رصدت دراسة حديثة الانبعاثات الكيميائية المرتبطة بمزارع الرياح البحرية، التي اشتهرت بتوفير الكهرباء النظيفة.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع، تُوصف هذه الدراسة بأنها واحدة من أولى الدراسات الشاملة للانبعاثات الكيميائية المرتبطة بمزارع طاقة الرياح البحرية.
وتُعدّ هذه الدراسة جزءًا من جهد أوسع نطاقًا يبذله المجلس الدولي لاستكشاف البحار لتقييم الآثار البيئية للبنية التحتية المتجددة، وخاصة مزارع الرياح البحرية.
وأجرى الدراسة مشروع "أنيموي" التابع لشبكة "إنتريغ نورث سي" (Interreg North Sea)، ومجموعات الخبراء التابعة للمجلس الدولي لاستكشاف البحار (ICES) والمتخصصة في الكيمياء البحرية والطاقة المتجددة البحرية.
أهمية الدراسة
تبرز أهمية الدراسة نظرًا إلى ندرة البيانات الموثوقة حول استعمال المواد الكيميائية، ومعدلات التصريف، والسلوك البيئي، على الرغم من التوسع السريع لمشروعات مزارع الرياح البحرية في المياه الأوروبية.
وقد جمعت هذه الدراسة بين الخبرات في الكيمياء البحرية، وعلم السموم، وعلوم النظم البيئية لتحديد المخاطر الناشئة، والفجوات المعرفية، وتحديد مسار نحو تنمية مستدامة.
وشملت الدراسة قائمةً مستندةً إلى منشورات عن أكثر من 200 ملوث عضوي وغير عضوي يُحتمل ارتباطها بمزارع الرياح البحرية، بما في ذلك البوليمرات، ومثبطات التآكل، والمبيدات الحيوية، والمعادن.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المواد تنطلق من مكونات توربينات الرياح، وأغلفة الكابلات، وأنظمة الحماية من التآكل، مثل الطلاءات والأقطاب الموجبة، أو المعالجات المضادة للتلوث، وما إلى ذلك.

الآثار البيئية لمزارع الرياح البحرية
قال الباحث العلمي لدى معهد إيفريمر في فرنسا، أحد المؤلفين الرئيسين للدراسة، بابلو زاباتا كوريلا: "لقد وُصفت آثار بيئية أخرى لمزارع الرياح البحرية، مثل الضوضاء تحت الماء، والحقول المغناطيسية، ومخاطر اصطدام الطيور البحرية، وتأثير الشعاب المرجانية الاصطناعية".
وأوضح أنه "حتى الآن، تم تجاهل الانبعاثات الكيميائية إلى حد كبير".
وألمح إلى أن "ذلك يعود إلى اعتبارها منخفضة إلى حد لا يُذكر مقارنةً بمصادر أخرى للتلوث الكيميائي البحري، مثل الشحن وأنشطة النفط والغاز البحرية".
بدورهم، أشار مؤلفو الدراسة إلى أنه على الرغم من أن النتائج الأولية تُشير إلى أن الانبعاثات من مزارع الرياح البحرية قد تكون منخفضة نسبيًا مقارنةً بمصادر التلوث البحري الأخرى، إلا أنهم يُحذرون من التهاون. وأضافوا: "مع تزايد نطاق النشر، يمكن أن تُصبح حتى التصريفات الصغيرة ذات أهمية بيئية".
وأكدوا أن "الرصد الحالي لا يزال غير مُكتمل، وغالبًا ما يقتصر على مشروعات فردية، ما يُصعّب تقييم الآثار التراكمية أو إجراء مقارنات إقليمية".
وناقشت الدراسة المشهد التنظيمي الحالي، مُسلّطةً الضوء على الثغرات، ومُقترحةً اعتباراتٍ لإدارة أكثر فاعلية للانبعاثات الكيميائية من مشروعات الطاقة المتجددة البحرية، وحددت العديد من الثغرات البحثية الرئيسة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
- أولًا: هناك بيانات عامة محدودة حول تركيب وحجم ووقت وموقع استعمال المواد الكيميائية وتصريفها، وهي معلومات بالغة الأهمية لتقييمات التعرض.
- ثانيًا: لا توجد أساليب موحدة لتحليل ونمذجة كيفية انتقال الملوثات وتحولها في البيئات البحرية.
- ثالثًا: غالبًا ما تكون بيانات السمية البيئية غير مكتملة أو مستندة إلى أنواع المياه العذبة، ما يحد من أهميتها للنظم البيئية البحرية.
- رابعًا وأخيرًا: يفتقر القطاع إلى المعايير البيئية المتسقة المطبقة في الصناعات الأخرى الخاضعة للوائح التنظيمية.

مراقبة استعمال المواد الكيميائية في القطاع
لمواجهة هذه التحديات، يقترح مشروع "أنيموي" ومجموعات عمل المجلس الدولي لاستكشاف البحار خطة بحثية ذات أولويات تشمل إنشاء قوائم جرد لاستعمال المواد الكيميائية في القطاع، ووضع بروتوكولات مراقبة موحدة، وإجراء دراسات سمية مستهدفة.
ويوصي المؤلفون بدمج هذه المعرفة في تقييمات الآثار التراكمية التي تعكس الظروف المحلية، وحجم المشروع، وحساسية النظام البيئي.
وخلصت الدراسة إلى أن معالجة المخاطر الكيميائية لمصادر الطاقة المتجددة البحرية تتطلب شفافية أكبر، وبيانات مُحسّنة، ونهجًا تعاونيًا بين العلماء وشركات القطاع والجهات التنظيمية.
وأشار مؤلفو التقرير إلى أنه مع تسارع وتيرة نمو القطاع، يجب أن تتسارع وتيرة الأطر التي تضمن حماية النظم البيئية البحرية إلى جانب تحقيق الأهداف المناخية.
ويرون أن عملهم كان له تأثير فوري، ما يُبرر الحاجة إلى إنشاء مجموعة فرعية تابعة لاتفاقية حماية البيئة البحرية لشمال شرق المحيط الأطلسي (OSPAR) تُعنى بالانبعاثات الكيميائية من أجهزة الطاقة المتجددة.
وفي الوقت نفسه، توفر طاقة الرياح البحرية العديد من المزايا؛ فإلى جانب هدف إنتاج الطاقة المتجددة، تتيح مزارع الرياح البحرية فرصًا متعددة الأغراض في مجال الحفاظ على الطبيعة وتربية الأحياء المائية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..