أخبار عاجلة
جيش الاحتلال يقتحم عدة مدن بالضفة الغربية -
نجلاء بدر تثير جدلًا واسعً بعد تغير شكلها -

بالبلدي: الدوافع والمنطق وراء جهود الوساطة الصينية في حل الصراعات الدولية

بقلم:
تشاو ون تساي، محرر مكتب شينخوا الإقليمي للشرق الأوسط وباحث في معهد شينخوا
ياو بينغ، رئيس مكتب وكالة أنباء شينخوا في القاهرة
يعد توقيع 33 دولة حديثا في هونغ كونغ على اتفاقية إنشاء “المنظمة الدولية للوساطة” محطة بارزة في مسار السعي العالمي لحل الصراعات بالطرق السلمية.
تعد هذه المبادرة، التي تقودها الصين، تحولا نوعيا نحو ترسيخ مفهوم الوساطة متعددة الأطراف والمؤسسية كأداة أساسية لإدارة الصراعات الدولية.
فبينما ظلت منظمات دولية مثل الأمم المتحدة تؤكد منذ زمن طويل على أهمية التفاوض والحوار، لم يكن هناك في السابق هيئة دولية متخصصة تُعنى حصريا بالوساطة.
ومن هنا، يمثل تأسيس المنظمة الدولية للوساطة خطوة رائدة في ترسيخ الوساطة كركيزة محورية لإدارة الصراعات عالميا.
– السياق والدوافع وراء إنشاء المنظمة الدولية للوساطة
تنبع دعوة الصين لإنشاء المنظمة الدولية للوساطة من تقييمها الجوهري بأن المشهد العالمي اليوم يشهد تحولات لم يسبق لها مثيل خلال قرن من الزمان.
فمن جهة، يتطلب الصعود الجماعي لدول الجنوب العالمي، بما في ذلك دول الشرق الأوسط، بيئة دولية يسودها السلام والاستقرار كقاعدة أساسية. إذ لا تنفصل التنمية والتعاون والمنفعة المتبادلة — وهي مقومات أساسية للازدهار الوطني والإقليمي — عن سياق عالمي مستقر وسلمي.
ومن جهة أخرى، نشهد عالما بعيدا عن الاستقرار: تصاعد الأحادية والحمائية وسياسات الأنانية الوطنية، ما أدى إلى مزيد من الاضطرابات والصراعات والأزمات. والأزمة الروسية الأوكرانية، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والحرب في السودان، والتوترات بين إيران والولايات المتحدة، كلها أمثلة حية على هذه التحديات المستمرة.
وتهدد هذه الصراعات بنسف فرص النمو والاستقرار لدى العديد من الدول، ولا سيما في الجنوب العالمي، ما يعيق مسارات التنمية والازدهار.
إذا لم تُحَل الصراعات بفعالية، فلن يتحقق التوافق، ولن يُحفظ السلام، وبالتالي لا حديث عن التنمية والرخاء. وهذا هو جوهر المنطق الكامن وراء المقترح الصيني بإنشاء المنظمة الدولية للوساطة.
فمنذ عام 2022، طرحت الصين فكرة إنشاء منظمة دولية متخصصة لدعم الدول التي تحتاج إلى وساطة، وحتى الفاعلين غير الحكوميين مثل الشركات، في تهدئة النزاعات وحل الصراعات وتعزيز المصالحة.
وقد جاءت سلسلة الصراعات الدولية التي اندلعت لاحقا لتؤكد على ضرورة وصواب هذا المقترح. وباختصار، فإن تأسيس المنظمة هو استجابة في الوقت المناسب لتحديات عصرنا.
– منطق الجهود الصينية في الوساطة
لكي نفهم لماذا تمكنت المنظمة الدولية للوساطة من ترسيخ وجودها انطلاقا من الصين، لا بد من فهم المنطق الجوهري الذي يحكم جهود الصين في الوساطة الدولية.
أولا، تستند المقاربة الصينية إلى الفلسفة التاريخية المتمثلة في مبدأ “الوئام لا يقدر بثمن”، الذي شكًّل نظرتها للعلاقات الدولية عبر آلاف السنين.
فلم تشن الصين طوال تاريخها أي عدوان أو غزو خارجي. وهي الدولة الوحيدة من بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التي لم تمارس الاستعمار أو النهب في الخارج.
ثانيا، تعزز النجاحات السابقة للصين في حل الصراعات الدولية مصداقيتها كطرف فاعل في إدارة الأزمات العالمية.
فعلى سبيل المثال، في عام 2017، ومع بلوغ التوتر في شبه الجزيرة الكورية ذروته بفعل التدريبات العسكرية الواسعة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، فضلا عن التجارب النووية المتكررة لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، طرحت الصين مبادرة “التعليق المزدوج” التي دعت فيها جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية إلى تعليق أنشطتها النووية مقابل تعليق التدريبات العسكرية بين الولايات المتحدة والكورية الجنوبية، بهدف تمهيد الطريق لنزع فتيل الأزمة.
وفي عام 2023، أدت الصين دورا محوريا في تحقيق تقارب تاريخي بين السعودية وإيران توج باتفاق بكين، الذي أعاد بناء العلاقات بين القوتين الإقليميتين وأطلق موجة مصالحة في الشرق الأوسط.
وفي عام 2024، من خلال الوساطة الصينية، وقعت الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتا فتح وحماس، اتفاقا في بكين لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية للأراضي الفلسطينية.
علاوة على ذلك، تشارك الصين بفعالية في جهود الوساطة المتعلقة بالأزمة الروسية الأوكرانية.
ثالثا، تلتزم الصين بمبادئ العدالة والإنصاف من خلال أخذ مصالح ومخاوف جميع الأطراف في الاعتبار عند الوساطة لحل الصراعات.
ومن واقع معاناتها التاريخية من الظلم والاضطهاد من قبل القوى الغربية، تتمتع الصين بفهم عميق لأهمية العدالة والإنصاف الدوليين في حل الصراعات.
– النموذج الغربي مقابل النموذج الصيني للوساطة
في الوقت الراهن، تحاول العديد من الدول تقديم نفسها كوسطاء في صراعات إقليمية متعددة.
إلا أنه في الواقع، يستغل بعض هؤلاء الوسطاء المزعومين ستار الحياد لخدمة مصالحهم أو مصالح حلفائهم، ويمارسون الانحياز عمدا ويتجاهلون المخاوف والمطالب المشروعة للأطراف الأخرى.
ولنأخذ وساطة الولايات المتحدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كمثال؛ فقد جرى تقليص المساحة المعيشية والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وللدول العربية الأخرى مرارا تحت غطاء ما يسمى “الوساطة الأميركية”.
وبدلا من حل الصراع، أسهمت السياسات الأميركية فعليا في تعميق التوترات وزرع بذور تصعيد أكبر، ما خلق مخاطر كامنة.
في المقابل، تصر الصين باستمرار على أن حقوق الدول الأساسية تستحق الاحترام والمعاملة المتساوية، بغض النظر عن حجمها أو قوتها. وقد أكدت الصين مرارا هذا الموقف الثابت في تناولها للقضية الفلسطينية.
جهود الوساطة الحقيقية التي تراعي مصالح ومخاوف جميع الأطراف هي وحدها القادرة على تعزيز السلام بفعالية.
وفي ظل التناقض وعدم المساواة القائمين في بنية حل الصراعات الدولية، حيث لا يزال مبدأ “القوة تصنع الحق” سائدا، تلتزم الصين بتحسين الحوكمة العالمية من خلال دعم الدول النامية ودول الجنوب العالمي للحصول على صوت أقوى على الساحة الدولية.
ومن هذا المنطلق، فإن النجاح في تأسيس المنظمة الدولية للوساطة لا يثري إطار الحوكمة العالمية فحسب، بل يمثل أيضا خطوة مهمة نحو صون حقوق ومصالح جميع دول الجنوب العالمي. /

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اقرأ غدًا في «البوابة».. الصيف وأيامه.. طقس ساحن جدًا فى ظل التغيرات المناخية السائدة
التالى أمريكا توافق على بيع عتاد صيانة لطائرات إيه-29 سوبر توكانو للبنان