أخبار عاجلة

الدول المستوردة للنفط الروسي مهددة برسوم ترمب الجمركية بنسبة 100% (مقال)

الدول المستوردة للنفط الروسي مهددة برسوم ترمب الجمركية بنسبة 100% (مقال)
الدول المستوردة للنفط الروسي مهددة برسوم ترمب الجمركية بنسبة 100% (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • روسيا تبيع ما بين 85 و90% من نفطها المنقول بحرًا للصين والهند
  • فرض رسوم جمركية على صادرات روسيا النفطية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا
  • ارتفاع أسعار السلع والوقود سيُشكّل تحديات سياسية وتضخمية لإدارة ترمب
  • روسيا تكيّفت مع العقوبات باستعمال "أساطيل الظل" وطرق شحن بديلة للتهرب من التطبيق

أصبحت الدول المستوردة للنفط الروسي مهددة برسوم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الجمركية بنسبة 100%.

وإذا لم توافق روسيا على إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 50 يومًا، فقد هدَّد ترمب بفرض عقوبات إضافية، بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 100% على الدول التي تستورد النفط الروسي.

وبدلًا من استهداف روسيا تحديدًا، ستستهدف هذه الرسوم الدول التي ما تزال تتعامل تجاريًا معها، مع التركيز على قطاعات الطاقة والزراعة والدفاع.

ويهدف تقييد وصول شركائها التجاريين إلى السوق الأميركية إلى زيادة الضغط الاقتصادي على روسيا.

استهلاك النفط الروسي في الصين والهند

تُعدّ الصين والهند -أكبر الدول المستوردة للنفط الروسي، بعد أن أجبرت العقوبات الغربية الإمدادات الروسية على التوجّه شرقًا- الهدف الرئيس لهذا الإجراء.

بدورها، تبيع روسيا ما بين 85 و90% من نفطها المنقول بحرًا لهاتين الدولتين مجتمعتين.

ونظرًا لأن روسيا تُصدّر أكثر من 7 ملايين برميل من النفط يوميًا، فإن فرض رسوم جمركية عليهما قد يُحدِث اضطرابًا خطيرًا في أسواق الطاقة هذه، ويكون له آثار بعيدة المدى في الاقتصاد العالمي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا.

في مجلس الشيوخ الأميركي، تحظى هذه الإستراتيجية بدعم من الحزبين؛ إذ تقترح بعض مشروعات القوانين فرض ضرائب بنسبة 500% على الدول التي تستورد اليورانيوم أو الكهرباء الروسيين.

ناقلة النفط الروسي
ناقلة النفط الروسي فلاديمير مونوماخ – المصدر: روسنفط فلوت

وعلى عكس التشريعات التي تتطلب موافقة الكونغرس، ستستعمل خطة ترمب أوامر تنفيذية لفرض "رسوم جمركية ثانوية"، ما يتيح مجالًا أوسع لتعديل العقوبات أو رفعها.

ومن خلال قطع الدعم الاقتصادي الحيوي عن شركائها التجاريين الرؤساء، تسعى هذه السياسة إلى الضغط على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا.

ونظرًا لتعقيد أسواق النفط العالمية واحتمال ارتفاع أسعار الطاقة بشكل حادّ عالميًا، بما في ذلك في الولايات المتحدة، ما يزال العديد من المحللين والمشاركين في السوق يشككون في جدوى هذه الرسوم، إذ يعدّونها رمزية في الغالب.

إضافةً إلى ذلك، رفضت دول مثل الصين والهند هذه الجهود، مشددةً على أهمية أمن الطاقة لديها.

وفي حال تطبيق هذه الرسوم، قد تواجه دول مثل المجر، التي تعتمد بشكل كبير على النفط الروسي الرخيص، اضطرابات اقتصادية حادّة، ما يُهدد الاقتصادات المحلية التي تعتمد على استيراد النفط الروسي والدخل المرتبط به.

تأثير الرسوم الجمركية في أسعار النفط

في حال إقرارها، من المرجّح أن يُسبِّب تهديد الرئيس ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الدول المستوردة للنفط الروسي ارتفاعًا حادًا في أسعار النفط العالمية، ما قد يدفع الأسعار إلى ما يزيد على 120 دولارًا للبرميل من مستوياتها الحالية التي تتراوح بين 69 و70 دولارًا للبرميل.

تجدر الإشارة إلى أن روسيا تُصدّر ما بين 4.5 و5 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام، وهو ما يُمثّل نحو 5% من الطلب العالمي، إلى جانب نحو مليوني برميل يوميًا من المنتجات المُكررة.

ويتدفق جزء كبير من هذا العرض الآن إلى الصين والهند بعد العقوبات الغربية التي أعادت توجيه مسارات التصدير الروسية شرقًا.

وسيتمثل أحد الآثار الرئيسة في حدوث اضطراب كبير بإمدادات النفط العالمية.

وسيؤدي قطع صادرات النفط الروسية إلى كبار المشترين مثل الصين والهند إلى إزالة جزء كبير من النفط المتاح في السوق، ما يُسبِّب نقصًا من شأنه أن يدفع الأسعار إلى ارتفاع حادّ.

وقد يُفاقم هذا الانخفاض في العرض التقلبات، ويُرهق أسواق الطاقة في جميع أنحاء العالم.

مصفاة نفط تابعة لشركة بهارات بتروليوم في مدينة مومباي بالهند
مصفاة نفط تابعة لشركة بهارات بتروليوم في مدينة مومباي بالهند – الصورة من بلومبرغ

تأثُّر المستهلكين في الولايات المتحدة

ستؤدي الرسوم الجمركية الثانوية المفروضة على الدول المستوردة للنفط الروسي إلى زيادة تكاليفه، التي من المرجّح أن تنتقل إلى المستهلكين، بمن فيهم المستهلكون في الولايات المتحدة.

وسيُشكّل ارتفاع أسعار السلع والوقود تحديات سياسية وتضخمية لإدارة ترمب، ما يُعقّد الجهود المبذولة للحفاظ على أسعار طاقة معقولة محليًا.

على الرغم من هذه التأثيرات المحتملة، ما يزال تجّار النفط ومحللو السوق متشككين في احتمال تطبيق الولايات المتحدة لهذه الرسوم الجمركية بالكامل.

فالمخاوف من إثارة التضخم وزعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية تجعل تطبيق هذه الإجراءات الشاملة غير مؤكد، لا سيما أن الرسوم تتعارض مع الأهداف المحلية المتمثلة في إبقاء أسعار الطاقة منخفضة.

ردّ فعل السوق

حتى الآن، كان ردّ فعل السوق على تهديد الرسوم الجمركية خافتًا، ما يعكس شكوكًا بشأن جدواها وإمكان تطبيقها.

وقد تكيّفت روسيا مع العقوبات باستعمال "أساطيل الظل" وطرق شحن بديلة للتهرب من التطبيق، ما عقّدَ جهود تعطيل صادراتها النفطية بالكامل.

ويزيد هذا الصمود من الضبابية بشأن مدى تأثير الرسوم المقترحة في تجارة الطاقة العالمية.

سبب استهداف الهند والصين

تركّز عقوبات الرئيس ترمب الثانوية على الهند والصين لكونهما أكبر مستوردي النفط الروسي، حيث تشتريان ما يقارب 85-90% من النفط الروسي المنقول بحرًا، بعد أن حدّت العقوبات الغربية من وصول روسيا إلى الأسواق التقليدية.

وبدلًا من فرض عقوبات مباشرة على روسيا، يهدف ترمب إلى عزلها اقتصاديًا بالضغط على مشتريها الرؤساء لوقف عمليات الشراء، ومن ثن قطع إيرادات حيوية لفرض وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

وتشمل الأسباب الرئيسة ما يلي:

النفوذ الاقتصادي: تجني روسيا ما يُقدَّر بنحو 192 مليار دولار سنويًا من مبيعات النفط، معظمها من خلال الصادرات إلى الهند والصين.

ومن خلال فرض عقوبات على هؤلاء المشترين، تهدف الولايات المتحدة إلى خفض دخل روسيا من النفط بشكل كبير دون مواجهة مباشرة.

ديناميكيات السوق: زادت الصين والهند من واردات النفط الروسي المخفّض السعر، ما يدعم الاقتصاد الروسي وجهوده الحربية، على الرغم من العقوبات الغربية.

الضغط على المشترين: تفرض العقوبات الثانوية رسومًا جمركية على الدول المستوردة للنفط الروسي، ما يجعل استمرار التجارة مكلفًا، ويهدد وصولها إلى السوق الأميركية، إذا استمرت في ذلك.

الإشارات السياسية: تُؤكد مهلة الـ50 يومًا، التي حدّدها ترمب، ضرورة دفع روسيا نحو مفاوضات السلام، من خلال استهداف كبار المشترين رادعًا.

ويستهدف هذا النهج شرايين الحياة الاقتصادية التي تدعم جهود روسيا الحربية، مع السعي إلى الاستفادة من تبعات التجارة الدولية للتأثير في مسار الحرب، دون مواجهة مباشرة مع روسيا نفسها.

ناقلة النفط سويز فيوري راسية بالقرب من مدينة ناخودكا الساحلية في روسيا
ناقلة النفط سويز فيوري راسية بالقرب من مدينة ناخودكا الساحلية في روسيا – الصورة من رويترز

إعادة تشكيل محتملة لعلاقات تجارة الطاقة

قد يُحدِث تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية تغييرًا جذريًا في تجارة الطاقة العالمية.

ومن خلال استهداف الهند والصين -أكبر مشتري النفط الروسي-، يسعى هذا النهج إلى قطع مصادر الدخل الحيوية لروسيا، مع فرض ضغوط جديدة على أسواق الطاقة الآسيوية.

وفي حال تطبيقه، قد يُعزز هذا النهج من استغلال روسيا اقتصاديًا أداةً للتأثير الجيوسياسي.

وبالنسبة لروسيا، قد يدفع فقدان هذه الأسواق الحيوية إلى توطيد علاقاتها مع دول أقل عرضة للعقوبات الأميركية، وتوسيع نطاق استعمال "أساطيل الظل" وطرق الدفع البديلة للالتفاف على القيود.

من ناحيتهما، قد تحاول الهند والصين تنويع مصادر الطاقة، لكنهما تواجهان حوافز قوية لمواصلة شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة.

وقد تزيد مقاومتهما من الخلاف الدبلوماسي مع الولايات المتحدة، لا سيما أن كلتيهما تشددان على الاستقلالية الإستراتيجية وأمن الطاقة، ما قد يُؤدي إلى تصدُّع تحالف العقوبات العالمية.

وتُهدد الرسوم الجمركية بإلحاق الضرر بعلاقات الولايات المتحدة مع الهند والصين، وهما من أكبر اقتصادات آسيا.

وإذا عُدَّت هذه السياسة إكراهًا، فقد تأتي بنتائج عكسية دبلوماسيًا، إذ تدفع هذه الدول إلى التقارب مع روسيا وشركاء آخرين غير غربيين، ما يُسرّع من نشوء تكتّل تجاري متعدد الأقطاب أقل انحيازًا لواشنطن وأوروبا.

إلى جانب ذلك، قد يستعمل ترمب التهديد وسيلة ضغط لتقديم تنازلات في قضايا غير ذات صلة، ما يزيد من حالة الضبابية في العلاقات العالمية الهشّة أصلًا.

تحديات التنفيذ ومخاطر السوق العالمية

لا يُعدّ تطبيق الرسوم الجمركية المُخطط لها سهلًا، ما يُصعّب على الحكومة الأميركية ممارسة ضغط ناجح على روسيا.

وأنكرت كلٌّ من الصين والهند هذه المخاطر علنًا، مُسلّطَتين الضوء على أهمية أمن الطاقة بالنسبة لهما أكثر من الضغوط السياسية الخارجية.

وتعتمد الدولتان اعتمادًا كبيرًا على النفط الروسي، وتُظهر معارضتهما عزمهما في الحفاظ على استقرار إمدادات الطاقة رغم أيّ آثار اقتصادية سلبية.

وفي الوقت نفسه، يُفاقم التكيف الإستراتيجي الروسي من خلال استعمال أساليب الشحن غير المباشرة، مثل "أساطيل الظل" وإعادة رفع الأعلام على السفن، التي تعوق عملية التتبع وتُصعّب تطبيق العقوبات، هذه التحديات.

من ناحية ثانية، قد تُقوّض هذه الأساليب المُراوغة مصداقية واشنطن وفعالية إجراءاتها الاقتصادية القسرية عمومًا، ما قد يُقيّد بشكل كبير الأثر العملي للرسوم الجمركية الأميركية.

وبعيدًا عن التنفيذ، قد يُقوّض الضغط المُفرط التحالف الدقيق المطلوب لكبح جماح العدوان الروسي والتأثير في حوكمة الطاقة العالمية من خلال عزل الولايات المتحدة سياسيًا.

وتتقرب الهند والصين ودول أخرى من روسيا نتيجةً لهذه العزلة، ما يُعجّل بتشكيل تكتلات اقتصادية بديلة أقل دعمًا للأهداف الغربية.

ونتيجةً لهذه الإجراءات، ثمة خطرٌ من تقلباتٍ كبيرة في سوق النفط العالمية.

وقد تُؤدي الانقطاعات التجارية والرسوم الجمركية والإجراءات الانتقامية إلى ارتفاعٍ حادٍّ في أسعار النفط، ما يُفاقم الضغوط التضخمية ويُؤثّر سلبًا في المستهلكين والصناعة العالمية.

ويفيد الطلب المتزايد على صادرات الولايات المتحدة من النفط والغاز المُسال البلاد على المدى القصير، إلّا أن الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد وأمن الطاقة العالمي مُهدّدان بشكلٍ خطيرٍ بسبب التداعيات الأوسع نطاقًا، التي تشمل تجزئة التجارة الدولية، وارتفاع أسعار الطاقة، وتفاقم الاستقطاب الجيوسياسي.

الخلاصة:

يُمثّل تهديد الرئيس ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الدول المستوردة للنفط الروسي شكلًا من أشكال العقوبات الثانوية التي تهدف إلى الضغط على روسيا من خلال استهداف شركائها التجاريين، وعلى رأسهم الهند والصين، لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن تنفيذه ما يزال غير مؤكد، وتُعرب الأسواق عن حذرها من التداعيات المحتملة، قد يُجبر هذا التهديد الهند والصين على إعادة النظر في اعتمادهما على النفط الروسي.

وتُهدد هذه التوجهات بتعطيل التدفقات التجارية الحالية، وتدهور العلاقات الأميركية مع الاقتصادات الآسيوية الرئيسة، وارتفاع أسعار الطاقة العالمية وحالة الضبابية.

وما يزال الوضع غير مستقر، حيث يُحتمل أن تُمثّل الرسوم الجمركية وسيلة ضغط دبلوماسية أكثر منها حواجز تجارية مُطبَّقة بالكامل.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بدء التقديم لكلية الشرطة 22 يوليو.. تعرف علي مواعيد وشروط القبول للطلاب
التالى رئيس جامعة دمنهور يفتتح فعاليات الأولمبياد السابع لكليات الحاسبات والمعلومات