أخبار عاجلة
وسام أبو علي يتمرد قرار الأهلي -
إمام عاشور يصدم الأهلي بشروطه للتمديد -
محمد الحنفي يسدل الستار على مشواره التحكيمي -
د.حماد عبدالله يكتب: جودة الحياة في مصر!! -

بعد ضرب إسرائيل.. هل تجاوز الشرق قلقه التاريخى من إيران؟

بعد ضرب إسرائيل.. هل تجاوز الشرق قلقه التاريخى من إيران؟
بعد ضرب إسرائيل.. هل تجاوز الشرق قلقه التاريخى من إيران؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نحو عامين أعقبا "طوفان الأقصى" وقد قضاهما العالمان الإسلامى والعربى بل وأحرار العالم أجمع، فى حزن وأسى لمشاهد حرب الإبادة ضد أبرياء قطاع غزة، ممن تُراق دماؤهم الذكية على أيدى الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح الغربي.

لكن يبدو أن السحر انقلب على الساحر؛ وقد شهدت الفترة الماضية وقائع الردع الإيرانى الصاروخى لإسرائيل وفى عقر تل أبيب؛ وبتنا نرى مشاهد حطام وأدخنة متصاعدة ليس من غزة هذه المرة بل من مقار عسكرية وتكنولوجية وسكنية وتجارية فى حيفا وبيت يام وبئر السبع. ولأول مرة يشاهد العالم هذا الفزع والذعر بين الإسرائيليين الذين أُجبروا على الفرار يوميا للملاجيء المحصنة تحت الأرض، غير حملات الهجرة بغير عودة والتى تزداد وتيرتها حتى اللحظة.

فى هذا الخضم، ضجت التكبيرات عبر صفحات التواصل الاجتماعى فى العالمين العربى والإسلامي، وامتدت أصداؤها للعواصم الغربية، وكأننا كنّا بحاجة ماسة لهذا الفرح، وأيا كان ثمنه. والغريب أن الفرح امتد إلى شرائح فى تيارات سياسية ودينية لطالما كانت على خلاف عقائدى حاد مع طهران!.

الفرح امتد ليشمل كذلك مواطني دول عانت الأمرّين من التغلغل الإيرانى على أرضها، ومنها سوريا والعراق ولبنان، وهو ما يجعلنا أمام سؤال حقيقى ربما فطنت له الشعوب قبل النخب، هل آن أوان الاصطفاف الإسلامى أمام غطرسة الغرب؟ هل سنقبل تنحية الخلافات المذهبية والسياسية بين الشيعة والسنة للوقوف فى وجه عدو واحد.

مصر وإيران وتركيا.. تحالف حتمي

يقول الكاتب الصحفى البارز أنور الهوارى فى كتاب جديد حول "إيران" أن الطبيعى هو أن تصبح علاقات مصر وإيران وتركيا طبيعية، فهم المراكز الحضارية للشرق الصاعد الساعى للتحرر من هيمنة الغرب. وهو يرى أن العلاقات الودية مع إيران وتركيا، مكسب، يُضاف لمصلحة الإقليم العربى وحصانته ومناعته. وجزء من توترات العلاقات بين مصر وإيران وتركيا، منذ حصل كل بلد على استقلاله، هو عدم الوعى الكافى بحقائق التاريخ ووجوه التقارب القديمة والتى تشكل أرضية خصبة للبناء عليها. 

تدرك مصر بأن إيران لها مطامع توسعية، وكذلك تركيا لها حنين مضطرب لدور أكبر فى مجالها القديم أيام كانت إمبراطورية، بينما مصر وصلت من النضج حد القناعة بمركز الدولة الوطنية، دون طموح توسعي، وبميزة كونها دولة سنية المذهب وعربية اللسان، فيما تفتقد إيران للأولى وتركيا للثانية، كحواجز تعوق التوسّع فى الإقليم.

الماضى وتحديدا القرن السادس عشر، يخبرنا بصراع الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية، على من يحكم الشرق الأوسط، فيما كانت دولة المماليك العظيمة فى مصر والشام تتجه للأفول، وقد وصفها ابن خلدون بأم العالم وإيوان الإسلام وينبوع العالم، ولهذا فقد كانت مصر هى الثمرة الناضجة التى يسعى الجميع لاقتطافها، فسقطت فى يد العثمانيين. 

يقول الهواري: بعد ان سقطت دولة العثمانيين أيضا، خلا الإقليم من منعته الذاتية فى وجه الأطماع الاوروبية، وتم غزوه وتفكيكه وإخضاعه للنفوذ الغربي، حتى وصلنا إلى هنا: أمريكا من الخارج، ثم إسرائيل من الداخل، مع انسلاخ مؤسف لقوى شرق أوسطية مستجدة، من جذورها الحقيقية، للتحالف مع العدو الغربي.

طهران تزيل وصمة "الإسلامبولي"

بعد الزيارة المثمرة التى قام بها وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى إلى القاهرة، ضمن جولة لحشد التأييد لإيران قبيل حربها مع إسرائيل، بدا أن خطوة مهمة نحو معالجة الانقسام الإقليمى بين الدولتين، وهو ما دفع "عراقجي" للقول بأن هناك إرادة سياسية كبيرة اليوم لإزالة العقبات. قطعت القاهرة وطهران شوطا فى تقريب الرؤى والجهود حيال تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط، لا سيما فى قطاع غزة وسورية واليمن، إضافة إلى التوتر فى البحر الأحمر.

ومع تحسن العلاقات الدبلوماسية مع مصر، أعلنت العاصمة الإيرانية طهران عن خطط لإلغاء اسم أحد الشوارع الذى أطلق على "الإسلامبولي" أحد قتلة الرئيس المصرى السابق أنور السادات، وهى التسمية التى تسببت فى عداء دبلوماسى بين البلدين وتحديدا منذ توقيع معاهدة السلام المصرية مع إسرائيل عام ١٩٧٩ والتى اعتبرها الخومينى المرشد الأعلى أنذاك خيانة للقضية الفلسطينية، مع خلفية الاضطرابات التى شابت علاقات البلدين بعد استضافة الشاه المخلوع فى مصر.

ولفهم أعمق لجذور التوتر فى علاقة مصر وإيران، نعود قبل نحو ستة أعوام، حين صدرت الترجمة العربية لمذكرات السيد على خامنئى "إن مع الصبر نصرا"، والذى نشأ فى بيئة علمية بفضل والده عالم الدين، وتربى على عشق اللغة العربية بسبب والدته النجفية. انضم إلى حركة المعارضة الدينية التى تزعمها آية الله الخمينى فى عام ١٩٦٢. وقد لعب دورًا مهمًا فى الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩ واستمر فى العمل ليصبح رئيسا لإيران، من ١٩٨١ إلى ١٩٨٩، ثم أصبح خليفة الإمام الخمينى كقائد أعلى للبلاد.

لكن المذكرات فى جانب منها تشير تأثُّر حركة الإسلاميين الإيرانيين بحركة الإخوان المسلمين المصرية وبسيد قطب الذى ترجم له خامنئى بعضا من كتبه الإسلامية ونقلها للفارسية ومنها "المستقبل لهذا الدين" ويصف خامنئى تعاطفه الشديد مع تجربة قطب، ولهذا لم يتسامح مطلقا مع إعدامه فى مصر عبد الناصر، هذا ورغم عودة خامنئى لاحقا للقول بألمه لحظة رحيل عبد الناصر والذى تجمعه به نزعة العداء لإسرائيل قائلا: "كنا نشعر بالعزّة حين نسمع عبدالناصر يتحدّى كل طواغيت العالم ونتلهّف لاستماع خطاباته من إذاعة "صوت العرب".

لقد شابت العلاقات المصرية ــ الإيرانية كثيرا من مسار التقارب والخلاف، بدءا من الصدام بين البلدين فى عهد عبد الناصر ثم الوفاق بينهما فى عهد السادات ثم الصدام مرة أخرى فى عهد الجمهورية الإسلامية بزعامة الخومينى خاصة بعد كامب ديفيد، ثم النفور فى عهد مبارك وخاصة بعد موقف مصر من الحرب الإيرانية العراقية، ثم جاءت انتفاضة الربيع العربى والتى رحبت خلالها إيران برحيل النظام المصرى وفتحت قنوات التواصل لاحقا بنظام الإخوان الذى حكم عاما، وكان ذلك مسار خلاف حقيقى بين البلدين، خاصة مع ثورة يونيو المصرية التى أطاحت بحكم الإخوان. لكن شبح الحرب الإسرائيلية اليوم سارع كثيرا بتجاوز عقود من الخلاف، وأدركت قيادة مصر وإيران وبعيدا عن الأيديولوجيا أن العمل حتمى لمواجهة عدوان حقيقى على الأمة ككل.

أمة واحدة وعدو واحد

تتسع قماشة حركات الإسلام السياسى لتيارات شتى تتأرجح بين الاعتدال والتطرف، ومنها السلفية والصوفية ومنها الإخوانية والجهادية، ولكنها تتفق جميعا فى توصيف العدو الصهيونى كعدو شرعى وديني، لهذا يمكننا ببساطة فهم موقف المسلمين من ضرب إيران لإسرائيل باعتباره ضرب للعدو الأكبر.

يحمل الشارع العربي- عبر التواصل الاجتماعى – نبرة لوم مريرة لأنظمته حين اكتفت بالتنديد والشجب لجرائم إسرائيل برغم جرائمها بحق الأطفال والمدنيين وتوسعها فى نهب الأراضى الفلسطينية والعربية، وكثير منهم وبينهم المنتمون للتيار الإسلامى يرون الجامعة العربية كيان لا يسمن من جوع فى وجه الملمات التى تواجهها العواصم العربية، خاصة مع عدم تطوير موقف موحد عربى ولو بالمقاطعة الاقتصادية كما حدث إبان حرب أكتوبر ومؤتمر اللاءات الثلاثة. 

جاء تأييد الضربات الإيرانية على إسرائيل ليمثل النطاق الأعرض من الشارع الإسلامى ومن حركات محسوبة على "محور المقاومة" مثل شريحة كبيرة من المنتمين لجماعة الإخوان، وحزب الله، الجهاد الإسلامي، وبعض فصائل حماس. ترى هذه الجهات أن كل ضربة على إسرائيل خطوة فى الاتجاه الصحيح، وإن جاءت متأخرة.

هناك فى المقابل تيارات تبتهج بضرب إسرائيل لكنها تصر على التذكير بتجسيد إيران للخطر "الصفوى الشيعى التوسعي" – ومنهم السلفية التقليدية وجانب من الحركات الجهادية- وتتهمها باستخدام العداء لإسرائيل كغطاء شعبي. البعض يرى أن الضربة لا تخدم فلسطين، بل تُستخدم كأداة ضغط فى مفاوضات النووى أو لإعادة تدوير النظام الإيرانى داخليًا.

يتفق مع رفض "التهليل" لإيران أو تحويلها لبطل، قطاع كبير من إسلاميى الشام، ممن عاينوا سنوات قاسيات من حكم بشار الأسد المخلوع، والذى تقوّت شوكته بفعل الدعم العسكرى الإيرانى لسحق ربيع الثورة السورية.

فى المقابل، لا تزال نبرة التهليل لإيران تثير حفيظة وقلق مؤيدى المشروع الصهيونى فى العواصم الأوروبية؛ وقد كتبت لورين سميث مثلا قبل أيام فى مجلة "المحافظين الأوربيين" عن خطيئة دعم المشروع الإيراني، والذى تصفه بالمعادى للسامية والقاتل وكاره النساء والدينى المتشدد. مؤكدة أن إسرائيل بوصفها كآخر دولة يهودية تستحق دعم اليساريين الغربيين، بدلا من رفع الأعلام الإيرانية، ورأت أن الأمر يكمن فى رغبة التيار الديمقراطى واليساريين الناشطين فى معاقبة إسرائيل على جرائمها ضد حقوق الإنسان الفلسطيني، حتى لو جاءوا بنظام متطرف مثل نظام الملالي. وبالطبع لا تذكر الكاتبة أن حرب إبادة حقيقية تجرى وقائعها وراح ضحيتها أكثر من ٦٠ ألف فلسطينى معظمهم أطفال غير أضعاف هذا العدد من المجهولين والمصابين.

تنظيم القاعدة": لا لإسرائيل... ولا لإيران!

وثائق أرشيف "أبوت آباد"، التى ضُبطت فى مقر إقامة أسامة بن لادن، تكشف عن موقف واضح لتنظيم القاعدة: رفض الانحياز لأى طرف فى الحرب الإيرانية الإسرائيلية.

قال بن لادن فى رسالة إلى القيادى مصطفى أبو الزبير: "إذا انتصر التحالف الأمريكى الإسرائيلى أو إذا انتصرت حكومة طهران، فكلاهما يتنازعان على أمتنا". كان ذلك موقف عطية الله الليبى على ضرورة الحفاظ على "الاستقلال الجهادي"، وعدم الانجرار وراء التحالفات المرحلية التى تفسد النقاء العقدي.

هذا الموقف يعكس بوضوح أن الفرح بضرب إسرائيل لا يرقى إلى تحالف، بل هو، فى أفضل الأحوال، تقاطُع مصالح مؤقت.

اصطفاف أمام عدو واحد

ربما لا ينبع شعور الفرح من التحالف الفكرى مع إيران، بقدر الرغبة فى رؤية إسرائيل تنهار، ولو بصواريخ إيرانية. هو الفرح برؤية القبة الحديدية التى لطالما تفاخرت إسرائيل فى ذروة جرائمها بعدم إمكانية اختراق سمائها بأى رشقات من المقاومة، وبالتالى فالفرح هو بكسر هيبة إسرائيل وأوهام حصونها التى لا تُقهر. لقد أصبحت الضربات الإيرانية تعبيرا عن ردع إسرائيل على جرائمها المروعة بحق العرب والمسلمين.

ربما كانت تلك الضرورة هى التى دعت شيخ الأزهر د.أحمد الطيب للقول فى مؤتمر الحوار الإسلامى الإسلامي، فبراير الماضي، أنه فى هذه الظروف التى تقف فيها أمة الإسلام على مفترق طرق، وفى مهب ريح عمياء عاتية، تكاد تعصف بحضارة ١٥ قرنا من الزمان وتقتلعها من الجذور فإن الصراع المذهبى بين السنة والشيعة لا مسوغ له، فهو خلاف فى مجمله فى الفكر والرأى وليس فى الدين. لذا فى ظل هذا الفراغ، يجد بعض الإسلاميين فى الضربات الإيرانية بارقة أمل، متجاهلين أية نداءات طائفية تحط العزيمة أمام تحد وجودي.

706.jpg

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بالبلدي: أول تعليق من ترامب على إعلان ماسك تأسيس حزب جديد
التالى بالبلدي: سعر الذهب اليوم الاثنين 7 يوليو 2025 يحقق قفزة جديدة في الأسعار ببداية التعاملات.. وعيار 21 الآن