الإله تحوت هو إله المعرفة، الكتابة، الحساب، الحكمة، السحر، القمر، والميزان بين الحق والباطل، في معتقدات المصريين القدماء، ويصور غالباً برأس إيبِس “طائر أبو منجل” أو على شكل قرد بابون.
نصوص الأهرام
وجاء ذكر الإلة تحوت في نصوص الأهرام، حيث جاء ضمن نصوص الجنائزية الملكية القديمة، حيث يوظف لدوره في نصوص القياس والموازنات (مثل موازنة القلب ضد ريشة "ماعت")، كما ذكر أيضاً في نصوص التوابيت والكتب الجنائزية مثل كتاب الموتى حيث يسجل أفعال الميت، يساعد في الحكم على النفس، ويظهر في تداول السحر والتعاويذ المرتبطة بالدفن.
كان للإله تحوت عدة أدوار دينية مهمة منها: تسجيل تصرفات الآلهة والموتى، خاصة في القصة المتعلقة بمحاكمة القلب أمام ميزان ماعت، والمصلح بين ومقدم النصائح بين الآلهة في أساطير مثل صراع ست وحورس، تحوت يعمل وساطة، يصلح الأذى، كما ينسب إليه الفضل في تنظيم الزمن، تحديد مراحل القمر، وربما إعداد التقويم المصري.
مراكز عبادته
وكان للإله تحوت عدة مراكز للعبادة في مصر القديمة منها: هرموبوليس أو مدينة خمنو كما كان يطلق عليها المصري القديم، والتي تقع في محافظة المنيا وقد عرفت بذلك الاسم اليوناني نسبة إلى تشيبه الإله تحوت بالإله هرمس اليوناني، وكانت تلك المدينة هي المركز الأساسي لعبادة الإله تحوت، واحتوت المدينة على معابد ضخمة لتحوت، وارتبطت بأسطورة خلق الكون من مياه الفوضى، حيث كان تحوت هو المنظم الأول للنظام.
وأيضا مدينة الأشمونين بمحافظة المنيا أيضا، وهي الجزء الذي مثل المدينة المقدسة لتحوت في فترات لاحقة، وبها بقايا معبد كبير من العصر المتأخر، ومعابد أعيد بناؤها في العصر اليوناني والروماني، كما وجدت كميات كبيرة من تماثيل طائر الإيبس المحنطة، الذي يمثل تحوت، ودفنت في مقابر جماعية ضمن طقوس عبادة موسمية.
إضافة إلى مقابر الحيوانات المقدسة والقريبة من الأشمونين، وكانت موقعاً ضخماً لدفن طيور الإيبس والبابون المقدسة الخاصة بعبادة تحوت، وتحتوي على دهاليز طويلة مليئة بآلاف التوابيت الحجرية أو الفخارية، تضم مومياوات الحيوانات المقدسة، والتي تعد من أهم الأدلة الأثرية على مدى انتشار عبادة تحوت وسط الناس، خاصة في العصر المتأخر والبطلمي.
الطقوس المرتبطة بالكتابة
كما كان للإله تحوت دوراً في بعض الطقوس المرتبطة بالكتابة والوقت في معابد الكرنك بالأقصر، كما وجدت ايضاً عدة تماثيل صغيرة للإله تحوت في مقابر كهنة منف، مما يدل على حضوره كإله حكمة، وايضا تم العثور على تمائم وكتابات مخصصة لتحوت، مما يشير إلى دوره في الطقوس الجنائزية وكتابة النصوص المقدسة، كما ظهر تحوت في جدران معبد حتحور بدندرة ضمن مشاهد دينية معقدة، تؤكد ارتباطه بالسحر والطب والكتابة.
وكان هناك عدة طقوس مرتبطة بعبادة الإله تحوت منها: طقوس تقديم الإيبس والبابون المقدسين في مواقع مثل تونا الجبل، والتي كان الزوار يقدمون طيور إيبس محنطة كقرابين لتحوت، تدفن في سراديب حجرية، وبعض هذه الطقوس كانت شخصية، تكتب خلالها نذور أو طلبات ويقدم معها الحيوان المقدس، وعثر على نصوص قصيرة على التوابيت الطقسية، تطلب الحكمة، الشفاء، طول العمر، النجاح في القضاء.
وطقوس الاستشفاء والسحر، حيث كان يستدعي في تعاويذ الشفاء، وورد اسمه في برديات سحرية مثل بردية إيبرس وبردية لندن الطبية، وتتلى تعاويذ طبية باسمه، مثل: "تحوت، سيد الكلام، اكتب الشفاء على جسدي كما كتبت أسماء الآلهة في السماء".
وفي مراكز عبادته مثل الأشمونين، كان الكهنة يجرون طقوساً يومية تقدم فيها القرابين لتحوت، منها: اللبن، الخبز، العسل، الماء، الزيوت، البخور، وتتضمن تلك الطقوس فتح قدس الأقداس في المعبد عند الفجر، وتنظيف تمثال تحوت، وتلاوة تراتيل مكتوبة بلغة مقدسة.
وباعتباره إلها للكتابة، كان تحوت يستدعى خلال نسخ النصوص المقدسة أو نقوش المقابر والمعابد، والكهنة يطلبون "بركة القلم المقدس"، وكان يعتقد أن كل كتابة دينية صحيحة هي فعل تم بإلهام من تحوت، وفي بعض المعابد، خصصت غرف لتحوت حيث كانت تتم تلاوة نصوص المواعظ والشرائع بتوجيه رمزي منه.
وفي الاحتفالات الكبرى مثل رأس السنة المصرية، كان لتحوت دور رمزي في تحديد الزمن وبداية العام الجديد، وينسب إليه تقسيم الأيام والشهور، وقد نقشت مشاهد له ممسكاً بأدوات حساب الزمن مثل عصا القمر والساعة المائية.




