شهدت منطقة المالح في الأغوار الشمالية ليلة دامية، بعدما أقدم مستعمرون مسلحون على مهاجمة خيام المواطنين، وارتكاب اعتداء همجي طال الممتلكات والأرواح الحيوانية.
ويعد ذلك تصعيد خطير يعكس مدى الإفلات من العقاب الذي بات يتمتع به المستوطنون في الضفة الغربية.
وقال مهدي دراغمة؛ رئيس مجلس قروي المالح، فقد تسللت مجموعة من المستعمرين إلى المنطقة تحت جنح الظلام، وقامت بسرقة عشرات رؤوس الأغنام التي تعود لعائلات فلسطينية تقطن المنطقة، واقتادتها إلى منطقة تُعرف باسم "الشق" القريبة. وهناك، ارتكبوا ما وصفه الأهالي بمجزرة حقيقية، تم فيها قتل نحو 117 رأسًا من الأغنام باستخدام السكاكين والرصاص الحي، في مشهد لم تَسلم منه حتى الحيوانات.
والهجوم لم يقتصر على المواشي، بل تخلله اعتداء مباشر على الأهالي أنفسهم؛ إذ هاجم المستعمرون خيام السكان وروعوا العائلات في منتصف الليل، في محاولة ممنهجة لفرض واقع من التهجير القسري والتطهير الهادئ تحت غطاء الاحتلال وبحماية جيشه.
تصعيد استيطاني
ما جرى في المالح ليس حادثة منعزلة، بل جزء من سياسة تصعيد استيطاني أخذت تتكثف منذ بداية العام، ويبدو أنها تستهدف الأغوار تحديدًا، لما لها من أهمية استراتيجية وزراعية في المشروع الاستيطاني الإسرائيلي. وتكشف هذه الجريمة أن المواجهة لم تعد تدور فقط حول الأرض والمكان، بل امتدت لتطال مصادر الرزق المباشرة للسكان، عبر ضرب الثروة الحيوانية التي تمثل العمود الفقري لاقتصاد المجتمعات البدوية والريفية هناك.
وفي ظل غياب أي مساءلة دولية فعلية، واستمرار التواطؤ أو الصمت من قبل سلطات الاحتلال، تبقى هذه الجرائم بمثابة رسائل قمع متجددة تهدف إلى كسر إرادة السكان الأصليين، وتجريدهم من القدرة على البقاء، تمهيدًا لابتلاع الأرض التي يقيمون عليها.
المجزرة التي ارتكبتها أيادي الاستيطان الليلة الماضية ليست فقط جريمة بحق الحيوانات أو الممتلكات؛ بل هي أيضًا إعلان صريح عن عمق التوحش الذي بلغته السياسات الاستعمارية على الأرض، واستدعاء مباشر لحقائق التاريخ عندما كان القتل والسرقة أدوات رئيسية لإخضاع الإنسان وطرده من موطنه.