أخصائية , تباشر الجهات المختصة تحقيقاتها في قضية سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري، والتي أثارت موجة من الغضب والاستغراب في الأوساط الأثرية والرأي العام، لا سيما بعد اعترافات المتهمة الرئيسية، وهي أخصائية ترميم تعمل داخل المتحف منذ سنوات.
كشفت المتهمة خلال التحقيقات أنها استغلت مشاركتها في لجنة لاستخراج عدد من القطع الأثرية بغرض تصويرها وختمها قبل سفرها إلى معرض في روما، ولاحظت وجود أسورة ذهبية لا تحمل نقوشًا، مما جعلها تبدو “عادية” في نظر من لا يملك خلفية أثرية.
“غافلت زمايلي وخبّيت الأسورة في شنطتي”، بهذه العبارة وصفت المتهمة اللحظة التي قررت فيها ارتكاب الجريمة داخل معمل الترميم يوم 9 من الشهر الجاري.

ضائقة مالية لـ أخصائية ترميم … وبيع سري في السيدة زينب
في اعترافاتها، قالت المتهمة إنها تعاني من مرض السكري، وإنها كانت تحت ضغط نفسي ومادي شديد نتيجة تراكم القروض وعدم قدرتها على السداد.
“كنت مضغوطة ومش عارفة أعمل إيه، ففكرت أبيع الأسورة”، وأضافت أنها لجأت إلى جار قديم يعمل في محل فضة بمنطقة السيدة زينب، وعرضت عليه القطعة على أنها ذهبية. بالفعل، وافق على شرائها وأعطاها مبلغ 180 ألف جنيه.
وبحسب التحريات، فإن تاجر الفضة قام ببيع الأسورة لاحقًا إلى مالك ورشة ذهب بمنطقة الصاغة، الذي باعها بدوره إلى عامل في مسبك ذهب مقابل 194 ألف جنيه، ليكسب من ورائها 14 ألف جنيه فقط، لكنه تسبب في تدمير قطعة نادرة تعود للعصر المتأخر بعد أن تم صهرها ودمجها بمصوغات أخرى، لتفقد الأسورة قيمتها الأثرية تمامًا.

تحرك أمني سريع وضبط المتهمين والمبالغ
القضية بدأت في يوم 13 من الشهر الجاري، عندما تقدم وكيل المتحف المصري وأحد أخصائيي الترميم ببلاغ رسمي إلى وزارة الداخلية يفيد باختفاء أسورة من داخل خزنة حديدية في معمل الترميم.
على الفور، بدأت الأجهزة الأمنية في جمع المعلومات، وبإجراء التحريات، تم التوصل إلى المتهمة الرئيسية وتحديد باقي أطراف القضية.
وبعد تقنين الإجراءات، تم ضبط جميع المتهمين: أخصائية الترميم، تاجر الفضة، مالك ورشة الذهب، والعامل بالمسبك. وبمواجهتهم، اعترفوا تفصيليًا بارتكاب الجريمة، وتم ضبط المبالغ المالية الناتجة عن عملية البيع بحوزتهم.
كما أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق موسّع، ووجهت للمتهمين تهمًا تتعلق بـ السرقة، والإضرار العمدي بممتلكات أثرية، والتعامل غير المشروع في الآثار.

ضغوط الحياة لا تبرر تدمير التاريخ
تكشف هذه الواقعة المؤسفة عن خلل مزدوج: الأول يتعلق بمدى تأمين المقتنيات الأثرية حتى داخل أعرق متاحف العالم، والثاني يكشف كيف يمكن أن تتحول الضغوط المعيشية إلى دافع لارتكاب جرائم لا تُغتفر، كتدمير إرث لا يُقدّر بثمن.
رغم استعادة جزء من المبالغ المالية، فإن الخسارة الحقيقية تكمن في فقدان قطعة أثرية نادرة تمثل جانبًا من تاريخ مصر العريق، تم صهرها واختفاؤها إلى الأبد.