يبدو أن الملياردير الأميركي إيلون ماسك سيواجه عقبة كبيرة في أولى خطواته نحو اقتحام الساحة السياسية، بعد أن أظهرت نتائج استطلاع للرأي ضعف الحماس الشعبي لمشروعه السياسي الجديد، المتمثل في تأسيس حزب أمريكا.
ورغم الشعبية التي يتمتع بها ماسك في أوساط الجمهوريين، لا يبدو أن هذه القاعدة كافية لإطلاق حزب ثالث قادر على كسر ثنائية الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري، والتي تهيمن على الحياة السياسية الأميركية منذ عقود.
نتائج مخيبة لطموحات حزب ماسك
بحسب استطلاع رأي حديث أجرته شركة "يوغوف" (YouGov) ونشره موقع أكسيوس يوم الاثنين، فإن فقط 11% من الأميركيين أبدوا استعدادهم للتفكير في دعم الحزب الذي أعلنه ماسك، رغم أن 45% منهم يعتقدون أن البلاد بحاجة فعلية إلى حزب ثالث.
النتائج جاءت بمثابة صفعة مبكرة لطموحات ماسك السياسية، الذي كان يعوّل على شعبيته في قطاع التكنولوجيا وأوساط اليمين الجديد، لكن الأرقام أظهرت أن المشروع يفتقر إلى قاعدة جماهيرية حقيقية على مستوى وطني.
الجمهوريون أكثر انفتاحًا من الديمقراطيين
الاستطلاع أشار إلى أن الجمهوريين والمستقلين أكثر ميلاً لدعم حزب أمريكا من الديمقراطيين، بل إن معدل الدعم بين الجمهوريين يفوق الديمقراطيين بأكثر من الضعف، رغم اعتقاد بعضهم أن الحزب الثالث ليس ضرورياً في الوقت الحالي.
وبحسب محللين، فإن القاعدة المؤيدة لحركة "ماغا" (اجعل أمريكا عظيمة مجددًا)، والتي تمثل التيار اليميني الشعبوي في الحزب الجمهوري، تُظهر أعلى معدلات الدعم لماسك وحزبه الجديد، وهو ما يعكس التقارب الفكري بينهم في ملفات مثل حرية التعبير، ومناهضة البيروقراطية، والتشكيك في المؤسسات الرسمية.
الديمقراطيون لا يثقون بماسك
في المقابل، أظهر الاستطلاع أن ماسك يواجه رفضًا شبه جماعي في صفوف الديمقراطيين، إذ ينظر إليه فقط 10% منهم بإيجابية، ما يعني أن الحزب الجديد الذي يطمح إلى كسر الثنائية السياسية، يبدأ طريقه بأقدام مثقلة بالانقسامات الأيديولوجية.
ويرجح خبراء أن الخطاب المتصاعد لماسك ضد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وسلسلة تغريداته المثيرة للجدل، قد عمّقت الهوة بينه وبين أنصار الحزب الديمقراطي.
تراجع شعبيته بعد قطيعة مع ترامب
اللافت أن ماسك، الذي كان مقربًا من الرئيس دونالد ترامب، فقد جزءًا من قاعدته المؤيدة بعد انفصاله العلني عن إدارة ترامب، على خلفية خلافات حول قضايا تشريعية وتمويلية، أبرزها مشروع قانوني الإنفاق.
وشهدت الفترة الأخيرة حروبًا كلامية متبادلة بين الطرفين، وهو ما ساهم في اهتزاز صورة ماسك لدى بعض أنصار التيار اليميني، بالرغم من محاولاته لتقديم نفسه كبديل سياسي جاد.
حزب ثالث ولكن ليس بقيادة ماسك؟
رغم أن استطلاع "يوغوف" أكد حاجة الأميركيين إلى كسر احتكار الحزبين، فإن الأرقام تكشف أن ماسك ليس المرشح الأنسب، حاليًا، لقيادة هذه المهمة التاريخية.
وبينما لا تزال تفاصيل حزب أمريكا غامضة من حيث الهيكل التنظيمي والبرنامج السياسي، يُجمع المراقبون على أن نجاح الحزب يتطلب أكثر من مجرد اسم لامع أو رجل أعمال شهير، بل يحتاج إلى رؤية مؤسسية واضحة، وتواصل سياسي فعّال مع مختلف شرائح المجتمع الأميركي.
نتائج الاستطلاع:
أجري الاستطلاع عبر الإنترنت بين 2 و7 يوليو.
عدد المشاركين: 1,134 أميركياً بالغاً.
هامش الخطأ: ±3.9%.
45% من المشاركين يرون أن البلاد بحاجة لحزب ثالث.
11% فقط يفكرون في دعم "حزب أمريكا".
الجمهوريون أكثر ميلاً لدعم الحزب الجديد من الديمقراطيين.
يبدو أن طموحات إيلون ماسك السياسية تواجه أول اختبار حقيقي لها، والنتائج لا تبعث على التفاؤل.
فرغم صيته في عالم التكنولوجيا والفضاء، فإن بناء حزب سياسي قادر على اقتحام المشهد الأميركي يتطلب ما هو أكثر من الكاريزما والمال، بل يحتاج إلى ثقة عامة، ووضوح في الرسالة، وقدرة على استيعاب التنوع السياسي والثقافي في البلاد.