
شهدت نيبال هذا الأسبوع أسوأ موجة اضطرابات منذ أكثر من عقدين، بعدما تحولت احتجاجات على الفساد وحجب وسائل التواصل الاجتماعي إلى أعمال عنف دامية أسفرت عن سقوط قتلى، واحتراق مبنى البرلمان، واستقالة رئيس الوزراء كيه. بي. شارما أولي.
احتجاجات تتحول إلى أعمال عنف
بدأت التظاهرات يوم الاثنين عقب قرار حكومي بحجب منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإكس ويوتيوب، ما أثار غضب جيل الشباب المعروف بـ"جيل زي". ورغم تراجع السلطات عن القرار لاحقًا، أدى قمع الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي إلى مقتل 25 شخصًا على الأقل وإصابة المئات.
استقالة وإحراق مبانٍ حكومية
تفاقم الغضب الشعبي يوم الثلاثاء، حيث أضرم المتظاهرون النيران في مبنى البرلمان وعدد من المقرات الحكومية، بما في ذلك المحكمة العليا، إضافة إلى منزل رئيس الوزراء المستقيل، كما أحرق المتظاهرون مقار أحزاب ومنازل رئيس البلاد وعدد من الوزراء. وأكد شهود أن شوارع كاتماندو تحولت إلى ساحة مواجهة بين محتجين غاضبين وقوات الأمن.
أعلن الجيش النيبالي الأربعاء سيطرته على العاصمة كاتماندو، حيث انتشرت المركبات المدرعة في الشوارع الخالية من المارة بفعل حظر التجول غير المحدد المدة. وحذر الجيش من أن "التخريب والنهب والإحراق سيتم التعامل معها كجرائم يعاقب عليها القانون"، داعيًا المتظاهرين إلى الدخول في حوار ووقف العنف.
تداعيات أمنية خطيرة.. وهروب أكثر من 13،500 سجين
أكدت الشرطة أن ثلاثة من عناصرها قُتلوا خلال الاشتباكات، فيما استغل أكثر من 13،500 سجين حالة الفوضى للفرار من السجون. كما تعطلت الرحلات الجوية لساعات بعد إغلاق مطار العاصمة قبل أن تُستأنف الحركة لاحقًا.
أثارت الأزمة تساؤلات حول مستقبل البلاد، حيث دعا الرئيس رامشاندرا بوديل والقيادات القضائية السابقة إلى التكاتف لإيجاد حل سلمي. ويرى مراقبون أن استقالة رئيس الوزراء قد تفتح الباب أمام مرحلة انتقالية محفوفة بالمخاطر في ظل البطالة المرتفعة بين الشباب (أكثر من 20% بحسب البنك الدولي) وتراجع النمو الاقتصادي.
يذكر أن، امتدت رقعة الاحتجاجات من العاصمة كاتماندو إلى مدن نيبالية أخرى، حيث وصفها منظموها بأنها "انتفاضة جيل زد"، يقودها شباب غاضبون من تفشي الفساد وغياب فرص العمل.
وجاء في رسالة إلكترونية تلقتها وكالة "رويترز" من أحد المشاركين، وقعها باسم "مواطن نيبالي قلق": "الهدف الأول للاحتجاج هو مواجهة الفساد المتجذر في مؤسسات الدولة".
وأشار المتظاهرون إلى أن الشباب كانوا ينشرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورًا وتعليقات عن "ترف عائلات وأبناء السياسيين والمسؤولين الفاسدين"، قبل أن تُقدم الحكومة على فرض قيود على استخدام هذه المنصات.
ويعاني الشباب النيبالي منذ سنوات من ندرة فرص العمل داخل البلاد، ما دفع ملايين منهم للهجرة إلى دول مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية ودول الخليج للعمل في قطاعات شاقة كالبناء، معتمدين على تحويلاتهم المالية لدعم أسرهم في الداخل.