نظمت مكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان "لقاء مفتوح مع عزت القمحاوي" الكاتب الصحفي والروائي، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للدورة العشرين من معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الأدبي، وأدار اللقاء الكاتب الصحفي حسن عبد الموجود.
استهل الكاتب حسن عبد الموجود حديثه بالحديث عن بدايات معرفته بالكاتب عزت القمحاوي عبر تجربتهما المشتركة في إصدار "الأخبار الثقافي"، مشيدًا بما تعلمه من ضيف اللقاء خلال تلك المرحلة من مسيرته المهنية، وكيف ساهم القمحاوي في الارتقاء بالصحافة إلى مرتبة أدبية تستلذ بالقيم وتنفتح على الفكر وتحتفي بالحواس.
عزت القمحاوي في ضيافة معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب
وتحدث القمحاوي عن علاقته المبكرة بالكتب والقراءة، إذ وصف تجربته الشخصية بأنها تَشكّلَت خارج إطار المكتبة، حيث كان يحصل على الكتب بالمصادفة لا بالمنهجية، وهو ما جعله يبتكر ذهنيًا في ملء الفراغات النصية التي كانت تنقص بعض الكتب القديمة، في تدريب ضمني لخياله السردي منذ سن مبكرة.
شهد اللقاء تسليط الضوء على خصوصية الكتابة عند عزت القمحاوي، الذي أشار إلى أن اهتمامه بالحواس لا يأتي من تعمد وإنما ينبع من إيمان عميق بقيمتها، ويمتد ذلك الإيمان حتى إلى الحاسة السادسة التي يعتبرها إحدى أدواته في اتخاذ القرار والكتابة، بوصفها حدسًا قلبيًا يأخذ بيده نحو النص الذي يُكتب بإخلاص وصدق، ويعيش من خلال القارئ.
وفي حديثه عن تنوع قرائه وأشكال كتاباته، أكد القمحاوي أن الزمن هو المعيار الحقيقي لخلود الأعمال الأدبية، وليس الشكل الإبداعي الواحد أو المتعدد. وأشار إلى أن انصراف القراء لا يرتبط بتعدد الأجناس، وإنما بفقر المحتوى، فالكتب التي تحيا عبر الزمن هي تلك التي تتضمن طبقة خفية قابلة للتأويل المتجدد.
أما عن وسائله الفنية، فقد أشار إلى أنه يتوحد مع بعض الشخصيات والنصوص حتى يصير السر بينهما عميقًا، كما حصل في أعماله "ما رآه سامي يعقوب"، "غرفة المسافرين"، و"غربة المنازل"، والتي اعتبرها ولادة إبداعية حقيقية. وأكد أن عملية الكتابة لا تقوم على قصد مسبق، بل على التفاعل بين العاطفة والحدس، وهو ما يحدد شكل العمل، سواء كان رواية أو نصًا مفتوحًا أو قصة.
تناولت الندوة علاقته بالصحافة، تلك العلاقة التي وصفها باللغز، إذ لطالما خشى تأثيرها على مساره الأدبي، لكنه في الوقت ذاته رفض التقليل من قيمتها، معتبرًا بقاء الأديب داخل الصحافة يشبه ركوب النمر، إما التوازن أو الوقوع بين فكيه، وهو ما تجلى في مقاله الفائز بجائزة سمير قصير، الذي مزج فيه بين الفكر والسرد والصحافة في توازن استثنائي.
الكاتب الصحفي وروائي عزت القمحاوي
وعزت القمحاوي كاتب صحفي وروائي مصري، وُلد في 23 ديسمبر 1961، وبدأ رحلته مع الكتابة عام 1992 بإصدار مجموعته القصصية حدث في بلاد التراب والطين.
توالت بعدها أعماله التي تنوعت بين القصة والرواية والنص المفتوح، مثل مدينة اللذة، مواقيت البهجة، الأيك في المباهج والأحزان(بنسختيه القديمة والمُحدَّثة)،غرفة ترى النيل، الحارس، كتاب الغواية، بيت الديب، ذهب وزجاج، العار من الضفتين، البحر خلف الستائر، السماء على نحو وشيك، يكفي أننا معًا، ما رآه سامي يعقوب، غرفة المسافرين، غربة المنازل، الطاهي يقتل.. الكاتب ينتحر، وتمتاز هذه الأعمال بتعدد أشكالها واتساع مداها المعرفي، وتكاملها بين الحس الأدبي والرمزية الفكرية، ما جعلها تُترجم إلى عدة لغات منها الإنجليزية والصينية والإيطالية.
الكاتب عزت القمحاوي حاصل على جائزة نجيب محفوظ في ديسمبر 2012 عن رواية بيت الديب، التي تناولت 150 عامًا من حياة عائلة مصرية ريفية متقاطعة مع تاريخ مصر والمنطقة، كما نال جائزة سمير قصير لحرية الصحافة عام 2022 عن مقاله "عمارة الريبة".
فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب
جدير بالذكر أن فعاليات الدورة العشرين لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب تتواصل خلال الفترة من 7 إلى 21 يوليو الجارى، بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحادى الناشرين المصريين والعرب، في مقر المكتبة على كورنيش الإسكندرية وبالتوازى في القاهرة في "بيت السنارى" بحى السيدة زينب، و"قصر خديجة" بحلوان.
وتقدم 79 دار نشر مصرية وعربية أحدث إصداراتها بخصومات متميزة لرواد المعرض، وعلى هامش المعرض يتم تقديم 215 فعالية ثقافية، ما بين ندوات وأمسيات شعرية وورش متخصصة، بمشاركة قرابة 800 مفكر ومثقف وباحث ومتخصص في شتى مناحى الإبداع والعلوم الإنسانية والتطبيقية.
