أثار القصف الجوي الإسرائيلي على مباني بالعاصمة القطرية، الدوحة، صدمة واسعة النطاق، ليس فقط في قطر بل بين حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وكشف هذا الهجوم، الذي زعمت إسرائيل أنه استهدف قيادات حماس، عن ما وصفته صحيفة تورنتو ستار الكندية بـ"لعبة ترامب المزدوجة" و"خيانة" لحليف مقرب.
سؤال السيادة.. مقابل هدايا سخية وتساؤلات حول ندم قطر
وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، طرحت هذه الأحداث سؤالًا محوريًا: هل أصبحت قطر الآن نادمة على كرمها غير المشروط تجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ فقط قبل أربعة أشهر، وخلال أول زيارة للرئيس ترامب إلى قطر، قدمت الدوحة لترامب طائرة فاخرة من طراز بوينج 747-8 بقيمة 400 مليون دولار، ووُصفت هذه الهدية بأنها "بادرة ودية" لتعزيز العلاقات.
كما حصل ترامب على صفقات اقتصادية بقيمة 243.5 مليار دولار، وأقام ابنه إريك صفقة لملعب جولف يحمل علامة "ترامب" التجارية في قطر. ولكن الهجوم الإسرائيلي، الذي نفذته نحو 15 طائرة مقاتلة، كشف بدوره أن كل هذه الاستثمارات لم توفر الضمانات الأمنية المتوقعة من قبل الدوحة، ما يضع مصداقية أمريكا كضامن لأمن قطر على المحك.
ووفقًا لمسؤول في البيت الأبيض، تم إبلاغ الولايات المتحدة بالضربة مسبقًا من قبل تل أبيب، لكن المسؤولين القطريين أكدوا أن المكالمة الهاتفية من مسؤول أمريكي، مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، جاءت بعد 10 دقائق من بدء الهجوم، أي "أثناء سماع أصوات الانفجارات". هذا التأخير المتعمد أو غير المتعمد أدى إلى شعور عميق بالخيانة في الدوحة، خاصة وأن الهجوم وقع في منطقة كانت تعتبر من قبل "منطقة آمنة" في الخليج.
تصريحات متضاربة وتداعيات دبلوماسية
وعقب الهجوم، أصدرت الإدارة الأمريكية إشارات متضاربة ومربكة. ففي البداية، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن ترامب "وجه على الفور" مبعوثه الخاص، ويتكوف، لإبلاغ القطريين، لكنها وصفت الهجوم بأنه "مؤسف" وفي الوقت نفسه "جدير بالاهتمام".
ومن جانبه، حاول ترامب التنصل من المسؤولية، مؤكدًا أن قرار الهجوم لم يكن من صنعه. كما وجه توبيخًا نادرًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث قال إن القصف الأحادي الجانب لدولة ذات سيادة وحليف مقرب لا يخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا.
وقد ألقى هذا الاعتداء الإسرائيلي بظلاله على مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، حيث كانت قطر تلعب دور الوسيط الرئيسي بين إسرائيل وحماس. كما أدى إلى إحداث حالة نادرة من الوحدة بين الدول العربية، التي أدانت الهجوم بالإجماع. ويشير المحللون إلى أن مصداقية ترامب لدى قطر ودول الخليج ككل أصبحت تحتاج إلى إصلاح، شأنه شأن دوره المعلن في تحقيق السلام العالمي وسعيه لجائزة نوبل للسلام.