في قلب قرية صغيرة تابعة لمركز إدفو بمحافظة أسوان، خرجت زغاريد الفرح من منزل متواضع لتعلن عن قصة استثنائية كتبتها فتاة كفيفة بالإرادة والإصرار، الطالبة ابتسام محمد فوزي مدني، ابنة عزبة المصري الكلح غرب، حققت المركز الأول على الجمهورية في شهادة الثانوية الأزهرية – القسم الأدبي (مكفوفين)، بمجموع 496 درجة بنسبة 90.18%، لتتحول لحظة إعلان النتيجة إلى عرس حقيقي شارك فيه الأهل والجيران، احتفاءً بفتاة تحدّت الظلام لتصل إلى قمة التفوق.

تقول ابتسام ل " البوابة نيوز " : "الحمد لله.. شعرت أن الله أهداني ثمار تعبي واجتهادي" وكافأني بالنجاح .. حسّيت إن كل تعب السنين كان بيترجم في ثانية واحدة"، مضيفة أن خبر نجاحها جاءها من إحدى معلمات المعهد، وما إن أعلنت النتيجة حتى عمت الزغاريد أرجاء المنزل، وامتلأت عينا والدتها بالدموع.
رحلة تحدي وصوت يفتح أبواب العلم
وأوضحت ابتسام، الأولى على الجمهورية، قائلة: "المذاكرة بالنسبة لي كانت صوت بحسه.. ما كنتش بحس إنها عبء، بالعكس كانت رحلة ممتعة"، مشيرة إلى أن رحلتها الدراسية لم تكن عادية، فمنذ طفولتها اعتادت أن ترى العالم بقلبها قبل عينيها.
وأضافت ابتسام: "فقدان البصر بالنسبة لي ماكنش نهاية، بالعكس كان بداية طريق مختلف.. المذاكرة عندي ما كانتش ورق مكتوب، كانت أصوات بسمعها وأحفظها"، موضحة: "كنت بسجل الحصص و أعيد أسمعها مرات كتير، وحولت اليوتيوب لمدرسة كاملة بالصوت بس".
وأكدت بثقة: "إعاقتي ما كانتش عائق، بالعكس كانت دافع يخليني أشتغل على نفسي أكتر.. وسر نجاحي كله كان في التنظيم والمثابرة كل يوم خطوة بخطوة".
وأضافت ابتسام: "أساتذة المعهد الأزهرى كانوا بييجوا ليا البيت مخصوص علشان يشرحوا الدروس، وده كان بيديني دفعة كبيرة"، مضيفة: "إخواتي كانوا دايمًا جنبي خطوة بخطوة.. كأن النجاح ده مشروع بيتنا كله مش نجاحي أنا لوحدي".
وأشارت إلى أن شقيقتها الكبرى تخرجت من كلية الدراسات الإسلامية، وشقيقها إسلام حصل على بكالوريوس التربية الرياضية، بينما أنهت شقيقتها ألاء دراستها بمعهد معاون القضاء، مؤكدة: "كل واحد فيهم كان بيشارك في حلمي، ونجاحي هو تتويج لتعب العيلة كلها".
موهبة تتجاوز حدود الدراسة
وقالت ابتسام: "تفوقي ما وقفش عند الدراسة بس.. ولكن حصدت المركز الأول على مستوى الجمهورية في المسابقة الأزهرية في الإنشاد الديني ، وكمان حصلت على المركز التاني في الإعراب، وده شجعني أكتر"، مضيفة: "إن شاء الله هدخل كلية اللغة العربية.. بحبها وحسيتها صوتي اللي بيوصل للعالم".
دعم أسري ورحلة إيمان بالقدرات
وتابعت ابتسام عائلتي كانت حجر الأساس في هذه القصة. والدتي لم تفارقني في أي مرحلة، وأخواتي اعتبروا من نجاحي هدف مشترك ، مضيفة: "إخواتي كانوا بيذاكروا معايا، كأن الامتحان بتاعنا كلنا مش بتاعي لوحدي.. النجاح ده مش نجاحي أنا بس، ده نجاح بيتنا كله".
رسالة أمل لذوي الهمم
وقالت ابتسام في رسالة وجهتها لذوي الهمم: "ما تستنوش قبل الامتحان تبدأوا.. التعليم مش ورق نستلمه في آخر السنة، التعليم رحلة يومية ولازم نستمتع بيها"، مضيفة: "إعاقتكم مش نهاية.. دي بداية لطريق مختلف، بس محتاج صبر وإصرار علشان توصلوا لأحلامكم".




