الصلاة هي عمود الدين، ومفتاح الصلة بين العبد وربه، لكن كثيرًا ما يواجه بعض المسلمين لحظات من الفتور والكسل، تجعلهم يؤخرون الصلاة أو يتركونها بلا مبرر واضح.
فهل هذا مجرد ضعف في الإرادة؟ أم أن وراء الكسل عن الصلاة أسبابًا أعمق تتعلق بالنفس، والبيئة، وحتى بالشيطان الذي لا يهدأ؟
الكسل الديني.. بين الطب النفسي والروحانيات
يرى علماء النفس أن الإنسان يمر بمراحل فتور تشبه "الإنهاك الروحي"، خاصة إذا بالغ في العبادة فجأة دون تدرج، فيدخل في حالة من الإرهاق النفسي والجسدي تؤدي إلى النفور.
أما الشريعة، فتعتبر هذا الفتور من مداخل الشيطان، الذي يوسوس للمؤمن حتى يثنيه عن طاعة الله.
دعاء نبوي يبدد الكسل
دار الإفتاء المصرية لفتت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الكسل يوميًا، قائلًا:
"اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" (رواه البخاري).
هذا الدعاء يكشف أن الكسل ليس مجرد عادة، بل مرض قلبي يحتاج إلى علاج بالذكر واللجوء إلى الله.
بين الذنب والكسل.. علاقة خفية
يشير العلماء إلى أن كثرة الذنوب والمعاصي تجعل القلب مثقلًا، فلا يشتاق إلى الطاعة، بينما صفاء النفس بالتوبة والاستغفار يعيد النشاط والإقبال على العبادة. وهنا تأتي الآية الكريمة:
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4].
خطوات لكسر دائرة الكسل
التغلب على الكسل عن الصلاة لا يكون بالتأنيب فقط، بل عبر خطوات عملية منها:
- التدرج في العبادة: عدم تحميل النفس فوق طاقتها، والالتزام بما يقدر عليه المرء.
- الاستجابة للأذان فورًا: منع النفس من التسويف.
- ربط الصلاة بالراحة: ملاحظة الطمأنينة بعدها يعزز الاستمرار.
- صحبة صالحة: الأصدقاء الذين يذكرون بالصلاة لا الذين يشغلون عنها.
- دور الأسرة: غرس عادة الصلاة منذ الصغر يجعلها سلوكًا يوميًا طبيعيًا.
رضا الله.. أعظم دافع للاستمرار
الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أكد أن التوفيق للعبادة والمحافظة على الصلاة علامة على رضا الله، بينما كثرة التقصير دلالة على الحاجة للرجوع والتوبة.
فحين يستشعر المسلم أن الصلاة ليست مجرد واجب، بل هدية إلهية ومؤشر على معية الله، يصبح الالتزام بها أسهل وأجمل.
