يشهد سوق السيارات المستعملة في مصر حالة من الركود غير المسبوقة، حيث أدت التخفيضات الكبيرة في أسعار السيارات الجديدة والتي وصلت إلى 25% إلى شلل تام في حركة البيع والشراء.
وفقاً للخبراء ، فإن هذا الركود يأتي نتيجة لتراجع الطلب بنسبة تتجاوز 60% وانخفاض المعروض بشكل كبير، مما خلق حالة من الترقب بين المستهلكين الذين يؤجلون قرارات الشراء متوقعين مزيداً من الانخفاض في الأسعار، بينما تفاقمت الأزمة بسبب العوامل الاقتصادية الكبرى مثل استقرار سوق الصرف وتحسن قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، بالإضافة إلى خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة، مما أثر بشكل مباشر على تسعير السيارات المستعملة التي شهدت انخفاضاً يصل إلى 30% في قيمتها السوقية.
أسباب الأزمة وتداعياتها
التفاصيل الكاملة للقصة تبدأ من قرارات الوكلاء والموزعين الذين أعادوا تسعير السيارات الجديدة بشدة، حيث خفضت بعض الموديلات أسعارها بما يصل إلى 400 ألف جنيه، وهذه التخفيضات جاءت نتيجة لعدة عوامل اقتصادية منها استقرار سوق الصرف وتحسن قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، بالإضافة إلى توجّه الحكومة المصرية لوقف المخالفات المتعلقة بسيارات ذوي الهمم، وهذه العوامل تسببت في شلل تام في سوق المستعمل حيث يترقب المستهلكون مزيداً من الانخفاض بينما يرفض البائعون خفض أسعارهم بشكل أكبر مما خلق فجوة تسعيرية كبيرة.
العلاقة الطردية بين السيارات الجديدة والمستعملة
العلاقة الطردية بين أسعار السيارات الجديدة والمستعملة أصبحت واضحة بشكل كبير في هذه الأزمة، فكلما انخفضت أسعار السيارات الجديدة، انخفضت تبعاً لها أسعار المستعملة، ولكن المفارقة هنا أن هذا الانخفاض لم يصاحبه زيادة في الطلب، بل على العكس تماماً، حيث دخل السوق في دائرة من الركود نتيجة ترقب المستهلكين لمزيد من الانخفاضات من ناحية، وأمل البائعين في ارتفاع الأسعار مرة أخرى من ناحية أخرى، وهذه الحالة من الترقب المتبادل جعلت من الصعب تحديد تسعير حقيقي للسيارات المستعملة، حيث لا يوجد معايير واضحة للأسعار في الوقت الحالي.
نمو مبيعات السيارات الجديدة رغم الركود
على الرغم من هذا الركود، فإن البيانات تشير إلى استمرار نمو مبيعات السيارات الجديدة في مصر، حيث تصدرت السيارات الصينية قائمة المبيعات بنمو بلغ 93.8% خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2025، تليها السيارات اليابانية بنمو 27.2% والأوروبية بقفزة كبيرة بلغت 203.3%.
هذه الأرقام تعكس تحولاً في تفضيلات المستهلك المصري الذي أصبح يميل بشكل أكبر نحو السيارات الصينية التي تجمع بين الأسعار التنافسية والتكنولوجيا المتطورة وخدمات ما بعد البيع المحسنة. العلامات الأكثر مبيعاً شملت نيسان في المركز الأول بحصة سوقية 18.6%، تليها شيري غبور بنسبة 14.3% ثم هيونداي بنسبة 13.4%.
تفاصيل التخفيضات في الأسعار
التفاصيل الخاصة بأسعار السيارات الجديدة أظهرت انخفاضات كبيرة عبر الماركات المختلفة، على سبيل المثال، قدمت هافال خصومات نقدية تصل إلى 60 ألف جنيه على جميع طرازاتها، بينما خفضت تويوتا أسعار كورولا بمقدار 100 ألف جنيه، وشهدت سيارات هيونداي توسان تخفيضات تتراوح بين 100-150 ألف جنيه، وقدمت شيري عروضاً تصل إلى 100 ألف جنيه على طرازات تيجو، وهذه التخفيضات الكبيرة في الأسعار الجديدة أدت إلى ضغوط هائلة على سوق المستعمل الذي لم يستطع مجاراة هذا الانخفاض السريع في القيمة.
زيادة الواردات رغم الركود المحلي
شهدت الواردات المصرية من السيارات زيادة بنسبة 8% خلال النصف الأول من عام 2025، حيث قفزت قيمة واردات السيارات المستعملة للاستخدام الشخصي بنسبة 107% لتصل إلى 57.9 مليون دولار. هذه الزيادة في الواردات تتناقض بشكل صارخ مع الركود في السوق المحلي، مما يشير إلى أن المستهلكين قد يتحولون نحو الاستيراد المباشر كبديل عن الشراء من السوق المحلي. البيانات أظهرت أيضاً ارتفاعاً كبيراً في واردات الجرارات بنسبة 142% بينما انخفضت واردات الأتوبيسات بنسبة 85%.
النظرة المستقبلية لسوق السيارات
النظرة المستقبلية لسوق السيارات في مصر تحمل بعض الأمل في التحسن، حيث يتوقع الخبراء أن تتحسن المبيعات خلال عام 2026 بسبب أربعة عوامل رئيسية: زيادة الإنتاج المحلي، خفض أسعار الفائدة، استقرار سوق الصرف، واستمرار انخفاض قيمة الدولار مقابل الجنيه المصري، وهذه العوامل مجتمعة قد تساعد في إعادة التوازن إلى السوق وتخفيف حدة الركود الحالية. ومع ذلك، فإن الطريق إلى التعافي يبدو طويلاً وتحتاج إلى مزيد من الاستقرار الاقتصادي والسياسات الداعمة.
