شهد إنتاج سلطنة عمان من الغاز استقرارًا نسبيًا مع تسجيل نمو طفيف حتى نهاية يوليو/تموز 2025، وهو ما يعكس قدرة البلاد على الحفاظ على مستويات إنتاج مستقرة رغم التحديات.
وبحسب البيانات الرسمية التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن النمو في الإنتاج لم يتجاوز 0.7%، مدفوعًا بزيادة ملحوظة في الغاز المصاحب مقابل تراجع الغاز غير المصاحب.
ويسلّط هذا التباين بين ارتفاع إنتاج سلطنة عمان من الغاز المصاحب، وانخفاض الغاز غير المصاحب، الضوء على أهمية وضع خطط بعيدة المدى لضمان استدامة إنتاج الغاز ومصادر الطاقة.
في المقابل، برزت مؤشرات واضحة على تراجع استهلاك الغاز في بعض القطاعات الصناعية، بينما ارتفع استعماله في حقول النفط والمناطق الصناعية، بما يكشف ديناميكية متسارعة في أنماط الطلب على الغاز داخل الاقتصاد الوطني.
وتوازيًا مع هذه المؤشرات، تتزايد النقاشات داخل سلطنة عمان حول الانتقال التدريجي من الاعتماد الكبير على الغاز الطبيعي إلى تعزيز دور الطاقة المتجددة، بما يتماشى مع التزامات الاستدامة وأهداف رؤية عمان 2040 والحياد الكربوني 2050.
مستويات إنتاج سلطنة عمان من الغاز
تشير بيانات المركز الوطني للإحصاء إلى أن مستويات إنتاج سلطنة عمان من الغاز بلغت نحو 32.9 مليار متر مكعب حتى نهاية يوليو/تموز 2025، مقابل 32.6 مليار متر مكعب في المدة نفسها من العام الماضي 2024، وهو ارتفاع طفيف، لكنه مهمّ للحفاظ على التوازن.
ويعدّ النمو في الغاز المصاحب، بنسبة تجاوزت 10%، مؤشرًا إيجابيًا على كفاءة عمليات الاستخراج، غير أن التراجع بنسبة 1.8% في الغاز غير المصاحب يعكس تحديات تقنية واقتصادية، تستوجب استثمارات إضافية لتعزيز التنويع وضمان استقرار الإنتاج على المدى الطويل.
وعلى صعيد الاستهلاك، شهدت المشروعات الصناعية انخفاضًا بنسبة تقارب 4%، نتيجة ضغوط الكفاءة والتوجهات نحو خفض التكاليف، ورغم ذلك، ظل استهلاك الكهرباء من الغاز مستقرًا تقريبًا عند حدود 8.8 مليار متر مكعب.

وارتفع الاستهلاك في حقول النفط بأكثر من 12%، ما يعكس دور الغاز في دعم الأنشطة النفطية وزيادة القيمة المضافة عبر العمليات المرتبطة بالإنتاج، كما ارتفع استهلاك المناطق الصناعية بنسبة 10% تقريبًا، وهو ما يُبرز تنامي دورها الاقتصادي.
ويفتح هذا التباين في مستويات الاستهلاك الباب أمام تساؤلات حول جدوى الاعتماد الكثيف على الغاز، خاصة في القطاعات الأقل كفاءة، وهو ما يعزز أهمية خطط التحول نحو مصادر الطاقة البديلة.
ويمثّل استقرار إنتاج سلطنة عمان من الغاز عنصرًا أساسيًا للحفاظ على قدرة الاقتصاد على النمو، وفي الوقت نفسه دعم مسارات الاستثمار في الطاقة النظيفة، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة لمستجدات القطاع.
وتُظهر المؤشرات أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ملامح سياسة الطاقة العمانية، بين استمرار الاعتماد على الغاز وضمان وفرة الإمدادات، أو تسريع الانتقال نحو الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
التحول الطاقي بين التحديات والفرص
في ندوة المجلس الاقتصادي الـ27، ناقشت الجمعية الاقتصادية العمانية التحولات الإستراتيجية في قطاع الطاقة، إذ أكد المشاركون أن إنتاج سلطنة عمان من الغاز يشكّل نحو 60% من مزيج الطاقة، ما يفرض تحديات مرتبطة بالاستدامة والتقلبات السعرية.
وركّزت الندوة على أهمية صندوق تحول الطاقة في تمويل المشروعات الجديدة وتخفيف الأعباء المالية، بجانب دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تسريع تنفيذ المشروعات الحيوية وضمان نجاح خطط التحول الطاقي.
كما استُعرِضَت أبرز مشروعات الطاقة المتجددة القائمة، مثل محطتي منح وعبري للطاقة الشمسية ومحطة ظفار لطاقة الرياح، ودورها في مزيج الطاقة الوطني، إضافة إلى خطط مستقبلية لتعزيز إسهام المصادر المتجددة تدريجيًا.

وأكد المتحدثون أن سلطنة عمان تسعى إلى رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 30% بحلول عام 2030، وهو هدف طموح يتطلب سياسات واضحة توازن بين استقرار إمدادات الغاز وتعزيز الاعتماد على المصادر البديلة.
وشملت التحديات المطروحة تقلبات إنتاج الطاقة الشمسية والرياح، وتأثيرها باستقرار الشبكة الوطنية، مع تأكيد أن الاستثمار في تقنيات التخزين يمثّل الحل العملي للحفاظ على توازن منظومة الطاقة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتتكامل الإستراتيجية الوطنية للطاقة مع أهداف رؤية عمان 2040، التي تربط بين التنويع الاقتصادي وخفض الانبعاثات الكربونية، بما يعزز مكانة السلطنة بوصفها مركزًا محتملًا للطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر على المستويين الإقليمي والعالمي.
وأشار المشاركون إلى أن الحفاظ على استقرار إنتاج سلطنة عمان من الغاز يمثّل ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد في المدى القصير، بينما يشكّل التحول الطاقي نحو المتجددة والهيدروجين الأخضر الخيار الإستراتيجي لضمان الاستدامة والأمن الطاقي مستقبلًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..