كشفت صحيفة "انديا ناراتيف" أنه في سباق تسليح عالمي لا يُقاس بالقوة النارية وحدها، تسعى الهند إلى إعادة تعريف مفهوم الحروب المستقبلية من خلال التركيز على الحوسبة التكتيكية، وهي تقنية تسمح بمعالجة البيانات وتأمينها في مناطق النزاع بدلًا من الاعتماد على مراكز بيانات بعيدة.
وبحسب الصحيفة، تعكس التجربة الهندية في عملية "سندور" أهمية التفوق في الاتصالات، حيث تم دمج أنظمة متقدمة للقيادة والتحكم لتحييد تهديدات متعددة في وقت واحد، وقد كشفت هذه التجربة عن نقاط الضعف في الاعتماد على الحوسبة السحابية التقليدية، لا سيما في المناطق الحدودية ذات الاتصالات المحدودة أو غير الموثوقة.
وبينت الصحيفة أن عملية سندور علمت درسا واضحا، وهو أن التفوق في مجال الاتصالات هو التفوق في ساحة المعركة. في هذا السباق، ستكون الحوسبة التكتيكية المتطورة معالجة المعلومات وتأمينها في موقع النزاع بدلًا من مراكز البيانات البعيدة عاملًا أساسيًا في تطور الجيش الهندي.
الجيش الهندي
وبينت الصحيفة أن الاعتماد التقليدي على الحوسبة السحابية يطرح مشاكل بالنسبة للواقع العسكري في الهند، غالبًا ما تحدث اشتباكات حدودية في مناطق ذات اتصال محدود أو غير موثوق به، مما يجعل الأنظمة القائمة على السحابة هشة تحت الضغط، كما يمكن أن يكون التأخير في الرد قاتلا.
ووفقا للصحيفة، تحل الحوسبة الطرفية هذه المشكلات عن طريق نقل المعلومات الاستخباراتية إلى أقرب نقطة من خطوط القتال إذ يمكن معالجة البيانات التي يلتقطها جهاز استشعار أمامي محليًا، مما يتيح اتخاذ قرارات في الوقت الفعلي، وحتى في البيئات ذات النطاق الترددي المنخفض أو المتقطعة، كما أن هذه اللامركزية تعزز الأمن السيبراني عن طريق تقليل التعرض للاعتراض العدائي.
وبينما تقوم دول مثل الصين والولايات المتحدة وحلف الناتو بنشر منصات عسكرية مدعومة بالحوسبة الطرفية، تسعى الهند لتقليص الفجوة بسرعة. فقد أدرجت وزارة الدفاع الحوسبة الطرفية كواحدة من 33 تقنية متخصصة سيتم تبنيها بحلول عام 2030.
تقول الصحيفة إن المنصات المحلية مثل نظام "BLADe-S ISR" وكاميرا "Chimera-22 Smart Camera" الذكية تظهر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي الطرفي أن يوفر معلومات استخباراتية حية في ساحة المعركة.
كما يساهم المبتكرون من القطاع الخاص، مثل طائرات "ideaForge" بدون طيار وأنظمة "InferQ" للكشف عن التهديدات، في بناء حلول تنافس نظيراتها العالمية.
ونوهت الصحيفة أنه لتحقيق أقصى استفادة من هذه التقنية، تركز الهند على نهج الشراكة.
وتوفر مبادرة "الابتكارات من أجل التميز الدفاعي" (iDEX) منصة لدمج الشركات الناشئة والجهات الأكاديمية والشركات الخاصة في البحث والتطوير الدفاعي.
كما يمكن للقطاع الخاص، الذي يزخر بالخبرة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتصميم أشباه الموصلات، أن يسرع من جاهزية الهند العسكرية. ومن شأن الشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تنتج أنظمة صالحة للتصدير، مما يعزز الأمن القومي وطموح الهند في أن تصبح مصدرًا صافيًا للمنتجات الدفاعية.
واختتمت الصحيفة بالقول إنه في عصر قد تكون فيه الضربة الأولى رقمية وليست مادية، لا يمكن للهند تحمل أي تأخير. فمن خلال تبني الحوسبة الطرفية، لا تتاح للهند الفرصة للحاق بالقوى العالمية فحسب، بل لوضع معايير للجيل القادم من التقنيات العسكرية الآمنة والتكيفية.
