يشكّل إعلان خطط إغلاق مصنع ديزل حيوي ضربة جديدة لقطاع الوقود في بريطانيا الذي لم يلتقط أنفاسه بعد، من تداعيات توقُّف مصفاتَي تكرير عن العمل خلال الأشهر الأخيرة.
وتدرس شركة غرين إنرجي (Greenergy) مقترح وقف إنتاج مصنعها في لينكولنشاير، في ظل ضغوط سلبية تواجهها السوق.
وزادت مخاوف تجّار السوق من زيادة الاعتماد على الواردات بعد إغلاق عدد من مصافي التكرير المحلية؛ منعًا لتفاقم أزمة الطاقة وتكرار واقع ما بعد الحرب الأوكرانية.
وُينتج الديزل الحيوي -المعتمد على الكتلة الحيوية- من بعض النباتات مثل الصويا والقطن والنخيل، أو من الشحوم الحيوانية، حسب موسوعة مفاهيم منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
إغلاق مصنع ديزل حيوي
بدأت مشاورات وقف إنتاج مصنع ديزل حيوي في بلدة إمينغام شمال شرق لينكولنشاير بإنجلترا، حسب إعلان شركة غرين إنرجي في موقعها الإلكتروني اليوم (الخميس 10 يوليو/تموز 2025).
وينتج المصنع ما يزيد على 100 ألف طن سنويًا (ما يعادل "رُبع" إنتاج الديزل الحيوي في المملكة المتحدة)، تعتمد غالبيتها على زيت الطهي المستعمل.
وحاولت الشركة مرارًا خفض تكاليفها لاستمرار عمل المصنع، لكن يبدو أن الضغوط السلبية التي يتعرض لها السوق حالت دون نجاح هذه الخطوة.
وتشهد المملكة المتحدة تراجعًا في معدلات الطلب على مزج الوقود الحيوي، على عكس الدول الأوروبية الأخرى.

بالإضافة لذلك، تواجه أنواع الوقود المحلية ضغطًا كبيرًا، في ظل المنافسة مع منتجات الواردات الأميركية.
واجتمعت ظروف السوق الصعبة وضعف الطلب المحلي مع ضغوط الواردات الأميركية
وخضع تشغيل المصنع وإنتاج الديزل الحيوي في مصنع "إمينغام" لمراجعة إستراتيجية، أجرتها الشركة نهاية مايو/أيّار الماضي، ويبدو أن نتائج هذه المراجعة عززت قرار الشركة بإغلاقه.
وتضمَّن إعلان الشركة بالاتجاه لإغلاق المصنع، التزامًا بمناقشة مستقبل المعاملين (البالغ عددهم 60 موظفًا)، وكيفية دعمهم خلال المدة بين وقف الإنتاج والإغلاق النهائي.
معضلة الواردات الأميركية
تفاقمت أزمات إنتاج الديزل الحيوي في بريطانيا بعد إلغاء الرسوم المفروضة على واردات الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين من أميركا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ما عزّز المنافسة القوية مع الإنتاج المحلي.
وأجبرت مخاوف الصناعة الهيئات البريطانية المختصة على فتح باب التحقيق، وبحث سبل مكافحة "إغراق" السوق المحلية بالواردات الأميركية.
وزاد الأمر سوءًا مع إقرار رئيس الوزراء "كير ستارمر" بالموافقة على إعفاء 1.4 مليار لتر من الإيثانول الأميركي من الرسوم الجمركية، ضمن صفقة متبادلة بين الدولتين.
وعمَّق القرار مخاوف منتجي الوقود الحيوي في بريطانيا، بما يشمل الديزل والإيثانول، طبقًا لما أورده موقع صحيفة فايننشال تايمز.
وأثارت هذه الخطوات انتقادات مسؤولي الشركات المشغلة، وقال الرئيس التنفيذي لشركة (إيه بي إف شوجر) بول كينوارد، إن الحكومة البريطانية يتعين عليها تهيئة الظروف الملائمة لإنتاج الوقود الحيوي، لكن القرارات الأخيرة تسير عكس هذا الاتجاه، وتخاطر بإغراق السوق والمصانع الإستراتيجية.
وسبق أن أعلنت "إيه بي إف شوجر" إغلاق أكبر مصنع للإيثانول الحيوي في بريطانيا، في ظل تراجع السياسات الداعمة، وسبقتها شركة "أرجنت إنرجي" بالإعلان إغلاق مصنع ديزل حيوي تابع لها، العام الماضي 2024، تأثرًا بمنافسة الواردات الأميركية والصينية.
معضلة الوقود البريطانية
عادةً ما تتبع الشركات اتجاهًا لـ"مزج" الديزل الحيوي بالمنتج المشتق من عمليات تكرير النفط، لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وبالإضافة للمنافسة الأميركية، يعاني المنتجون في بريطانيا من اختلاف نسب مزج الوقود (بين نوعي الديزل النفطي والنفطي) مقارنة بأنحاء أوروبا، ويدفعون باتجاه رفع نسبة المزج إلى ما بين 12.15 و14.6% بحلول 2032.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، آدم ترايغر، إن عدم اليقين حول مستقبل سياسات الوقود الحيوي في المملكة المتحدة يهدد استثمارات الشركة وتنافسية مصنع "إمينغام".
تجدر الإشارة إلى أن شركة "غرين إنرجي" -التي اشترتها شركة ترافيغورا للسلع من شركة بروكفيلد الكندية، العام الماضي- تملك مصنع ديزل حيوي آخر في "تيسايد"، ولم تُشِر مراجعتها إلى إجراء بشأنه.
وتسعى الحكومة إلى احتواء أزمات الوقود المتتالية وإغلاقات المصانع ومرافق الإنتاج، وأكد متحدث حكومي أنه يجري التواصل مع "غرين إنرجي" لبحث مخاوفهم.
وجاء إعلان إغلاق مصنع "إمينغام" عقب بدء إجراءات إفلاس وتصفية مصفاة "ليندسي" للتكرير نهاية يونيو/حزيران الماضي، وسبقها وقف إنتاج مصفاة "غرانغماوث" في أبريل/نيسان الماضي.
وتضغط هذه المستجدات الطلب على الوقود في بريطانيا، إلى حدٍّ قد يضطر معه التجّار لزيادة الاعتماد على الواردات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: