يشكل اليوم الدولي للعلم والتكنولوجيا والابتكار لبلدان الجنوب محطة بارزة لتسليط الضوء على أهمية تعزيز قدرات هذه الدول في مجالات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار، باعتبارها أدوات رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة وبناء مستقبل أكثر عدالة وتوازنًا، وتؤكد هذه المناسبة العالمية على ضرورة توفير بيئة قائمة على الانفتاح والشفافية وتكافؤ الفرص، بعيدًا عن التمييز، بما يمكن دول الجنوب من الاستفادة من إمكاناتها البشرية والاقتصادية لمواكبة التحولات المتسارعة في العالم.
في الوقت الذي نجحت فيه بعض الدول النامية في استغلال العلوم والتكنولوجيا لتجاوز مراحل تقليدية من النمو وتحقيق قفزات نوعية في مجالات عدة، ما تزال دول أخرى تواجه عقبات كبيرة. وتتمثل أبرز هذه العقبات في ضعف أنظمة الحوكمة، وصعوبة الوصول إلى الموارد التكنولوجية الحديثة، إضافة إلى استمرار الفجوة العميقة بينها وبين الدول الصناعية الكبرى من حيث الإمكانات والبنية التحتية.
إن التحديات التي تواجه بلدان الجنوب لا تقتصر فقط على الجانب التقني، بل تشمل أيضًا الحاجة إلى بناء سياسات فعالة تدعم الابتكار وتسرّع من نقل المعرفة وتعميمها، فغياب الأطر الكفيلة بتحفيز البحث العلمي وتطبيق نتائجه على نطاق واسع يُبقي هذه الدول في موقع متأخر، رغم ما تملكه من طاقات بشرية وإمكانات طبيعية، ويأتي تخصيص يوم دولي للاحتفاء بالعلم والتكنولوجيا والابتكار كرسالة واضحة مفادها أن التقدم العلمي ليس رفاهية، بل هو أداة أساسية لضمان مستقبل أفضل.
كما يعكس التزام المجتمع الدولي بمبدأ “عدم ترك أحد خلف الركب”، في إشارة إلى أن التنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت منصفة وتضم جميع الأطراف، ومن هنا، فإن هذا اليوم يشكل دعوة للعمل المشترك من أجل تضييق الفجوة المعرفية والتكنولوجية بين الشمال والجنوب، وإطلاق مبادرات تعزز الشمولية وتفتح المجال أمام تعاون دولي قائم على تبادل الخبرات والمعرفة، بما يضمن أن يسهم الابتكار العلمي في بناء عالم أكثر إشراقًا وإنصافًا.
