فى ليلة حالكة السواد، اهتزت أرجاء عزبة شمس الدين التابعة لمركز بنى مزار بالمنيا، على وقع جريمة بشعة تفوق التصور، عندما تجرد شاب من كل معانى الإنسانية، وأقدم على إنهاء حياة والدته بدم بارد، ثم دفن جثمانها فى صمت مطبق داخل أرض زراعية مجاورة، فى فعل يأباه حتى الحيوان، بسبب خلاف على بيع قطعة أرض.
هذه المأساة المروعة تظل شاهدًا على بشاعة بعض النفوس، وتجعلنا نتساءل: هل يمكن للمادة أن تجرد الإنسان من كل معانى الإنسانية، وتدفعه إلى أسفل دركات الجريمة بحق أقرب الناس له؟
هذه القصة المأساوية تتكشف فصولها، لتبين دوافع شيطانية حركت يد القاتل، الذى لم يرتدع ضميره عن فعل يهتز له عرش السماوات والأرض.
اختفاء غامض.. ثم صدمة مدوية
بدأت خيوط هذه الجريمة المروعة ببلاغ تلقته غرفة عمليات النجدة بمديرية أمن المنيا، يفيد بالعثور على جثة سيدة فى العقد الخامس من عمرها، ملقاة وسط الزراعات فى أحد مراكز المحافظة.
على الفور، هرعت قوات الأمن إلى موقع الحادث، ليكتشفوا أن الجثة تعود للسيدة «ز. ع»، البالغة من العمر ٥٠ عامًا.
تم نقل الجثمان إلى مشرحة المستشفى، تمهيدًا لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لتحديد أسباب الوفاة.
لكن المفاجأة كانت فى الأفق، قبل أيام قليلة، كانت الأجهزة الأمنية قد تلقت إخطارًا بتغيب السيدة «ز. ع» البالغة من العمر ٥٢ عامًا، بعد أن تقدم ابنها «أ. ص» ببلاغ حول اختفائها.
ولم يكتفِ بذلك، بل نشر على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» منشورًا مؤثرًا، يناشد فيه الأهالى مساعدته فى العثور عليها، وكتب فيه بكلمات تقشعر لها الأبدان: «اللى يلقى أمى يبلغنى»، منشورٌ زائف، يخفى خلفه قاتل بارع فى التمثيل، محاولًا إبعاد الشبهات عنه.
دوافع شيطانية وخيط رفيع قاد للجريمة
شُكل فريق بحث جنائى متخصص لكشف ملابسات الواقعة الغامضة، ومع تعمق التحريات، بدأت الحقائق المروعة تتكشف شيئًا فشيئًا.
توصلت التحريات الدقيقة إلى أن نجلها المدعو «أ. ص» هو من ارتكب الجريمة البشعة، حيث قتل والدته بدم بارد ثم دفن جثتها فى أرض زراعية متاخمة للقرية.
أمام تضييق الخناق عليه، وبعد مواجهته بالأدلة الدامغة، انهار المتهم «أ. ص» واعترف بارتكاب جريمته النكراء، وأرشد المتهم عن مكان دفن الجثة، التى تم استخراجها ونقلها إلى مشرحة المستشفى مرة أخرى، ليتم استكمال التحقيقات.
رفض بيع الأرض.. شرارة الجريمة
الكشف عن الدافع وراء هذه الجريمة المروعة، كان صادمًا بقدر الجريمة نفسها، فقد تبين أن سبب إقدام المتهم على قتل والدته هو رفضها بيع قطعة أرض زراعية تقدر مساحتها بفدان واحد.
هذه الأرض كانت قد آلت إليها من ميراث الأب، وكانت مخصصة له ولأشقائه السبعة، يبدو أن هذا الخلاف المادى قد وصل إلى نقطة اللاعودة، حيث وسوس الشيطان للمتهم، ففقد عقله وتجرّد من إنسانيته، لينهى حياة من حملته وأنجبته من أجل قطعة أرض.
حزن يعم القرية ومصير ينتظر القاتل
سادت حالة من الحزن والصدمة على أهالى قرية شمس الدين بمركز بنى مزار، الذين شيعوا جثمان المجنى عليها إلى مثواها الأخير بمقابر الأسرة بجوار القرية.
وانتشرت الفرق الأمنية فى منطقة ارتكاب الجريمة ومنزل المتهم، لجمع المزيد من الأدلة واستكمال التحقيقات.
وأصدر المستشار أسامة أبو الخير، المحامى العام الأول لنيابات شمال المنيا، قرارًا بتجديد حبس «أ. ص - ٣٢ عامًا»، المتهم بقتل والدته شنقًا ودفن جثمانها، لمدة ١٥ يومًا على ذمة التحقيقات، وتتواصل الجهود لمعرفة الدوافع الكاملة وراء ارتكابه لهذه الجريمة البشعة بحق والدته.