حمل المبعوث الأمريكي توم براك معه إلى بيروت ورقة أمريكية تتضمن خارطة طريق واضحة لإنهاء الأزمة اللبنانية. أبرز بنود هذه الورقة تتعلق بمصير سلاح «حزب الله» وضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مقابل وعود بانسحاب إسرائيلي من الجنوب وبدء ورشة إعادة إعمار واسعة. كما تضمنت الورقة ضمانات دولية بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وإطلاق سراح الأسرى، والإفراج عن أموال إعادة الإعمار، بشرط التزام لبنان الكامل بتنفيذ المطالب الأمريكية.
حذّر براك المسؤولين اللبنانيين من أن هذه الفرصة قد لا تتكرر، مشدّدًا على أن المجتمع الدولي لن يدعم إعادة إعمار لبنان ما لم يتم تسليم السلاح للدولة، وأن أي تهاون أو مماطلة في الرد سيؤدي إلى عواقب وخيمة على مستقبل لبنان السياسي والاقتصادي.
تزامنًا مع زيارة براك، حضر الأمير السعودي يزيد بن فرحان إلى بيروت في لحظة سياسية دقيقة. حملت زيارته رسائل دعم مشروط من المملكة العربية السعودية، حيث أكد على ضرورة تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية، والالتزام بمسار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، إضافة إلى معالجة ملف سلاح «حزب الله» وتطبيق اتفاق الطائف بكافة بنوده.
أشارت مصادر سياسية إلى أن السعودية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تنتظر من لبنان خطوات عملية وجدية، معتبرة أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى وقف أي دعم مالي أو سياسي من الخليج للبنان، ما يعمق عزلته ويزيد من أزماته الداخلية.
واليوم أتى المبعوث الأمريكي توم براك مجدّداً إلى بيروت ليتسلم رد الدولة اللبنانية على الورقة الأمريكية، وبعد اجتماعه مع الرئيس اللبناني جوزيف عون، أعرب براك عن رضاه بأن الاجتماع كان بناءً ومرضيًا، وأكد على تقديره للهجة المتوازنة التي ظهرت في الرد على المطالب الأمريكية. وأشار إلى أن هناك فرصة متاحة، واللبنانيون أكثر من غيرهم قدرةً على اختيار السُبل الأمثل لاستغلالها، معبّرًا عن رضاه التام عن الرد اللبناني. وأضاف أنهم بحاجة إلى فترة للتفكير والتقييم، وعلى لبنان التعلم من دروس اتفاق الطائف، وأنّ الآلية التي كانت موجودة بين لبنان وإسرائيل لم تسر في المسار الصحيح.
فهو يشير هنا إلى أهمية الاستفادة من تجربة اتفاق الطائف كوثيقة وطنية أنهت الحرب الأهلية اللبنانية وأرست مبادئ الوحدة الوطنية وسيادة الدولة، مع التأكيد على أن الآليات أو الاتفاقات السابقة بين لبنان وإسرائيل لم تحقق النتائج المرجوة.
إن لبنان اليوم أمام «النداء الأخير»: إما الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي والعربي، واتخاذ قرارات جريئة تضمن حصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ الإصلاحات، أو مواجهة عزلة وانهيار قد يكونان الأخطر في تاريخه الحديث. الكرة في ملعب الدولة اللبنانية، والوقت يضيق أمام اتخاذ القرار المصيري.
أخبار ذات صلة
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" جريدة عكاظ "