في حارة من حواري الزاوية الحمراء بمحافظة القاهرة، حيث البيوت متلاصقة والقلوب متعارفة، دقت طبول الفرح، وتعالت الزغاريد، وبدأت الليلة التي انتظرها العريس والعروس.
لكن القدر كان يخبئ مشهدا تانيا، مشهد الدم الذي سال وسط الزينة، وصوت الصراخ الذي غطى على صوت الأغاني، بعدما سقط شاب في عمر الزهور اسمه «مازن»، غارقا في دمائه بطعنة اخترقت قلبه ومزقت فرحة أهله.
خلاف قديم
كان «مازن» شابا محبوبا في منطقته، جاء لحضور الفرح مثل أهل المنطقة، لكنه لم يكن يعرف أن «يوسف»، الذي بينه وبينه تاريخ من الخلاف، موجود هو الآخر داخل حفل الزفاف.
لم تكن العداوة وليدة اللحظة، بل جذورها ضاربة في أعماق الزمن، كان الخلاف قديما ولسان المتهم يوسف دوما يسبق يده، يطلق الكلمات كالرصاص، لكن في إحدى المرات، لم يكتف بالكلام، فرفع سكينا وطعن مازن.
تدخل الجيران، وسجل المحضر، وأُحيل يوسف للمحاكمة، التي انتهت بحكم بالسجن لمدة عام، لكن مازن، رغم الجرح والدم، تنازل عن حقه، آثر أن يغلق صفحة الخلاف حفاظا على ما تبقى من الود، وعلى علاقات الجيرة والقرابة، آملا أن تطيب النفوس ويستقيم الحال.
لكن يوسف لم يعرف يوما معنى الصفح، ولم يهدأ له قلب أو يسكن له ضمير، في ليلة الفرح، كان مازن واقفًا كأي شاب يملأه الأمل، يضحك، يمزح، وبينما تعالت الزغاريد واشتدت الموسيقى، اقترب منه يوسف، وبدأ باستفزازه علنا، بكلمات نابية، وإهانات جرحته أمام الحضور.
تدخل الحاضرون وفضوا المشادة، وعاد كل إلى مكانه، ظن الجميع أن الأمر انتهى، لكن يوسف كان يحمل نية أخرى، بعد دقائق، عاد من جديد، يخفي خلف ظهره نصلا، وانقض وسط الزحام، ووجه طعنة نافذة إلى صدر مازن، ثم سدد له طعنتين إضافيتين في جنبه ورقبته، سقط مازن غارقا في دمائه، وتحول الفرح إلى مأتم، والزغاريد إلى صرخات.
تلقي ضباط مباحث قسم شرطة الزاوية الحمراء بمديرية أمن القاهرة إشارة من غرفة عمليات النجدة مفادها نشوب مشاجرة ووجود قتيل بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى محل البلاغ.
وبالفحص تبين نشوب مشاجرة داخل حفل زفاف بين "يوسف" المتهم والمجني عليه "مازن" بسبب خلافات سابقة أقدم خلالها المتهم بطعن المجني عليه محدثا إصابته التي أودت بحياته، جرى نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
وعقب تقنين الإجراءات واستصدار أذن مسبق من النيابة العامة أمكن ضبط المتهم وتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات التي أمرت بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثة المجني عليه وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة.
وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه لاستكمال إجراءات الدفن وواجهت النيابة العامة المتهم بما أسفرت عنه التحريات والضبط فأقر بصحته وعليه أمرت النيابة بحبسه 4 أيام احتياطياً على ذمة التحقيقات وجدد قاضي المعارضات حبسه 15 يوما أخرين وجار استكمال التحقيقات.
