أخبار عاجلة
اسعار هواتف iPhone 17 في الكويت رسميًا -

الثقافة وتشكيل الهوية.. الفنون والآداب تمثل المادة الحافظة لهوية المصريين ضد التجريف والانحطاط

الثقافة وتشكيل الهوية.. الفنون والآداب تمثل المادة الحافظة لهوية المصريين ضد التجريف والانحطاط
الثقافة وتشكيل الهوية.. الفنون والآداب تمثل المادة الحافظة لهوية المصريين ضد التجريف والانحطاط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تظل الثقافة بما تشمله من فنون وآداب واحدة من أهم الركائز الجوهرية في ترسيخ الهوية المصرية لدى الإنسان المصري بوصفها قوة ناعمة لديها القدرة على تشكيل الوعي الجمعي لدى المواطنين ولديها القدرة على تعزيز الانتماء الوطني.

تمتلك مصر كنوزاً تراثية مادية وغير مادية ضخمة، وحضارة موغلة في التاريخ، استحقت أن تكون "أم الدنيا"، فلديها الكثير من الرموز الثقافية التي لها دور في تجسيد ملامح المجتمع المصري في الأدب والفن مثل الأديب الكبير نجيب محفوظ والشاعر صلاح عبدالصبور وصلاح جاهين، والمخرج السينمائي صلاح أبو سيف والمخرج الكبير يوسف شاهين، وغيرهم كثير.
وفي كلمة له حول دور الرموز الثقافية في الحفاظ على الوعي والهوية، أكد الروائي والناقد الأدبي محمد سليم شوشة، أن الفنون والآداب تُعد بمثابة المادة الحافظة لهوية وضمير المصريين، شارحًا أن المادة الحافظة في الصناعات الغذائية هي التي تعمل على حفظ الغذاء من التلف أو الفساد، هكذا الفنون والآداب تعمل حلى حفظ وعي المصريين من التجريف والانحطاط، ومن الانجرار وراء العنف وهدم الوطن. وذلك وفقا لما ذكره في ندوة لتأبين الروائي الراحل صنع الله إبراهيم بمقر الهيئة المصرية العامة للكتاب. 
وحول دور الرموز وأثرها في ترسيخ الهوية والملامح الذاتية للمصريين، ذكر الروائي الراحل محمد جبريل في مقدمة كتابه "ملامح مصرية" الذي كتبه عن بعض الرموز المصرية مثل الزعيم جمال عبد الناصر والفنان عبدالحليم حافظ، قائلاً: "القيمة الأهم لكل شخصية في هذا الكتاب هي تأثيرها الواضح على بُعدٍ ما في الحياة المصرية، بحيث لم يقتصر التأثير على جماعة بذاتها من الشعب المصري، ولا على فترة معينة من حياته، إنما تواصل ذلك التأثير بعد غياب الشخصية. هذا ما نتبينه في زعامة جمال عبد الناصر، وفي ريادة الأفغاني، وفي التطور الذي ألحقه داود حسني بالموسيقى الشرقية، وفي أستاذ الواقعية السينمائية صلاح أبو سيف، ثم في المَعْلم الذي مثَّله عبد الحليم حافظ ليس على مستوى الغناء فحسب، بل على مستوى الظاهرة التي شملت أبعاد حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية"، بما يعني أن هذه الرموز المتنوعة ما بين السياسة والفكر والموسيقى والغناء والسينما والأدب هي التي تمثل ملامح الحياة المصرية بامتياز.

الدين والفن والأدب.. المنابع الرئيسية

في كتابه "قيم من التراث" شرح المفكر والفيلسوف الراحل زكي نجيب محمود دور الثقافة في تشكيل رغبات واختيارات وانحيازات الإنسان قائلاً إن "الإنسان يستهدف ما تهديه ثقافته أن يستهدفه"، بما يعني أن الهدف الذي يتحرك إليه الإنسان قد جرى تشكيله ووضعه من قبل ثقافته التي يمتلكها، وهذه الثقافة  هي "مجموعة من القِيَم السلوكية والخلقية والذوقية، استقيناها من ثلاثة مصادر رئيسية، هي الدين، والفن والأدب".
وشرح زكي نجيب محمود أن الدين يمتلك تأثيراً قوياً على الإنسان، ولديه دور بالغ في انحيازه وفي تحديد مواقفه الحياتية، قائلاً: "الدين هو الذي يُقدِّم إلينا المبادئ الأساسية التي نسلُك على هداها، والتي من شأنها أن تُبلور لنا رؤية خاصة، وموقفًا مُعينًا من الكون والحياة بصفةٍ عامة، ومن هنا كان لكلِّ جماعة تؤمِن بدينٍ مُعين، رؤيتها الخاصة بها، والتي تُصبح أهم العوامل في تشكيل الشخصية المشتركة بين أفراد تلك الجماعة" ليقرر مقولته التي ترى أن "العقيدة الدينية ذات أثرٍ عميق في تشكيل وجهة النظر، أي في الوقفة الثقافية عند الإنسان المُثقف".
وكما أن الدين يمنح المبادئ الأساسية للإنسان، فإن الفنون بمختلف فروعها تمنح الإنسان ميزاناً داخلياً جرى تكوينه خلال مجاورة الإبداع والفن، هذا الميزان يعمل على تحسين بعض الأمور وقبولها، ويعمل على التنفر من أمور أخرى لرفضها، وهكذا فإن "الفن بشتَّى فروعه من موسيقى إلى تصوير ونحت وعمارة، فهو وإن يكن في مجموعه انعكاسًا لأذواق الجماعات البشرية التي تفرز تلك الفنون، إلا أنه يعود فيُصبح مؤثرًا قويًّا في تشكيل وجهات النظر عند الأفراد، أي في وقفاتهم الثقافية، لماذا؟ لأن الفن على اختلاف فروعه هو في صميمه نِسَب محسوبة بين العناصر التي تكوِّنه، ومن ثَم كانت مُعايشة الإنسان للمُبدعات الفنية المحيطة به، لا بدَّ أن تنتهي به إلى ميزان داخلي في تكوينه، يجعله مُستريحًا لما يراه أو نافرًا منه".
ولفت الفيلسوف الكبير إلى دور الأدب بوصفه مؤثراً في تحديد الموقف، فإن "الأدب، من شعر ونثر فني، ورواية، ومسرح، فالموضوع الرئيسي للأدب على اختلاف فروعه، هو الإنسان نفسه، وماذا يُضمِر في ذات نفسه، وكيف يتفاعل مع زميله الإنسان حُبًّا أو كرهًا. ومعايشة الإنسان للنتاج الأدبي في المجتمع الذي ينتمي إليه، لا بدَّ أن تنتهي به كما رأينا في الفن إلى وقفاتٍ خاصة تجاه الآخرين، وتلك الوقفات هي من مقومات ثقافته".

الثقافة ودورها في الوعي والتمييز

وفي كتابه "خطاب إلى العقل العربي" ذكر المفكر الراحل فؤاد زكريا أن "كلمة المثقف لا تعني من يستخدم ملكاته العقلية وحدها، بل تعني أيضًا من يستخدم خياله أو قدرته على الإبداع، فكلمة المثقف في العربيَّة تعني من يحب المعرفة، وتعني أيضًا من يتذوق الفن والأدب وغيرهما من نواتج الخيال. والمثقف يمكن أن يكون هو المبدع أو المبتكر، ويمكن أن يكون هو المتذوق المتلقي الواعي لذلك الإبداع، ويُفترَض في المثقف، إذا كان متلقيًّا، أن يكون قادرًا على التمييز بين الإنتاج الرفيع والإنتاج الهابط، ولا يكون مثقفًا بالمعنى الصحيح إلا إذا اقتصر في تذوقه واستمتاعه على النوع الأوَّل فحسب".
وقد ركز "زكريا" على دور الثقافة وقدرتها على التمييز بين ما هو هابط وما هو رفيع، بما يعني أن الثقافة تكمن في دورها القادر على الوعي والتمييز، والتطلع إلى عالم أفضل، وتحديد مشكلات العصر وأزماته، قائلا "إن المثقف كان في معظم العصور خارجًا عن إطار القيم الشائعة، تطلُّعًا منه إلى عالم أفضل، ومن هنا كان يبشر دائمًا بوجود أزمة".
ولما للثقافة من دور بارز في تحديد المخاطر وتجنبها، كان من المنطقي ضرب ثقافة الأمم لتفتيتها لصالح المشاريع الاستعمارية والهيمنة الأجنبية الجديدة، وفي كتابه "الأمن القومي العربي في عصر العولمة: اختراق الثقافة وتبديد الهوية" ذكر الدكتورعلي ليلة أنه "من الطبيعي أن يؤدي إضعاف الثقافة والهوية القومية إلى انشطارها وتجزؤها إلى هويات صغيرة ومحدودة بل وهويات متغيرة وغير ثابتة، هويات صغيرة قد تقوم على أساس الدين أو العرق والسلالة أو السياق الاجتماعي والمكاني أو حتى الاختيار السياسي وارتباطا بذلك فإن في نطاق الحراك المادي والمعنوي للعولمة قد يستبدل الإنسان الهويات كما يستبدل الملابس في عالم يتطاير عبره كل شيء في الفضاء". 

تهميش المثقف واغتيال العقل المصري 

وفي مقالة بعنوان "اغتيال العقل"، أكد المفكر الاجتماعي الراحل السيد ياسين أن محاولة اغتيال العقل المصري جاءت عن طريق نشر الفكر المتطرف، واعتماد العنف الدموي وسيلة للتغيير الاجتماعي. وأشار إلى أن رواد النهضة الذين وضعوا أسس راسخة تقوم على حراسة حرية الفكر من كل عدوان، وخاصة المؤسسات التقليدية التي تعيش على الدفاع عما هو مفارق لروح العصر، مؤكداً في الوقت نفسه أن جماعات التطرف قد استفادت من جهود المؤسسات الدينية التقليدية من ناحية، ومن سلبية ممثلي التفكير النقدي من ناحية أخرى.
ولفت ياسين، إلى أن المؤسسات الدينية التقليدية قانعة بأداء دورها التقليدي في الوقوف سدًا منيعًا ضد الاجتهاد الفقهي الحقيقي، وهي معزولة عن الجماهير، ولا تتصل بها إلا من خلال خطاب ديني شكلي في المناسبات الدينية.
أما الجماعات المتطرفة فقد استطاعت نتيجة سلسلة من القراءات المشوهة للإسلام أن تنتج نصوصًا معتمدة على النص الرئيسي لهم وهو "معالم في الطريق لسيد قطب" لكي تنشر دعوتها وتجند لها الأنصار من الأميين وأنصاف المتعلمين بل والمتعلمين الذين لم يستطع النظام التعليمي أن يدعم في عقولهم ملكات التفكير النقدي.
عدد من العوامل الداعمة لفكر الجماعات المتطرفة، يشير إليها مقال "ياسين"، تمثلت في الأصوات التي تصف نفسها بالاعتدال بينما هي تلعب مباشرة لحساب الجماعات، لأنهم يحلمون بقلب النظام واستعادة الفردوس المفقود المتمثل في الخلافة. ومن هذه العوامل اختراق الجامعات، التي كانت تاريخيًا معقل الفكر النقدي وممارسة التفكير الحر الإبداعي بغير قيود، لكنها لم تعد كذلك بعدما غزتها مجموعات من الأساتذة ممن يميلون إلى الاتباع ويبتعدون عن الإبداع عجزا أو انحيازا لأفكار محافظة.
وأبرز النقاط التي ينتصر إليها "ياسين" في حديثه عن المثقفين الذين يقاومون التطرف بشكل فردي دون أن ترعاهم الدولة أو أن ينتظموا في مؤسسة أو تيار يحميهم، يصفهم بأنهم يكافحون التطرف ويقفون في العراء.
وحول أزمتهم قال: محنتهم تظهر في عدم إدراكهم الكامل لخطورة تشتتهم، وأهمية انتظامهم في مؤسسات ينشئونها هم بأنفسهم لكي يصوغوا من المشاريع الفكرية على اختلاف أنماطها، ما يمثل الدفاع ضد كل محاولات اغتيال العقل المصري بواسطة تيارات الإسلام السياسي المعادية للحداثة ولكل منجزاتها.

أحقاد دفينة تجاه الحضارة

وبالرغم من الأجواء السامة والمرعبة التي أحاطت بالمفكر الراحل فرج فودة، فإنه أصر على عدم الاكتراث وعدم الاهتمام بما يقولونه تخويفًا له، وفي الوقت نفسه لفت "فودة" إلى نقطة جوهرية في عصب الجماعات المتطرفة وهو كرهها للفنون والآدب وما يرتبط بالحضارة بشكل عام، لأن هذه الأدوات المكونة للثقافة المصرية هي حائط الصد لهم.
وعن خبرته التي اكتسبها من صراعه مع المتطرفين، وصف "فودة" في كتابه "النذير" أنصار التيارات المتطرفة بأنهم يحملون أحقادًا دفينة لا حدود لها للمجتمع، وكراهية للحضارة، واشمئزازا من الوحدة الوطنية، وازدراء للقومية المصرية، وإنكارًا للتاريخ المصري، يرفضون المستقبل، يعشقون التدمير لسهولته، والرفض لبساطته، ويحبون سفك الدماء لأنه يتناسق مع ما تَهيأ في وجدانهم.
وهكذا، ووفقا لما أورده في مؤلفاته، فإن أرقه الشديد نتج عن خوفه من عدم وصول رسالته إلى جمهورها، رسالته التي يحب أن ترتبط بوجدان مصر، وأن تكون دافعة نحو المستقبل، بعيدة عن المصالح والسلطة أو المزايدة.
واعتبر المفكر الراحل فؤاد زكريا في كتابه "الحقيقة والوهم" أن الجماعات المتطرفة هي الخطر الحقيقي الداهم على الثقافة وعلى هوية الشعب المصري قائلا: "إن الانتشار الواسع للاتجاهات الإسلامية بشكلها الراهن إنما هو مظهر صارخ من مظاهر نقص الوعي لدى الجماهير".

تحييد دور المثقف المصري

اهتم المفكر الراحل والسياسى الدكتور رفعت السعيد، بمعالجة أفكار التيارات الإسلامية وتفكيكها في صورتها الخادعة، وظل خصمًا عنيدا لها نظراً لكونه باحثًا وكاتبًا جريئًا، خاض تجربة بيان هشاشة فكرهم وتناقضاته وتنافره مع معطيات الواقع والعصر، وعدم مرونته، والقوة الكامنة بداخله التى يسهل من خلالها السيطرة على الحشود وقيادته، فتمكن من قراءة تاريخهم الملطخ بالدم والكذب والخداع.
في كتابه «التأسلم.. فكر مسلح» ناقش السعيد بشكل جاد ومختصر أزمة التنوير والعلمانية والليبرالية واتجاه التيارات والجماعات المتشددة للصدام والعنف المسلح، مفندًا وسط كل هذا أفكارهم الضاغطة تجاه ارتكاب العديد من الجرائم الإرهابية.
بدأ «السعيد» بمناقشة أزمة المثقف المصرى، تلك الأزمة التى ورثها عن الأب الأول للتنوير رفاعة الطهطاوى، موضحًا أن التنوير المصرى يخالف التنوير في دول أخرى، لأنه ارتبط في مصر بعدة عوامل جعلته محصورا في مأزق تتوارثه الأجيال دوماً، الأمر الذى جعل «السعيد» يصف المثقف المصرى بـ"البط المنزلي» مقارنة بالتنويرى في البلدان الأخرى الذي وصفه بـ"البط البري»، قائلاً: «من الطبيعى ألا يعرف البط المنزلى حقيقة مأساته إلا عندما يشاهد البط البرى طائرًا في السماء، ومن الطبيعى أيضاً أن جينات بيولوجية واجتماعية توارثها البط المنزلى هى التى أورثته هذا العجز عن التحليق عاليًا.. لقد توارث المثقفون المصريون جينات جعلتهم مجرد بط منزلى عاجز عن التحليق.
يشرح «السعيد» تلك الأسباب فيقول: «رفاعة أزهرى.. والدين الذى يشكل أغلب مساحة الوعى المصرى فرض عليه أن يغلف كل دعوته المستنيرة بغلاف دينى وأن يستند في تبرير مقولاته الليبرالية إلى سند من الدين.. وهو موظف.. فالمثقف المصرى في الأغلب موظف حكومى في إطار نظام حكم متحكم لا يغفر لتابعيه أن يتمردوا فإن فعلوا فبمقدار معلوم، لذا كان يحاذر من التصادم مع الحاكم، هذا إن لم ينغمس في تملقه»، كما أن النشأة في أسرة فقيرة جعلته يجمع ثروته من سكوته ومن إنعام الطبقة الحاكمة.
ويلفت «السعيد» إلى دور التعليم قائلاً: «التعليم يعتمد على الحفظ والتلقين، وليس على التفهم الانتقادى والتدقيق العلمى فينشأ مثقف لم يعتمد على استخدام العقل والأسلوب الانتقادى في التعرف على الجديد وإنما اعتاد فقط على التلقى والحفظ والترديد دون إعمال العقل»، ثم يشير إلى تفاقم الظاهرة بعدما سيطر على المؤسسات التعليمية مناخ متأسلم وصل حتى إلى المجالات الأكاديمية وزاد من تفاقمها.
وهكذا، يمكن القول إن المتأسلمين يهمهم تماماً تفكيك أسس الثقافة التى تمثل مكوناتها تعبيراً حقيقياً عن هوية المصريين.. لذا وجب التنويه.

51.jpg
العدد الإليكتروني pdf

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تراجع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في منتصف تعاملات اليوم الإثنين
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"