صلاة قيام الليل من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهي سُنة مؤكدة ووصية نبوية دائمة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على هذه العبادة الجليلة لما فيها من خير عظيم، وطمأنينة للقلب، ورفع للدرجات، ومغفرة للذنوب.
وقت قيام الليل
أوضحت لجنة الفتوى الرئيسة بدار الإفتاء المصرية أن وقت قيام الليل يبدأ من بعد أداء صلاة العشاء وحتى أذان الفجر.
وخلال هذا الوقت الواسع، يتدرج الفضل باختلاف الساعات، حتى يصل إلى ذروته في الثلث الأخير من الليل، وهو الوقت الأفضل لقيام الليل.
لماذا الثلث الأخير هو الأفضل؟
استدلت اللجنة بما رواه الصحابي الجليل عمرو بن عبسة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ" (رواه الحاكم والنسائي والترمذي وابن خزيمة، وقال: حسن صحيح).
وفي هذا الوقت ينزل الله تعالى نزولًا يليق بجلاله، فينادي: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داع فأستجيب له؟، وهو ما يجعل الدعاء فيه أرجى للإجابة.
عدد ركعات قيام الليل
بيّنت دار الإفتاء أن قيام الليل ليس له عدد محدد من الركعات، فيجوز أن يُصلي المسلم ما شاء، ركعتين أو أكثر، حسب استطاعته. إلا أن الأفضل والأكمل أن تكون الصلاة ما بين عشر ركعات إلى اثنتي عشرة ركعة، تُختم بصلاة الوتر.
كيفية أداء صلاة قيام الليل
تُصلى ركعتين ركعتين، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى" (متفق عليه).
يُستحب الإطالة في القراءة، والخشوع في الركوع والسجود.
يُختم القيام بصلاة الوتر، وهي ركعة واحدة أو ثلاث ركعات على أقل تقدير.
ثمار القيام في حياة المسلم
قيام الليل ليس مجرد عبادة عابرة، بل هو سبيل إلى نقاء القلب وقوة الصلة بالله. فقد كان السلف يصفونه بـ "شرف المؤمن"، لأنه يرفع قدر صاحبه عند الله، ويُكسبه نورًا في الوجه، وبركة في الرزق، وسكينة في القلب.
تنصح دار الإفتاء من لا يستطيع القيام في الثلث الأخير أن يغتنم أول الليل بعد صلاة العشاء، حتى لا يُحرم من هذا الأجر، فالأمر فيه سعة ورحمة، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملًا.