من اللحظة التي يخطو فيها الطالب قدمه الأولى داخل أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، تبدأ رحلة استثنائية مليئة بالتحديات والرهبة في آن واحد.
فهنا لا يجري الأمر وكأنه مجرد تقديم أوراق أو امتحان مدرسي عادي، بل أشبه برحلة اختبار شاملة تضع المتقدم تحت المجهر من كافة الجوانب: جسدية، عقلية، نفسية، وسلوكية.
اختبار القدرات.. البوابة الأولى
يبدأ المتقدمون بخوض اختبار القدرات العامة، الذي يهدف إلى قياس مستوى الفهم والاستيعاب وسرعة البديهة.
الأسئلة لا تتعلق فقط بالمعلومات الدراسية، بل تشمل أيضًا أسئلة ذكاء ومواقف حياتية لقياس مدى سرعة اتخاذ القرار. هذه المرحلة تضع الطالب أمام الحقيقة الأولى: أن الضابط لا يُختار فقط لقوة بدنه، بل أيضًا لسرعة عقله.
اختبار المقاس.. الطول والوزن تحت المجهر
بعد اجتياز اختبار القدرات، ينتقل الطالب إلى اختبار المقاس، حيث يتم قياس الطول والوزن بدقة.
هنا قد تُحبط آمال البعض إذا لم يحققوا الحد الأدنى المطلوب. أحد الطلاب يصف المشهد قائلًا: "اللحظة دي بتكون فاصلة.. خطوة بسيطة على الميزان أو أمام جهاز القياس ممكن تحدد مصيرك كله."
اختبار القوام.. التناسق البدني
يتبع اختبار المقاس، اختبار القوام، الذي يركز على التناسق بين الوزن والطول. المعادلة بسيطة لكنها حاسمة: (الوزن المثالي = الطول – 90).
أي خلل كبير في هذه المعادلة قد يُقصي الطالب مبكرًا.
الهدف من ذلك أن يكون الطالب في هيئة بدنية تسمح له بتحمل التدريب الشاق دون معوقات صحية.
الكشف الطبي.. فحص شامل بلا استثناء
ثم يدخل الطالب إلى الكشف الطبي المتكامل، وهو واحد من أدق المراحل وأكثرها صرامة. هنا يخضع المتقدم لسلسلة من الفحوصات:
الباطنة والجراحة للتأكد من سلامة الأعضاء الداخلية.
العظام لفحص قوة الهيكل الجسدي وعدم وجود تشوهات.
الرمد للتأكد من قوة الإبصار.
الأسنان لفحص الحالة الصحية العامة.
الكشف لا يقتصر على الجانب الظاهر، بل قد يمتد لفحوصات مخبرية دقيقة تكشف أي أمراض مزمنة أو مشاكل خفية قد تعيق مستقبل الطالب.
اختبار اللياقة البدنية.. العرق والجهد
هنا تبدأ مرحلة الإثارة الحقيقية في ملاعب الأكاديمية، يُطلب من الطلاب أداء عدد من التمارين البدنية مثل الجري، الضغط، العقلة، والقفز. المشهد يبدو وكأنه مباراة كبرى؛ مئات الطلاب يرتدون زيًا رياضيًا موحدًا، والمدربون يراقبون بدقة.
الهدف ليس فقط إظهار القوة، بل القدرة على التحمل والانضباط.
أحد الخريجين يصف هذه اللحظة قائلًا: "اللياقة مش بس عضلات.. الاختبار الحقيقي هو قدرتك تستمر رغم التعب.. الضابط لازم يكون قدوة في التحمل قبل أي شيء."
اختبار السمات.. قراءة الشخصية
بعد الجهد البدني، يخوض الطالب اختبار السمات الشخصية، وهو اختبار نفسي متقدم يقيس الاستقرار الانفعالي والقدرة على التحكم في الغضب والتعامل مع المواقف الضاغطة. قد يُعرض الطالب على مواقف افتراضية مثل: "إذا وجدت نفسك أمام مشاجرة مسلحة.. كيف تتصرف؟" الهدف هنا هو اكتشاف شخصية الطالب من الداخل.
لجنة الهيئة.. الفصل الأخير
وأخيرًا، تأتي اللحظة الحاسمة: لجنة اختبار الهيئة. يجلس الطالب أمام لجنة تضم قيادات رفيعة المستوى، يتم خلالها تقييم مظهره العام، طريقة حديثه، ثقته بنفسه، وسرعة استجابته للأسئلة المباشرة.
الأسئلة قد تكون بسيطة الشكل لكنها عميقة المضمون، مثل:
لماذا ترغب في الالتحاق بكلية الشرطة؟
كيف ترى دور رجل الشرطة في المجتمع؟
ما هي أبرز التحديات الأمنية التي تواجه مصر حاليًا؟
هنا يتضح الفارق بين طالب جاء من أجل "وظيفة"، وطالب آخر جاء من أجل "رسالة".
وغالبًا ما تكون هذه المرحلة هي الفيصل الذي يحدد من سيُمنح شرف الالتحاق بالكلية.
خلاصة الرحلة
من البوابة إلى لجنة الهيئة، يخوض الطالب رحلة طويلة قد تستمر أسابيع، لكنها تكشف عن معدن كل شخص. فالأكاديمية لا تبحث عن الأكثر وسامة أو تفوقًا دراسيًا فحسب، بل عن المزيج المتكامل بين العقل والجسد والقيم.
وهكذا، فإن اجتياز هذه الاختبارات ليس مجرد نجاح في مراحل منفصلة، بل شهادة بأن المتقدم يمتلك مقومات أن يكون ضابط شرطة يحمل على عاتقه مسؤولية حماية أمن الوطن والمواطن.
تتصدر أكاديمية الشرطة المصرية قائمة المؤسسات التعليمية والأمنية التي تحظى باهتمام كبير كل عام مع فتح باب القبول للطلاب الجدد.
فلطالما مثلت الكلية مصنع الرجال وحصن الوطن، إذ تخرج أجيالًا من ضباط الشرطة الذين يتولون مهمة حماية الأمن الداخلي، مكافحة الجريمة، والتصدي للإرهاب.
ومع إعلان وزارة الداخلية عن فتح باب القبول للعام الدراسي 2025 – 2026، يتجدد الحلم لدى آلاف الطلاب من الحاصلين على الثانوية العامة والأزهرية والجامعيين، للانضمام إلى هذا الصرح الوطني. القرار الذي اعتمده اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، لم يكن مجرد إجراء إداري، بل خطوة تعكس استراتيجية الدولة في دعم منظومتها الأمنية بعناصر شابة مدربة علميًا وبدنيًا ونفسيًا وفق أعلى المعايير.
في هذا التقرير الصحفي المطول، نستعرض مواعيد التقديم، الشروط الكاملة، خطوات التسجيل الإلكتروني عبر موقع وزارة الداخلية، طبيعة الاختبارات التي يخضع لها الطلاب، والتيسيرات المقدمة لهم، مع تحليل لأهمية هذه الإجراءات في إعداد جيل جديد من الضباط القادرين على حماية أمن مصر واستقرارها.
مواعيد التقديم لكلية الشرطة 2025
الثانوية العامة 2025 (الدور الأول والثاني)، الثانوية الأزهرية، المعادلة من الخارج، الدبلومات الأجنبية، مدارس المتفوقين: من الخميس 31 يوليو حتى الخميس 28 أغسطس 2025 (29 يومًا).
الجامعيون (حقوق ذكور وإناث، والمؤهلات الجامعية المطلوبة): من الخميس 31 يوليو حتى الخميس 11 سبتمبر 2025 (43 يومًا).
يتم التسجيل حصريًا عبر الموقع الرسمي لوزارة الداخلية: moi.gov.eg
الشروط العامة للقبول في كلية الشرطة 2025
أولًا: لطلاب الثانوية العامة والأزهرية
1. أن يكون المتقدم مصري الجنسية ومن أبوين مصريين بالميلاد.
2. حسن السمعة والسلوك وألا يكون قد سبق الحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.
3. عدم الفصل من الخدمة الحكومية بقرار أو حكم نهائي.
4. الطول لا يقل عن 170 سم، والوزن المثالي وفق المعادلة (الطول – 90).
5. السن لا يزيد عن 22 عامًا في أول أكتوبر 2025.
6. التمتع بلياقة بدنية وصحية ونفسية عالية.
7. ألا يكون متزوجًا أو سبق له الزواج طوال فترة الدراسة بالأكاديمية.
ثانيًا: للجامعيين
1. استيفاء نفس الشروط السابقة مع استثناء شرط عدم الزواج.
2. الحد الأدنى للطول: 168 سم للذكور – 160 سم للإناث.
3. الحد الأقصى للسن: 28 عامًا للبكالوريوس/الليسانس، 30 عامًا للماجستير، 35 عامًا للدكتوراه.
التيسيرات المقدمة للطلاب وأولياء الأمور
إعلان مواعيد ونتائج الاختبارات إلكترونيًا.
تخصيص أماكن انتظار مجهزة أمام الأكاديمية.
توفير منافذ استخراج صحيفة الحالة الجنائية والطوابع والتصوير.
إصدار كتيب إرشادي يوضح خطوات التقديم والشروط.
تخصيص خطي هاتف للاستفسارات: (0224109102) – (0224109117).
موافقة وزير الداخلية ودور الأكاديمية
كان قد اعتمد اللواء محمود توفيق وزير الداخلية قرار قبول دفعة جديدة، مؤكدًا أن أكاديمية الشرطة تظل مصنع الرجال وحصن الوطن، وأن اختيار الطلاب يتم وفق معايير دقيقة تضمن إعداد أجيال قادرة على الدفاع عن أمن مصر في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.
من لحظة دخول الطالب بوابة الأكاديمية حتى لجنة الهيئة، يخوض رحلة اختبار طويلة تكشف عن معدنه الحقيقي.
فالأكاديمية لا تبحث عن الأكثر وسامة أو تفوقًا دراسيًا، بل عن المزيج المتكامل بين العقل والجسد والقيم.
إن اجتياز هذه الاختبارات ليس مجرد نجاح في مراحل منفصلة، بل شهادة بأن الطالب يمتلك مقومات أن يكون ضابط شرطة يحمل على عاتقه مسؤولية حماية الوطن والمواطن.











