفى أثناء مهمة القمص داود في الحبشة تنيح البابا بطرس الجاولى “البطريرك 109” في عام 1852م، حضر الأساقفة إلي العاصمة للتداول مع الأراخنة علي اختيار البابا وكان اسم القس داود أول المرشحين بناء علي وصية البابا بطرس الجاولي، ولكن ظهرت معارضة شديدة لترشيحه لعدم علمهم إن كان لا يزال في إثيوبيا حياّ أم قد رقد، ورشّح البعض الأنبا أثناسيوس أسقف أبوتيج، ورشّح الغالبية أنبا يوساب أسقف جرجا وإخميم (بخلاف الأنبا يوساب الأبحّ).
ولاحتواء الأزمة تم الاتفاق على رسامته أسقفاً عام ليتولى إدارة شئون البطريركية، وبعد رسامته بدأ ببناء كلية بجوار الدار البطريركية، وهي أول مدرسة أهلية للأقباط في القطر المصري، ضمّت تلاميذ من كل المذاهب والأديان بلا تميّز، الأمر الذي خلق ارتياحًا عامًا وسط الشعب، بل في الجو الحكومي وشعر الكل بصلاحيته لمركز البطريركية.

وبعد 14 شهرا أجمع الشعب القبطي والأساقفة على اختياره و تزكيته للكرسي البابوي، وتم رسامته باسم كيرلس الرابع؛ وبعدها أصدر والى مصر سعيد باشا في يوم الأحد الموافق 28 بشنس 1570ش/4يوليو 1854م قرارا يتولى البابوية ليصبح البابا رقم “110.

إصلاح ونهضة
 

جاء التعليم على رأس أولويات البابا كيرلس الرابع، في وقت كان حكام مصر من الإنجليز والأتراك يتبنون القول: "أن الشعب الجاهل أسلس قيادة من الشعب المتعلم". كان يشغله الجانب التعليمي، فاهتم بإحضار أساتذة ماهرين، وإعداد برنامج تعليمي على النسق الأوربي، وكان اهتمام البابا موجهًا أساسًا إلى بناء الشخصية، مشدّدًا على حسن تربية الأولاد، مؤمنًا بأنه لا يمكن للكنيسة أن تنمو إلا برجال المستقبل المتعلمين.إذ أطلق حركة إصلاحية جذرية شملت إنشاء عدد من المدارس الحديثة، كان من أبرزها المدرسة الملحقة بالبطريركية، وأخرى بحارة السقايين في عابدين، واقتصر المنهج الدراسي في تلك المدارس على تعليم اللغات القبطية والعربية والإنجليزية والفرنسية، إلى جانب مادة الحساب، وهي خطوة اعتُبرت في حينها نقلة نوعية في مسار التعليم القبطي، وسرعان ما اكتسبت هذه المدارس شهرة واسعة، دفعت أبناء الطبقات العليا إلى الالتحاق بها، ما أسهم في تخريج كوادر مثقفة شكلت لاحقًا النخبة العاملة وقادة الدولة في أواخر القرن التاسع عشر.

ومن المتعارف عليه تاريخياً  أن أول مدرسة للبنات في مصر الحديثة هي المدرسة التي أسسها إسماعيل باشا عام 1873 تحت اسم المدرسة السيوفية، ولكن أجمع المؤرخون الأقباط أن البابا كيرلس الرابع قد سبق إسماعيل باشا في ذلك بانشائه مدرسة البنات القبطية بالأزبكية كلوت بك بجوار المرقسية مدرسة البنات بحي السقايين، ونذكر بعض من المؤرخين مثل (يعقوب نخلة روفيله كتاب "تاريخ الأمة القبطية"، الدكتور عزيز سوريال عطية، . الأنبا يؤانس "أسقف الغربية الراحل")
وكان التعليم مجانًا، يقدم لهم الكتب والأدوات المدرسية مجانًا، وبذلك سبق الحكومة في هذا المضمار بأكثر من قرن من الزمان. وكان يباشر إدارة المدرسة بنفسه، فأوجد حجرة خاصة له في المدرسة حيث كان يفتقد المدرسة يوميًا، وكان يحضر بنفسه مع الطلبة منصتًا للأساتذة.

ومما زاد البابا اهتمامًا بالتعليم القبطي أن الخديوي سعيد فتح المجال للإرساليات الأجنبية في مصر، فجاءت الإرسالية الأمريكية من الشام في الوقت الذي نشطت فيه الكنيسة البروتستانتية، واهتم أيضًا بإنشاء مدرسة لاهوتية للشبان حتى يمكن سيامة كهنة متعلمين، لأول مرة أيضًا نسمع في عهده عن اهتمامه بطبقة مرتّلي الكنيسة من ناحية الألحان ومردات الكنيسة، بل وجعل لهم زيًا خاصًا، ولكي تكتمل الصورة الثقافية التي تبنّاها.

استقبال المعرفة بالتراتيل
 

ضمن مشروعه الرامي إلى التحديث والإصلاح، أنشأ البابا كيرلس مطبعة حديثة استوردها من النمسا على نفقة الكنيسة القبطية؛ لتكون المطبعة الثانية في مصر بعد المطبعة الأميرية التي اشتراها محمد علي أيام ولايته، وأرسل مجموعة من الشباب للتدريب على الطباعة في المطبعة الأميرية بموافقة الخديوي، وطلب من وكيل البطريركية استقبال تلك المطبعة عام 1860م استقبالاً حافلاً، بالكهنة والشمامسة بالملابس الكهنوتية والألحان الكنسية إذ كان البابا في ذلك الوقت في الدير، وقد علّق البابا على هذه المطبعة وعلى استقبالها بقوله: "لست أُكرِّم آلة من الحديد ولكني أُكرِّم المعرفة التي ستنتشر بواسطتها". ومن أول الكتب التي طبعتها هذه المطبعة "القطمارس الدوار" و "خطب ومواعظ أولاد العسال"؛ فقد لعبت هذه المطبعة دورًا محوريًا في دعم العملية التعليمية، إذ تولت طباعة الكتب التي احتاجتها المدارس، كما استُخدمت في إصدار النشرات والقرارات البابوية، ونشر المقالات والتقارير التي أسهمت في نشر الوعي والمعرفة داخل المجتمع القبطي.

وامتد اهتمامه إلى عمارة الكنائس، حيث قام باستكمال بناء الكاتدرائية المرقسية بحي كلوت بك في القاهرة، وساهم في ترميم عدد من الكنائس التاريخية في مناطق مصر القديمة وحارة الروم، فضلًا عن ترميم كنائس أخرى في مختلف أرجاء البلاد، في محاولة للحفاظ على التراث الديني والمعماري للأقباط.
وفي بادرة تُعد من معالم الفكر الإداري المتقدم، أدخل البابا كيرلس نظامًا لتعداد السكان الأقباط، من خلال إلزام الكنائس بتسجيل المواليد والوفيات في سجلات دقيقة، ما أتاح إمكانية حساب التعداد العام، ورصد معدل الزيادة الطبيعية، ودراسة أنماط الحراك الاجتماعي والهجرة الداخلية، وتحديد مناطق الكثافة السكانية، بما يساعد الكنيسة في توزيع الكهنة والأساقفة بشكل يتناسب مع الاحتياجات الفعلية للمجتمع القبطي في مختلف أنحاء البلاد.
كما عمل على إنشاء إدارة مالية منظمة لدعم مشروعاته، فأعاد هيكلة نظام الأوقاف الكنسية من خلال تسجيل الأراضي الزراعية وحصر مساحاتها، وتوثيق العقارات والمحلات التي أوقفها الأقباط لصالح الكنيسة، وأسّس إدارة مختصة لتنظيم المصروفات والإيرادات، بما يضمن تمويلًا مستدامًا لمشروعاته التعليمية والدينية والاجتماعية، في إطار رؤية متكاملة لبناء مؤسسة كنسية عصرية ذات إدارة فعالة واستقلال مالي.
كما أنه في عصر هذا البطريرك قد صرّح الخديوي سعيد للقبط بدخول الجيش وتطبيق الخدمة العسكرية عليهم أسوة بالمسلمين، وذلك اعتبارًا من أول يناير سنة 1856م بعد إلغاء الجزية المفروضة على الذميين في ديسمبر سنة 1855م.

أدوار دبلوماسية
 

أُوفد سعيد باشا البابا كيرلس الرابع إلى إثيوبيا لحل مشكلة الحدود مع الحبشة، ورافقه اثنان من الأتراك، فاستغل الرحلة لتعلُّم اللغة التركية، ورغم مخاوفه من النجاشي ثؤدورس، استُقبل بحفاوة، وساهم وجوده في تحويل العلاقة بين البلدين من عداء إلى صداقة.
إلا أن بعض السياسيين الإنجليز اتهموه بمحاولة تقويض نفوذهم في الحبشة، وسعوا لتشويه صورته، متهمين إياه بالسعي لاتحاد الكنائس الأرثوذكسية تحت حماية روسيا أو حتى الاتحاد مع الكنيسة الأسقفية الإنجليزية. حاولوا أيضًا الإيقاع بينه وبين كل من الخديوي والنجاشي، لكن مخططاتهم باءت بالفشل بفضل حكمته.

حرّض الإنجليز سعيد باشا على عدم حل الأزمة إلا بالقوة، فزحف الجيش المصري نحو الحدود، ما أغضب النجاشي وكاد يؤدي إلى مقتل البابا، لولا تدخل المقربين، فأرسل البابا رسالة للباشا يطلب فيها سحب الجيش، وهو ما غيّر موقف النجاشي، فاعتذر ووقّع معاهدة سلمها للبابا.

عاد البابا إلى مصر في 7 أمشير 1574ش بعد غياب دام عامًا ونصف، مصحوبًا بكاهن ووزير إثيوبي للتصديق على الاتفاق، وأُقيمت له احتفالات كبرى، مما أثار غضب الوالي وتحريض الإنجليز، فرفض مقابلته رغم محاولاته المتكررة.

غموض مقتله
 

ويكشف القمص يعقوب الملطي غموض الذي لحق بمقتله حيث قال أنه قد خرج البابا كيرلس مع بطريرك الروم والأرمن الأرثوذكس إلى دير أنبا أنطونيوس ترويحًا للنفس، فوصلوا إلى بوش بالقرب من بني سويف، في عزبة الرهبان، ليقضوا أيامًا حتى تأتي القافلة فينطلقوا إلى الدير. لأول مرة نسمع عن إيجاد وحدة بين الكنائس، فعقد أول اجتماع مع بطريرك الروم وبطريرك الأرمن الأرثوذكس في دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس.واستغل جنرال مري قنصل إنجلترا الفرصة وسار إلى مقر سعيد باشا يخبره بأن البابا ذهب إلى الدير ليقيم تحالفًا مع الطوائف الأرثوذكسية، ويجعل من نفسه بطريركًا عليهم، وبهذا يصير البابا تحت رعاية روسيا. وأن الأمر خطير للغاية بالنسبة لسلامة مصر؛ لاغتاظ سعيد باشا وأرسل يعقوب بك مدير بني سويف يطلب منه سرعة عودة البابا. بعث البابا رسالة إلى سعيد باشا يوضّح له أنه ذاهب إلى الدير وأنه عند العودة سيمثل بين يديه مما أثار حفيظة الخديوي ضد البابا.

وأضاف؛ طالت أيام عزلته، وكاد الاتحاد بين الكنيستين القبطية والروسية يتم لولا أن محافظ مصر استدعاه إلى الديوان لأمر عاجل، أرسل مرة ومرتين وفي المرة الثالثة اضطر للنزول، لكن لحقت به حُمى فجاءوا إليه بطبيب، لكن سعيد باشا أرسل إليه طبيبه الخاص، أجمع الكُتاب بأنه دسّ له سُمًّا في الدواء، ففقد رشده وسقط شعر رأسه ولحيته على وسادته وانحل جسمه ومات.
واسترشد القمص يعقوب بقول الإيغومانوس فيلوثاؤس أنه لم يقبل السُم في القهوة إذ سمعهم يتحدثون بالتركية وكان يعرفها، نجا البطريرك ومات القمص وكيل البطريركية، وانصرف البابا إلى قلايته حزينًا، فأثر فيه الحزن، ومن ثم دبّروا أمر قتله عن طريق خيانة طبيب فرنسي ووكيل بطريرك الأرمن صديق البابا، وتم لهم ذلك إذ دسّوا له السم في الدواء وفعلاً نجحوا في التخلص منه، وكان وراء ذلك كله إنجلترا التي خشيت هذا الرجل البسيط والمصلح الكبير.
وتوفى البابا كيرلس الرابع في يوم الأربعاء 30 يناير سنة 1861م بعد أن قضى على الكرسي المرقسي سبعة سنوات وثمانية أشهر، وكان تجنيزه باحتفال مهيب حضره كبار رجال الدولة ورؤساء الكنائس المختلفة، وقد أرثاه وكيل البطريركية الأرمينية الذي ساهم في التعجيل بحياته رثاه مرثية قوية باللغة التركية وسط الجمع الحاشد، وقد دُفن جثمانه الطاهر في مقبرة جديدة كان قد أعدّها لنفسه بين الكنيسة المرقسية الكبرى وكنيسة القديس إسطفانوس.

 

285.jpg
في صفحات البوابة
41.jpeg
البابا كيرلس الرابع 
42.jpg
القمص يعقوب الملطي

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كريم عبد العزيز ينفرد بصدارة نادي الـ100 في السينما المصرية بـ4 أفلام
التالى أرسنال يحسم صفقة مهاجم سبورتينج لشبونة