البابا تواضروس الثاني .. في حدث فريد من نوعه في تاريخ الكنيسة القبطية بالإسكندرية، قام قداسة البابا تواضروس الثاني بافتتاح كنيسة الشهيد مارمينا في منطقة فلمنج. وقد تميزت الساعات بأجواء روحانية عميقة شهدها الآباء الأساقفة والكهنة، بالإضافة إلى مشاركة كبيرة من أفراد الشعب.

البابا تواضروس الثاني عن شرح معالم طريق الملكوت
لم يكن الحدث مجرد طقس كنسي عظيم، بل تجلى فيه عمق المعاني الروحية التي أبرزها قداسة البابا تواضروس الثاني خلال عظته. فيها شرح معالم طريق الملكوت من خلال خمس نقاط أساسية: التوبة الصادقة، المحبة الحقيقية، التسبيح الخالص، الحياة حسب تعاليم الإنجيل، والكرازة النشطة، مشددًا على أن الكنيسة التي أُقيمت اليوم تُعد امتدادًا حيًا لخدمة المسيح في قلب مدينة الإسكندرية.

البابا تواضروس الثاني عن خمسة فئات سيحظون بهذا النصيب المبارك:
1- التائبون: القلب
هو عضو يشبه الخزانة المغلقة، مستتر داخل الصدر ولا يعلم أحد ما يحتويه سوى الإنسان نفسه، والله هو الوحيد المطلع عليه. وبما يحتويه هذا القلب يتحدد مصير الإنسان. في وادي النطرون، تُعرف منطقة الرهبنة باسم “برية شيهيت”، وتعني كلمة شيهيت “ميزان القلوب”، مُشيرة إلى ضرورة أن يزن (يفحص) الإنسان قلبه ليدرك ما يحمله بداخله. لذا، احرص على أن يكون قلبك دائمًا تائبًا ونقيًا.
٢- المحبون
هم أولئك الذين يمتلئ قلبهم حبًا صادقًا تجاه الآخرين، حب ينبع من المسيح نفسه. فقد كتبت لنا كلمة الله: “محبة المسيح انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا”، وهذا الحب يتجذر في حقيقة أن المسيح أحبنا أولاً. المحب يعتبر الآخر كائنًا خلقته يد الله، دون النظر إلى ظروفه أو خلفيته. تجسد هذه المحبة في أعمال الرحمة والمساعدة، وفي استخدام المواهب لخدمة الآخرين بتواضع وإخلاص. بينما الفكر المادي يسعى دائمًا نحو الصعود والتقدم، فإن فكر المسيح يدعونا للنزول إلى الأعماق، حيث أعظم درجات الترقي هي غسل أقدام الآخرين، وهو درس تعلمه التلاميذ من المسيح نفسه قبل الصليب بساعات.

يعيشون في روح الصلاة والتسبيح التي تُضفي ثراء روحيًا على حياتهم اليومية. الكنيسة ممتلئة بهذه الروحانية من خلال الصلاة والتسبيح بأشكال متعددة، سواء بكلمات محدودة مثل “كيرياليسون”، أو عبارات مؤثرة مثل “يا ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ”، أو بتلاوة فقرات من المزامير. وقد تتجلّى هذه التسابيح أيضًا في الموسيقى، مثل الألحان والمدائح، أو حتى بالحركة مثل السجود والميطانيات، مما يجعل الحياة كلها صلاة. الكتاب المقدس يقول لنا: “اسم الرب برج حصين”، وكأن التسبيح هو ملجأ آمن في وجه تحديات الحياة.
٤- الذين يعيشون بكلمة الله
هم أشخاص جعلوا الإنجيل محور حياتهم، يقرأونه، يحفظونه، يعيشونه، ويتحدثون من خلاله وكأنه لغتهم الأساسية. الكتاب المقدس يقول: “لغتك تظهرك”. عندما يتشبع الإنسان بالإنجيل، يتحول إلى إنجيل حي ومتحرك يُقرأ من جميع الناس، كما قال القديس بيشوي كامل عن الحياة التي يحياها الشخص وكأنها إنجيل معاش.
٥- الكارزون
هؤلاء يحملون اسم المسيح ويقدمونه لكل من حولهم بدافع من الحب العميق الذي يغمر قلوبهم. الكارز هو الشخص الذي تأثر بمحبة المسيح وبعمل الفداء الذي تم على الصليب، ويرغب في إيصال هذه الرسالة إلى الجميع. الكرازة ليست فقط كلامًا بل حياة معاشة، وتجسد قاعدة الملكوت: “من أراد أن يكون عظيمًا فليكن آخر الكل”، وهي جوهر الإنسان المتضع الذي يجمع بين التوبة، المحبة، التسبيح، قراءة الإنجيل والكرازة به. كما قال القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة: “بالاتضاع تكون فرحًا”.