اقرأ في هذا المقال
- زيادة إنتاج النفط الليبي إلى مليوني برميل يوميًا مرهونة بعدة شروط.
- تراخيص الاستكشاف لعام 2025 تعمل على زيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات.
- تحوّل أوروبا نحو مصادر وقود أنظف يُمثل فرصةً كبيرةً لدولة ليبيا.
- خريطة طريق الطاقة الليبية تدمج أهداف الاستدامة طويلة الأجل.
أكد وزير النفط الليبي خليفة عبدالصادق، سعي بلاده إلى زيادة إنتاجها من النفط لمليوني برميل يوميًا بحلول عام 2030، دون الإخلال بالتزاماتها تجاه منظمة أوبك.
وكشف عبدالصادق، في حوار اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، عن خطة ليبيا لجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في جولة التراخيص لعام 2025، من أجل زيادة الإنتاج من جهة، وإعادة ترسيخ مكانة البلاد بوصفها وجهة تنافسية رائدة في مجال الاستكشاف من جهة أخرى.
وشدد وزير النفط الليبي على أن تحوّل أوروبا نحو مصادر وقود أنظف يُمثل فرصةً كبيرةً للبلاد؛ نظرًا إلى قربها الجغرافي وبنيتها التحتية واحتياطياتها غير المُستغلة من الغاز.
وتطرّق الوزير، في حواره مع منصة "أكسفورد بيزنس غروب" (Oxford Business Group)، إلى دمج الممارسات المستدامة في خريطة طريق الطاقة الليبية.
إنتاج النفط الليبي
قال خليفة عبدالصادق، إن مسار إنتاج النفط الليبي يعكس القدرة التاريخية والتحديات التي واجهتها البلاد في العقود الأخيرة؛ إذ تجاوز الإنتاج 3 ملايين برميل يوميًا، خلال ذروته في أوائل سبعينيات القرن الماضي.
ولكن، تسببت الاضطرابات غير الفنية المتتالية -بما في ذلك العقوبات والصراعات وتدهور البنية التحتية- في انخفاضات متكررة.
وأشار الوزير إلى أن إنتاج النفط الليبي يبلغ اليوم نحو 1.4 مليون برميل يوميًا، مع هدف قريب المدى يتمثل في استعادة مستوى ما قبل عام 2011 البالغ 1.6 مليون برميل يوميًا.
وأوضح عبدالصادق أن الوصول إلى مليوني برميل يوميًا بحلول عام 2030 يتطلب استثمارات إستراتيجية على 3 جبهات: إعادة تطوير الحقول الناضجة، وتشغيل المواقع الجديدة المكتشفة منذ مدّة طويلة ولكنها غير مُطوّرة، واستغلال الاحتياطيات الهامشية التي لم تُستَغل بشكل كافٍ لمدّة طويلة.
وشدد الوزير على أن التوسع الموازي في طاقة قطاع التكرير تأتي على مستوى الأهمية نفسه؛ إذ لا يزال إنتاج التكرير الحالي أقل من 160 ألف برميل يوميًا، وهو أقل بكثير من الطلب المحلي.
وقال في حواره الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة: "يجري العمل على خطط لمضاعفة هذا الرقم إلى أكثر من 400 ألف برميل يوميًا؛ ما يتيح استبدال الواردات وتصدير المنتجات".
وأكد أن هذا النهج المتكامل يضمن ألا يُثقل نمو قطاع التنقيب والإنتاج كاهل التنسيق مع منظمة أوبك، مع تعزيز أمن الطاقة والقيمة المضافة محليًا.
الاستثمارات في تراخيص الاستكشاف
في سياقٍ متصل، أوضح وزير النفط الليبي خليفة عبدالصادق، أن الجهود الأخيرة لتنشيط أطر الاستثمار تعكس إعادة تقييم لنماذج تراخيص الاستكشاف السابقة.
وفي هذا الصدد، قد أُجريت مراجعة مزدوجة المسار: تدقيق داخلي لأوجه القصور التاريخية في التراخيص، ودراسة مقارنة خارجية بقيادة شركة الاستشارات العالمية وود ماكنزي.
وسلّط هذا التحليل الضوء على الحاجة إلى شروط مالية أكثر تنافسية، وآليات أوضح لتقاسم المخاطر.
والأهم من ذلك، أشار الوزير إلى أن التحليل تضمّن أيضًا ملاحظات مباشرة من الشركاء الدوليين الحاليين والمحتملين، الذين أُدمجت مخاوفهم في نموذج مُعاد هيكلته.
وقال عبدالصادق: "لقد أثبت النظام الجديد جاذبيته بالفعل؛ إذ تأهلت أكثر من 40 شركة دولية -تتراوح من شركات النفط الدولية إلى الشركات المستقلة النشطة- للمشاركة، بعد مرحلة تأهيل مسبقة صارمة".
وامتد الاهتمام إلى مناطق جغرافية مختلفة، بما في ذلك أميركا الشمالية وأوروبا وجنوب شرق آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار الوزير، في حواره الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن هذا التنوع يؤكد الثقة المتزايدة بإمكانات ليبيا في قطاع التنقيب والإنتاج، وفي التدابير المتخذة لمواءمة الظروف المالية مع المعايير العالمية.
كما قال: "جولة التراخيص الجارية ليست مجرد محاولة لزيادة الإنتاج، بل هي جهد مدروس لإعادة ضبط توقعات المستثمرين وإعادة ترسيخ مكانة ليبيا بوصفها وجهة تنافسية رائدة في مجال الاستكشاف".
دعم تحول الطاقة في أوروبا
بشأن دعم جهود انتقال الطاقة، أكد وزير النفط الليبي خليفة عبدالصادق، أن تحوّل أوروبا نحو مصادر وقود أنظف يُمثل فرصةً كبيرةً لدولة ليبيا، نظرًا إلى قربها الجغرافي وبنيتها التحتية واحتياطياتها غير المُستغلة من الغاز.
وأوضح الوزير أن أنبوب "غرين ستريم"، الذي يربط ليبيا مباشرةً بإيطاليا، يمتلك القدرة على نقل نحو 11 مليار متر مكعب سنويًا؛ إلا أن الاستعمال الفعلي انخفض إلى أقل من 25% من هذا الرقم.
وأرجع عبدالصادق هذا التراجع بصفة خاصة إلى تأخر تطوير حقول الغاز في قطاع التنقيب والإنتاج؛ مشددًا على أن ملء هذا الشريان الإستراتيجي يظل أولويةً قصوى.
وأضاف أنه من المتوقع أن تُسهم التطورات الرئيسة في البحر المتوسط -وخاصةً حقول الغاز "إيه آند إي" بالشراكة مع شركة إيني الإيطالية- في إضافة 760 مليون قدم مكعّبة قياسية يوميًا.
وسيُساعد ذلك في تعويض انخفاض الإنتاج البحري وتلبية الاحتياجات المحلية ومتطلبات التصدير.
وفي الوقت نفسه، ستُمكّن إستراتيجيةٌ تدريجيةٌ لتحديث أنظمة الإخلاء، بما في ذلك خط أنابيب رئيس بقطر 42 بوصة من حوض سرت إلى الساحل، من جمع كمياتٍ أكبر من الغاز المصاحب العالق حاليًا في الحقول المتفرقة، بحسب تصريحات وزير النفط الليبي، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وشدد على أن خفض حرق الغاز يُعَد ركيزةً أخرى من ركائز هذا النهج؛ إذ التزمت ليبيا بالقضاء على حرق الغاز الروتيني بحلول عام 2030، ويجري بالفعل تنفيذ العديد من المشروعات لتحقيق هذا الهدف.
وقال عبدالصادق: "لا يقتصر الهدف على تحسين الأداء البيئي فحسب، بل يشمل أيضًا إعادة توجيه الغاز المُلتقط إلى توليد الكهرباء والتصدير؛ ما يعزز دور ليبيا بوصفها شريكًا موثوقًا في عملية انتقال أوروبا إلى اقتصاد منخفض الكربون".
خريطة طريق الطاقة الليبية
تعمل ليبيا على دمج الممارسات المستدامة في خريطة طريق الطاقة؛ إذ يجري اتباع إستراتيجية منظمة تضع الأولويات التقليدية -مثل إعادة تطوير المناطق القديمة والجديدة- جنبًا إلى جنب مع أهداف الاستدامة طويلة الأجل، بحسب ما أكده الوزير خليفة عبدالصادق.
وقال وزير النفط الليبي: "بينما يظل تعافي قطاع التنقيب والإنتاج هو المحرك على المديين القصير والمتوسط؛ تكتسب الطاقة المتجددة زخمًا بوصفها عامل تمكين إستراتيجيًا".
ويجري استكشاف الطاقة الشمسية، على وجه الخصوص، لتقليل الاعتماد على الديزل وزيت الوقود الثقيل لتوليد الكهرباء؛ ما يُتيح مزيدًا من الغاز للتصدير.
كما أشار الوزير إلى أن احتجاز الكربون وتخزينه دخل أفق الاستثمار؛ ويعكس عنصر عزل ثاني أكسيد الكربون في مشروع "إيه آند إي"، الذي تُقدر قيمته بنحو مليار دولار، هذا الالتزام.
وأكد عبدالصادق أن خريطة طريق ليبيا تتماشى مع أطر المناخ العالمية، بما في ذلك التعهدات المقدمة لعملية مؤتمر الأطراف (كوب) التابع للأمم المتحدة، وتسعى بنشاط إلى تحقيق التوازن بين تحقيق الدخل من الهيدروكربونات والحفاظ على البيئة.
وقال: "لا يُنظر إلى تحوّل الطاقة بوصفه تهديدًا، بل بوصفه فرصة لتأمين القطاع للمستقبل، وتنويع عروض الطاقة، وضمان بقاء ليبيا موردًا ذا صلة وتنافسية في سوق عالمية سريعة التطور".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: