تشهد أسواق الطاقة الإقليمية تحركات تستهدف تعزيز واردات مصر من الغاز الإسرائيلي، في ظل ضغوط متزايدة على القاهرة لتلبية احتياجاتها المحلية، إلى جانب الحفاظ على مكانتها بصفتها مركزًا إقليميًا لتجارة الغاز وإسالته.
وبحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن مصر كثفت من مشاوراتها مع الشركات العالمية، وعلى رأسها شيفرون، التي تدير أكبر الحقول الإسرائيلية، من أجل ضمان استقرار الإمدادات وتجاوز أي مخاطر جيوسياسية مرتبطة بالصراعات المستمرة.
تأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه الطلب المحلي في مصر الضغط على إمدادات الغاز، خاصة مع تراجع الإنتاج المحلي خلال العام الماضي، ما دفع القاهرة إلى استيراد المزيد من شحنات الغاز المسال بجانب الغاز عبر خطوط الأنابيب.
وتؤكد هذه الخطوة الأهمية المتزايدة للتعاون المصري-الإسرائيلي في ملف الطاقة، خصوصًا مع توقيع اتفاقية طويلة الأجل بقيمة 35 مليار دولار لاستيراد الغاز حتى عام 2040، ما يمنح القاهرة مرونة إضافية في تلبية احتياجاتها.
خطط شيفرون والإمدادات المستقبلية
تعمل شركة شيفرون الأميركية التي تدير حقلَي ليفياثان وتمار، على زيادة ضخ الغاز إلى القاهرة عبر خطوط الأنابيب، بما يعزز من استقرار واردات مصر من الغاز الإسرائيلي.
وتعمل الشركة الأميركية العملاقة على تطوير عدد من المشروعات الجديدة، التي تضمن استمرار تدفق الإمدادات بين الجانبَيْن دون انقطاع، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وخلال مشاركته في مؤتمر "غازتك" بميلانو، أكد رئيس شيفرون للغاز، أن مصر في "حاجة إلى كل الغاز الممكن"، مشددًا على أن الشركة مستعدة لتلبية الطلب المتزايد، سواء من خلال الغاز الإسرائيلي أو من الغاز المسال الأميركي.
وتشير التقديرات إلى أن توسعة حقل ليفياثان ستشكل ركيزة أساسية لتلبية الطلب المصري، إذ ستُضاف نحو 110 مليارات متر مكعب جديدة من الإمدادات، بعد استكمال البنية التحتية اللازمة وإنشاء خط أنابيب جديد يربط البلدَيْن.

وعلى الرغم من التحديات الجيوسياسية التي تواجه المنطقة، ترى شيفرون أن فرص الاستثمار في قطاع الغاز المصري-الإسرائيلي ما تزال قائمة، خصوصًا مع استمرار حاجة القاهرة إلى استيراد كميات إضافية تواكب تزايد الاستهلاك المحلي والالتزامات التصديرية.
ومن خلال زيادة واردات مصر من الغاز الإسرائيلي، تسعى القاهرة إلى ضمان إمدادات آمنة ومرنة، تعزّز موقعها في سوق الغاز العالمية، لا سيما مع تزايد الطلب الأوروبي على الغاز المسال في أعقاب الأزمة الروسية-الأوكرانية.
كما أن استمرار التعاون مع شيفرون يعزّز قدرة القاهرة على مواجهة أي نقص محتمل في الإمدادات، خصوصًا في أوقات الذروة، وهو ما ينسجم مع إستراتيجيتها الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة وتوسيع شبكة البنية التحتية.
وفي هذا الإطار، تبقى واردات مصر من الغاز الإسرائيلي أحد أهم العوامل المؤثرة في المعادلة، نظرًا إلى اعتماد القاهرة المتزايد عليها لتلبية مزيج من الاستهلاك المحلي والقدرة على تصدير شحنات الغاز المسال.
واردات مصر من الغاز الإسرائيلي في النصف الأول
شهدت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي في النصف الأول من 2025 تراجعًا بنسبة 8% على أساس سنوي، ما يعادل انخفاضًا قدره 430 مليون متر مكعب، نتيجة اضطرابات أمنية وتراجع الإنتاج المحلي في إسرائيل.
وتوضح بيانات وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن إجمالي الواردات المصرية من الغاز الإسرائيلي بلغ 4.69 مليار متر مكعب خلال الأشهر الـ6 الأولى من 2025، مقارنةً بنحو 5.12 مليار متر مكعب خلال المدة نفسها من العام الماضي.
وفي يونيو/حزيران 2025، هبطت الواردات إلى 477 مليون متر مكعب فقط، وهو أدنى معدل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما أوقفت إسرائيل مؤقتًا ضخ الغاز بسبب المخاطر الأمنية المرتبطة بالتصعيد العسكري في غزة.
ويستعرض الرسم البياني الآتي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي منذ عام 2022 حتى يونيو/حزيران 2025:
وترتبط أسباب التراجع في يونيو/حزيران بصورة مباشرة بالحرب القصيرة بين إيران وإسرائيل، التي استمرت 12 يومًا وتسببت في انقطاع الإمدادات، ما ألقى بظلاله على التزامات القاهرة تجاه محطات الكهرباء والصناعة.
وعلى الرغم من التراجع، ارتفع إجمالي واردات مصر من الغاز (أنابيب ومسال) إلى 8.65 مليار متر مكعب خلال النصف الأول من 2025، مقابل 5.56 مليار متر مكعب في المدة المقابلة من 2024، ما يعكس تنويعًا لافتًا في مصادر الإمداد.
كما شهد شهر يناير/كانون الثاني 2025 أعلى معدل واردات على الإطلاق من الغاز الإسرائيلي بكمية 939 مليون متر مكعب، تلاه أبريل/نيسان بـ918 مليونًا، قبل أن تبدأ الكميات التراجع تدريجيًا خلال مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين.
وتبقى واردات مصر من الغاز الإسرائيلي عنصرًا محوريًا في إستراتيجية القاهرة لتلبية احتياجاتها من الطاقة، رغم التذبذبات المرتبطة بالأحداث الجيوسياسية، ما يفرض عليها السعي لتعزيز مرونة الإمدادات عبر عقود طويلة الأجل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..