يحتضن فضاء برج باب مراكش بمدينة الصويرة خلال الفترة الممتدة من 13 الى 30 شتنبر الجاري تنظيم معرض تشكيلي فردي للفنانة التشكيلية الشابة نبيلة العزوني تحت عنوان " رؤيا غير محكى عنها " ، الفنانة نبيلة العزوني التي تشق طريقها بثبات وإصرار، معتمدة على رؤيتها الخاصة وتجربة فنية غنية تفتح أبواب معرضها الثالث أمام عشاق الفن والباحثين عن تجارب تشكيلية مختلفة تحمل التفرد والاختلاف، واستطاعت نبيلة من خلال مسيرتها الفنية أن تفرض حضورها كصوت بصري مستقل، يقدم أعمالاً تحمل بصمتها الخاصة عبر مشاركاتها العديدة في تظاهرات ومعارض تشكيلية داخل المغرب.
ويمتزج فن نبيلة بين الرمزية، التجريد، والتعبيرية، في انسجام أشبه بـ"سيمفونية" ثلاثية الحركات، لكنها تصدر جميعها عن فنانة واحدة بروح متجددة، فهي تؤمن أن الفنان لا يجب أن يحصر نفسه في حركة فنية محددة، بل أن يفتح آفاقه لاحتضان الاختلاف وتغذية تجربته بما يقدمه من تنوع داخل لوحاته.
وفي هذا المعرض الذي سيستمر خمسة عشرة يوما قالت الفنانة نبيلة العزوني، أن الزائر سيقف أمام لوحات تحمل رموزاً وأسراراً غامضة تدعو للتأمل والتفكيك، وأخرى تجريدية تحتفي بالحرية والانطلاق، بالإضافة إلى أعمال تدمج الألوان بالبروز الملموس لتمنح تجربة بصرية وحسية فريدة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وعن تجربتها الفنية تقول نبيلة أن الفن بالنسبة لي لغة صامتة تتجاوز الكلمات، وأطمح من خلال لوحاتي أن أوقظ في المتلقي تساؤلاته الداخلية، وأن يقرأ ذاته في صمت الألوان والشفرات المرسومة."
في مشهد يعكس تنامي الوعي الجماعي بأهمية الفعل الثقافي في الفضاء العام، عقد مكتب جمعية ساحة الفنانين بالصويرة اجتماعا تنسيقيا بدار الصويري، خصص لتدارس مجموعة من القضايا التنظيمية والميدانية. وقد برز في مقدمتها إطلاق مخطط تأهيلي استعجالي يهدف إلى إنقاذ الساحة من التحديات البيئية والبنيوية التي تهدد إشعاعها وديمومتها.
افتتح اللقاء بكلمة ترحيبية ألقاها المنسق العام عبد الله الشيخ، أعقبتها لحظة مؤثرة بقراءة الفاتحة ترحما على روح الفنان الراحل محمد عفيف، أحد أبرز رموز الحركة التشكيلية بالمدينة. لحظة وجدانية كشفت أن الجمعية تجعل من استحضار الذاكرة الفنية مدخلا أساسيا
لتصور مستقبل الساحة. وفي كلمة لرئيس الجمعية، الفنان المصطفى خليلي، تمت الإشارة إلى أن الاجتماع يمثل محطة لتجديد الأولويات ورسم معالم عمل جماعي يتجاوز الطابع التنظيمي إلى بناء رؤية استراتيجية متكاملة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
أولوية مواجهة معضلة زحف الرمال
أجمع المشاركون على أن التحدي الأكبر الذي يواجه الساحة اليوم هو زحف الرمال، الذي يعطل تنظيم الأنشطة ويحول دون إعادة فتح الأروقة التشكيلية. وقد ثمن المكتب تدخل رئيس جماعة الصويرة طارق العثماني، الذي أشرف مؤخراً على إزالة كمية من الرمال المتراكمة في مبادرة عملية ذات أثر محدود، لكنها لا ترقى إلى مستوى الحل الجذري. وأكد خليلي أن نجاح أي مخطط لتأهيل الساحة يبقى رهينا بإيجاد معالجة نهائية لهذه الإشكالية البيئية التي تهدد بنية المكان ووظيفته الثقافية.
وبالتوازي مع ذلك، وضع المخطط الاستعجالي قضايا أخرى في جدول الأولويات، من بينها تحسين خدمات النظافة، تعزيز الحراسة، تأهيل شبكتي الماء والكهرباء، والبستنة، إضافة إلى مطلب إيجاد مقر ملائم للجمعية بجوار باب دكالة، بما يتيح لها فضاء وظيفيا لمتابعة أنشطتها.
استحضار الذاكرة وتعبئة الطاقات
أبرز الاجتماع الحاجة إلى جعل الجمعية فضاء للتفكير والعمل المشترك، يستوعب الأجيال الصاعدة ويحافظ على ذاكرة الرواد الذين صنعوا هوية الساحة: بوجمعة لخضر، الصديق الصديقي، سعدية بيرو، الطيب الصديقي، عبد القادر بنتاجر، عبد الرحمان باكو، حسن الشيخ، ومحمد عفيف. هؤلاء الفنانون حولوا الساحة إلى معلم ثقافي فريد، واستحضار سيرهم ليس مجرد تكريم رمزي بل وفاء لروحهم الإبداعية التي جعلت من الصويرة مدينة تتنفس فنا.
حضور شخصيات مثل نجمة سامية صوصنا بيرو، موماد حجوبة لخضر، فوزية المفضل، يونس قيروش باكو، والبشير الصديقي عكس أن الجمعية تجاوزت مرحلة التأسيس نحو مرحلة الفعل الميداني، حيث تتقاطع المهام الفنية والتوثيقية والتأهيلية. وتم الاتفاق على ضرورة تعبئة الموارد البشرية والمالية، وإرساء شراكات مع مؤسسات ثقافية محلية ووطنية ودولية، فضلا عن إشراك الشباب في المشاريع المقبلة ضمانا لاستمرارية الدينامية الإبداعية.
رؤية استراتيجية وهوية حضارية
أكدت مداولات المكتب أن جمعية ساحة الفنانين ليست إطارا جمعوياً عاديا، بل مشروع ثقافي برؤية استراتيجية يسعى إلى تحويل الساحة إلى أرضية دائمة للإنتاج الفني والتسويق الثقافي، منفتحة على الشراكات الدولية. وبهذا، تشكل مبادرتها جزءا من دينامية أوسع تروم إلى المساهمة في تحصين و تثمين مكانة الصويرة كمدينة عالمية للفن والإبداع.
واختتم الاجتماع برفع برقية ولاء وإخلاص إلى جلالة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، في إشارة إلى أن مشروع الجمعية يستمد شرعيته من ثوابت الأمة وإرادة أبنائها.
رفع المكتب المسير شعار " فتح الأروقة رهين بالحل الجذري لمعضلة الرمال" ، حيث خلص الاجتماع إلى أن إعادة فتح الأروقة وتشغيل الفضاءات الفنية لن يكون ممكنا إلا بحل جذري لمشكلة زحف الرمال. فهي التهديد الأول الذي يعطل الحياة الثقافية بالساحة، ويقوض إمكانية تحويلها إلى مركز إشعاع فني مستدام. ومن هنا، فإن رهان الجمعية على مواجهة هذه المعضلة بشكل شامل يشكل المدخل الحقيقي لإنقاذ الذاكرة التشكيلية بالصويرة وضمان استمراريتها كمدينة تتنفس فنا وتعيش بروح جماعية متجددة.