في أول رد فعل جماعي، كشف عدد من المفكرين السوريين البارزين رفضهم للإساءة لمصر، بعد التظاهرات التي شهدتها العاصمة دمشق والتي نظمت للتعبير عن غضبهم من ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة، إلا أن تلك التظاهرات تخللها هتافات مسيئة للدولة المصرية، وهو ما دفع عدد من المفكرين السوريين للرد على تلك التظاهرة والتأكيد على دور مصر القوي في المنطقة، خاصة وأن القاهرة احتضنت الشعب السوري الذي عاش فيها كالمصريين تمامًا منذ الحرب الأهلية السورية.
فضل مصر على السوريين
وفي هذا الإطار أكد ملهم الخن، رئيس مؤسسة سوريا للإغاثة أن علاقة الدولتين والشعبين السوري والمصري ستبقى أعمق وأقوى من أي محاولات مشبوهة لزعزعتها، موضحًا: "أرفض بشكل قاطع أي إساءة لأهلنا في مصر الذين قدموا الكثير وبنفس الوقت أدين الحملة الأخيرة الموجهة للإساءة للشعب السوري واستغلال حدث عابر من عشرات الأفراد الذين لا يمثلون سوى أنفسهم".
وأضاف: "منطقتنا بأشد الحاجة للتوحد ولمد الجسور والتعاون والتكاتف وأتمنى تجاهل مثيري الفتن من جميع الأطراف ومحاسبتهم من الجهات المختصة، ولمصر فضل على السوريين لا ينكره إلا جاحد، وحسن استضافة الشعب المصري للسوريين سيبقى في الأعماق"
وتابع الخن قائلًا: "أتردد بين مصر وسوريا وأنتمي لهذين البلدين العريقين ولا أشعر بمصر إلا أنني بين أهلي وشعبي وأحبابي".
مكانة مصر الاستثنائية
أما الكاتب والمفكر الكردي محمد أرسلان، فقد أكد أن أنه لا يمكن لمن يتتبع تاريخ المنطقة العربية والإقليم إلا أن يُقرَّ بمكانة مصر الاستثنائية، معتبرًا أن مصر ليست مجرد دولة على الخريطة، بل هي “عمق حضاري“، وحصن منيع لطالما كان ملاذاً آمناً لكل من ضاقت به السبل.
وأضاف أرسلان، قائلًا: "مصر دائمًا كانت وستبقى كنانة الله ومُلتقى الأشقاء والحضن الدافىء لكل من افتقد حنان وعطف وطنه وبلده. وعلى مر العصور، لم تغلق مصر أبوابها في وجه من جار عليه الزمن أو ضربت بلاده الفوضى والاضطراب"، مشير ًا إلى أن القاهرة كانت دائمًا هي وجهة الأمل لكل من يطلب الأمان من أحداث الزمن سواء من فلسطين أو سوريا بعد الحرب الأهلية التي شهدتها الأخيرة منذ الربيع العربي، معتبرًا أن ما يقال على السوريين يقال أيضَا على من لجأ إلى مصر من أهالي السودان وليبيا واليمن.
وأشار إلى أنه في السنوات الأخيرة، ومع تصاعد الأزمات في المنطقة، استقبلت مصر بكل رحابة صدر “ملايين الأشقاء“ الذين هربوا من ويلات الحرب والدمار، منوهًا إلى أن مصر لم تعامل من لجأ إليها معاملة اللاجئين ولم تقيم مخيمات لجوء بل عاملتهم كأصحاب بيت بل حتى أن المصريين لم ينظروا إليهم كضيوف، بل “مواطنين“، حلّت عليهم المحن والغيوم السوداء والتي ستنقشع يوماً ما".
وشدد على أن السوريين اندمجوا سريعًا في المجتمع المصري وحصلوا على الخدمات من تعليم وصحة، وهو يعبر عن المعاملة النبيلة التي تنبع من ثقافة متجذرة في الشعب المصري، تؤمن بأنه “تجمعنا وحدة مصير“، وأن مصر هي خيمة الجميع.
إسرائيل تحتل سوريا
وفي سياق متصل أكد رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رفضه الكامل للهتافات التي انطلقت في تظاهرة دمشق وتنال من الدولة المصرية بقيادتها وشعبها الذين احتضنا السوريين منذ بداية أزمتهم في عام 2012، مضيفًا أن هذه الأصوات لا تمثل الشعب السوري نهائيًا ولا تمثل موقف السوريين الذين يكنون كل احترام وتقدير للشعب المصري الذي وقف بجانب السوريين في أزمتهم منذ حلولهم ضيوفًا على مصر.
وأضاف عبد الرحمن، أن مصر فتحت أبواها بدون تمييز للأشقاء العرب كلهم بما فيهم السوريين، واندمجوا معهم في الخدمات المقدمة إليهم من صحة وتعليم، وكان من المفترض على السوريين أن يقدموا العرفان والشكر للمصريين حكومة وشعبًا على ما قدموه للشعب السوري الذي عاش في مصر كأنهم جزء من الشعب المصري لا لاجئين.
وشدد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان على أن من أطلقوا تلك الهتافات المسيئة لمصر عليهم أن يوجهوها إلى قواعد العدو الإسرائيلي الذي يبعد عن مكان تلك التظاهرات عدة كيلو مترات قليلة، والذي يحتل جزءَ عزيزًا على قلب السوريين وهي هضبة الجولان، علاوة على التمركزات العسكرية التي أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب القنيطرة، بالإضافة إلى احتلاله أجزاء موسعة من جبل الشيخ ومناطق تقع بالقرب من العاصمة السورية دمشق.
صيحة سوريا: “اعذرونا”
فيما وجه الشاعر والروائي الكردي هوشنك أوسي، نداءً إلى الشعب المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي قائلًا: "شعب مصر العظيم وفخامة الرئيس المصري السيد عبد الفتاح السيسي، تحية حب واحترام وتقدير لكم إلى أبد الآبدين. نرجو أن تتسع صدوركم وألا تؤاخذونا بما فعله وقاله السفهاء والجهلة والإرهابيون"، مضيفًا: "إن في قلوب وضمائر وعقول ملايين السوريين محبةً صادقةً بلا حدود تجاه مصر وشعبها ورئيسها".
وتابع قائلًا: "هؤلاء الإرهابيون السفلة أجرموا بحق سوريا والسوريين قبل إجرامهم وتطاولهم اللفظي على مصر الحبيبة وشعبها ورئيسها. وأطالب نظام الجولاني بتقديم الاعتذار الفوري والعاجل لمصر وشعبها ورئيسها، وتقديم كل من تطاول على مصر إلى المحاكمة".
ونوه قائلًا: "كما آمل من الشعب المصري الكريم والأصيل، ومن نخبه الثقافية والإعلامية والسياسية، عدم الانزلاق إلى ردود أفعال متسرعة أو إطلاق دعوات لترحيل السوريين. لكم مني كل الاحترام والتقدير والاعتذار أيضاً".