تسعى ناميبيا إلى حجز مقعدها بسباق الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، مستفيدةً من مواردها الطبيعية وموقعها الإستراتيجي، لاستعمال الوقود محليًا وتوفير أحجام للتصدير.
وقبيل انعقاد القمة العالمية الأفريقية للهيدروجين 2025، حدّدت نائبة وزير الصناعات والمناجم والطاقة في ناميبيا، غاودنتيا كرون، إستراتيجية البلاد لتكون رائدة بمجال الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.
وتطرّقت كرون -في حوار اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- إلى المزايا التي تتمتع بها البلاد، والتي تُمكِّنها من المنافسة في سوق الهيدروجين الأخضر العالمية.
وتحدّثت كرون عن تعاون ناميبيا مع الدول الأفريقية الأخرى والشركاء الدوليين، فضلًا عن الإستراتيجيات المتّبعة لجذب المشترين وإقامة شراكات طويلة المدى.
وإلى جانب التصدير، تهدف ناميبيا إلى استعمال الهيدروجين الأخضر محليًا لإزالة الكربون من قطاعات مثل النقل والصناعة وتوليد الكهرباء.
المنافسة بقطاع الهيدروجين الأخضر في أفريقيا
قالت نائبة وزير الصناعات والمناجم والطاقة في ناميبيا، غاودنتيا كرون، إن الميزة التنافسية لناميبيا تكمن في مزيج من الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي والحوكمة.
وأوضحت -في مقابلة أجرتها مع مجلة إنرجي كونكتس (Energy Connects)- أن البلاد تمتلك بعضًا من أفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم، ما يُتيح توليد طاقة متجددة بشكل مُستمر وفعّال من حيث التكلفة.
كما تُوفر أراضي ناميبيا الشاسعة قليلة السكان المساحة اللازمة لمشروعات طاقة واسعة النطاق، دون التسبب في اعتراضات محلية على استعمال الأراضي.
ومن الناحية الإستراتيجية، تتمتع ناميبيا بموقع إستراتيجي متميز؛ إذ تتيح الوصول إلى موانٍ عميقة مثل خليج والفيس؛ ما يوفر طرق شحن مباشرة إلى أسواق رئيسة في أوروبا وآسيا، بحسب تصريحات كرون التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت كرون أن الديمقراطية المستقرة في ناميبيا، وإطارها القانوني السليم، والتزامها بسيادة القانون، تجعلها وجهة استثمارية جذابة وقابلة للتنبؤ.
هذه العوامل مجتمعة تدعم تطوير الهيدروجين الأخضر ومنتجات مشتقاته على نطاق واسع بأسعار تنافسية عالميًا، بحسب نائبة وزير الصناعات والمناجم والطاقة.
وقالت كرون: "لا تهدف ناميبيا إلى تصدير الهيدروجين الأخضر فحسب، بل إلى إنتاج منتجات ذات قيمة مضافة مثل الأمونيا الخضراء والحديد الأخضر؛ ما يدعم إزالة الكربون عالميًا".
مشروعات الهيدروجين الأخضر في ناميبيا
تعتزم ناميبيا استعمال الهيدروجين الأخضر محليًا لإزالة الكربون من قطاعات مثل النقل والصناعة وتوليد الكهرباء؛ إذ يُعطي نهج البلاد الأولوية لتعظيم القيمة المحلية.
وأوضحت نائبة وزير الصناعات والمناجم والطاقة في ناميبيا، غاودنتيا كرون، أن الهيدروجين الأخضر سيُستعمل محليًا لبناء تجمعات صناعية نظيفة جديدة في قطاعات رئيسة.
وينعكس ذلك من خلال مشروعات صناعية مثل مشروع أوشيفيلا التابع لشركة هايرون (HyIron)؛ حيث تُنتج الحديد الأخضر باستعمال الهيدروجين المتجدد.
وتُطوّر شركة كلين إنرجي (Cleanergy) الأمونيا الخضراء للأسمدة؛ وسيُوفر مشروع إتش دي إف إنرجي (HDF Energy) طاقة متجددة قابلة للتوزيع من خلال تخزين الهيدروجين الأخضر.
وإلى جانب هذه المشروعات، سيُطلق الهيدروجين الأخضر العنان لبنية تحتية حيوية لتحقيق تحوّل اقتصادي أوسع؛ بما في ذلك توسيع مرافق المواني لتصدير الوقود الأخضر وتزويد السفن بالوقود، وتحديث أنظمة السكك الحديدية لنقل البضائع السائبة بشكل مستدام، وبناء محطات تحلية المياه، وتوسيع خطوط نقل الكهرباء.
وتتطلع ناميبيا -أيضًا- إلى استعمال الوقود الاصطناعي للنقل، وإزالة الكربون من إنتاج الأسمنت، وتمكين معالجة المعادن محليًا مثل الليثيوم والعناصر الأرضية النادرة.
وأكدت كرون أن كل هذه العوامل تدعم خلق فرص العمل، وتنمية المهارات، والتنويع الصناعي بما يتماشى مع رؤية البلاد لعام 2030.
استثمارات البنية التحتية في ناميبيا
سيُتيح تطوير الهيدروجين الأخضر فرصًا أوسع للبنية التحتية والصناعية في ناميبيا؛ إذ لا يقتصر الهيدروجين الأخضر على إنتاج وقود جديد فحسب، بل هو مُحفّز لتنمية اقتصادية أوسع، بحسب ما أكدته نائبة وزير الصناعات والمناجم والطاقة غاودنتيا كرون.
وأشارت كرون إلى أن الهيدروجين الأخضر سيُحفّز استثمارات كبيرة في البنية التحتية:
- ستتوسّع موانٍ مثل خليج والفيس بمرافق جديدة للتزويد بالوقود ومناولة الوقود الأخضر.
- ستُحدث أنظمة السكك الحديدية لنقل السلع بكفاءة؛ بما في ذلك خام الحديد لإنتاج الحديد الأخضر.
- ستضمن محطات تحلية المياه الجديدة الأمن المائي للصناعة والمجتمعات في المناطق القاحلة.
- ستُطور خطوط نقل وممرات طاقة لنقل الكهرباء النظيفة إلى حيث تشتد الحاجة إليها.
- ستُنشأ مُجمعات صناعية، مثل منطقة نارا ناميب الصناعية المُخطط لها بالقرب من خليج والفيس، لاستضافة الصناعات التي تعتمد على الطاقة الخضراء؛ ما سيجذب الاستثمار في معالجة المعادن ذات القيمة المضافة، مثل الليثيوم والمعادن الأرضية النادرة.
وقالت كرون: "من خلال بناء هذه البنية التحتية، لا ندعم صناعة الهيدروجين الأخضر فحسب، بل نسهم أيضًا في تنويع اقتصادنا، وخلق فرص عمل، وتعزيز مكانة ناميبيا في التجارة الإقليمية والعالمية".
شراكات في قطاع الهيدروجين الأخضر
تُدرك ناميبيا أن استقرار الطلب أمر بالغ الأهمية لجذب الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ لذلك، تركز إستراتيجية البلاد على إنتاج منتجات خضراء عالية الطلب، مثل الأمونيا الخضراء للأسمدة ووقود الشحن، والحديد الأخضر لإنتاج الصلب، ومشتقات الهيدروجين الأخرى.
وقالت نائبة وزير الصناعات والمناجم والطاقة في ناميبيا، غاودنتيا كرون: "نتواصل بنشاط مع المشترين المحتملين من خلال منصات دولية، مثل القمة العالمية للهيدروجين والقمة العالمية الأفريقية للهيدروجين، مستعرضين قدرتنا على تقديم خدماتنا بتكلفة تنافسية ونطاق واسع".
وتابعت: "من المهم أيضًا أن نبني شراكات إستراتيجية مع الدول المجاورة. على سبيل المثال، من خلال العمل مع جنوب أفريقيا للمساعدة في إزالة الكربون من صناعتها، يمكن لناميبيا مساعدتها على تلبية متطلبات تعديل حدود الكربون الأوروبية المتطورة".
كما تؤكد ناميبيا تشجيع الاستثمار الشفاف؛ وتعمل على تطوير أطر تنظيمية واضحة، ومناطق اقتصادية خاصة، وخطط للبنية التحتية لدعم المستثمرين في الالتزام باتفاقيات شراء طويلة الأجل.
وأشارت كرون إلى أن ناميبيا تواصل بنشاط مع الدول المحتملة للشراء، وتسعى إلى المشاركة في إنشاء آليات من شأنها دعم ترتيبات الشراء الثنائية، وقد أدركت البلاد أن آلية عقود الفروقات عامل تغيير إستراتيجي في خططها التنموية الوطنية.
كما تعاون برنامج الهيدروجين الأخضر الناميبي مع شركة إتش 2 غلوبال (H2 Global) لاستكشاف إمكان بناء نافذة عقود الفروقات مصممة خصيصًا، والاستفادة أيضًا من تجارب الدول الأخرى، من خلال المشاركة في مزاداتها الثنائية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
){kind=link}