تتجه الأنظار في مصر نحو الاجتماع المرتقب للجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، المقرر عقده في أكتوبر المقبل، وسط حالة من الترقب الشعبي والاقتصادي لمعرفة مصير أسعار البنزين والسولار خلال الفترة المقبلة، حيث يأتي هذا الاجتماع في توقيت حاسم، إذ تمضي الحكومة المصرية في تنفيذ خطتها الرامية إلى رفع الدعم نهائيا عن المحروقات بنهاية العام الجاري، وفق الجدول الزمني المعتمد.
زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز.. مصر الاجتماع الأخير
قرار الحكومة في اجتماع ابريل الماضي بتثبيت الأسعار لمدة 6 أشهر، جاء مراعاة للبعد الاجتماعي وتقليل الأثر المباشر على المستهلكين، غير أن اقتراب موعد إلغاء الدعم بالكامل بحلول ديسمبر 2025، يفرض واقعا جديدا يتطلب تحريكًا تدريجيًا للأسعار للوصول إلى مستوى استرداد التكلفة، وهو هدف استراتيجي في سياسة تحرير سوق الوقود.
ولكن تساؤلا في الأذهان يطرح نفسه بقوة خلال الساعات الماضية: هل تتخلى الحكومة عن زيادة أسعار البنزين والسولار في أكتوبر المقبل ويتم تأجيلها لحين إشعار آخر، أم سيكتب الاجتماع الخامس للجنة تسعير المواد البترولية نهاية دعم الدولة للبنزين والسولار والغاز؟.
فخري الفقي: لا تراجع عن إلغاء دعم المواد البترولية
وفي هذا السياق، أكد الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن قرار زيادة أسعار البنزين والسولار الأخير لن يتم التراجع عنه، موضحا أن الدولة ماضية في بيع المنتجات البترولية بسعر التكلفة، في ظل ارتفاع تكاليف التكرير والإنتاج.
وأشار “الفقي”، في تصريحات خاصة لـ بانكير، إلى أن الموازنة السابقة تحملت نحو 155 مليار جنيه لدعم البنزين بكافة أنواعه، والسولار، والديزل، وغاز المنازل، وهو عبء لا يمكن تحمله مرة أخرى، لافتا إلى أن رفع الدعم خطوة صحيحة اقتصاديًا، خاصة بعد أن تبين أن ما لا يقل عن 75 مليار جنيه من إجمالي الدعم كان يذهب لغير المستحقين، بينهم قرابة 10 ملايين من المقيمين الأجانب والبعثات الدبلوماسية، إضافة إلى الفئات الثرية داخل المجتمع المصري.
كارت خدمات للأسر المستحقة للدعم بـ 5 آلاف جنيها شهريا
وتساءل الفقي: “هل هناك دولة في العالم تمنح غير مواطنيها دعمًا للبنزين والسولار؟ وهل يحصل المصري بالخارج على هذا الدعم؟ بالطبع لا”، موضحا أن الحكومة نفذت بالفعل أربع مراحل لرفع الدعم عن المحروقات، ولم يتبق سوى مرحلة أخيرة ستنفذ خلال اجتماع لجنة التسعير في أكتوبر المقبل، ضمن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف أن ما سيتم توفيره من دعم المواد البترولية نحو 75 مليار جنيه ط في الموازنة المقبلة، ستوجه بالكامل للمستحقين للدعم، موضحا أن الدولة تدعم رغيف الخبز بنحو 120 مليار جنيه، وبطاقات التموين بـ 40 مليارًا، والمواد البترولية بـ 75 مليارًا، إضافة إلى 50 مليارًا لبرنامج "تكافل وكرامة"، بإجمالي 285 مليار جنيه، ستوجه بالكامل عبر الكارت الموحد للأسر الأكثر احتياجا، بحيث تحصل كل أسرة على ما يزيد عن 5 آلاف جنيه شهريا يمكن استخدامها لشراء ما تحتاجه بالسعر غير المدعوم.
وأوضح رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في تصريحات خاصة، أن التجربة تطبق حاليا في محافظة بورسعيد، وفي حال نجاحها سيتم تعميمها على مستوى الجمهورية، مع تحديث قاعدة بيانات الأسر بشكل دوري لضمان وصول الدعم لمستحقيه فقط.
4 ملايين سيدة على معاش والدهن وهن متزوجات عرفيا
وكشف الفقي عن وجود حالات تحايل على منظومة الدعم والمعاشات، تمثلت في حصول نحو 4 ملايين سيدة على معاش والدهن بزعم أنهن مطلقات، بينما هن متزوجات عرفيا، معتبرا أن هذه الظاهرة وغيرها تمثل إهدارًا كبيرًا للمال العام التي تمنحه الدولة للمستحقين في منظومة الدعم العيني، لذلك ستتحول الدولة إلى الدعم النقدي لضمان وصوله للمستحقين.
وشدد الفقي على أن ما يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي لإصلاح منظومة الدعم يمثل تحولا جوهريا في بنية الاقتصاد المصري، مؤكدا ضرورة استكمال مسار الإصلاح الاقتصادي ومعالجة التشوهات المتراكمة لضمان توجيه موارد الدولة إلى من يستحقها بالفعل.
3 زيادات للبنزين والسولار في عام مالي واحد
وكلن العام المالي 2024-2025، قد شهد تحركات غير مسبوقة في أسعار الوقود، تمثلت في ثلاث زيادات متتالية استهدفت تقليص فجوة الدعم بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع للمستهلك، والتي جاءت كالتالي:
- سعر بنزين 80 ارتفع من 11 جنيهًا للتر إلى 15.75 جنيهًا.
- سعر السولار قفز من 10 جنيهات إلى 15.50 جنيهًا للتر.
وهذه التعديلات تمثل زيادات تراوحت نسبتها بين 40% و55% خلال عام مالي واحد، ما يعكس إصرار الحكومة على تطبيق آلية التسعير التي تربط أسعار الوقود بالتكلفة الحقيقية وعوامل السوق العالمية.
وفي خطوة تؤكد المضي في مسار إعادة هيكلة الدعم، أقر البرلمان المصري في يونيو 2025 موازنة العام المالي الجديد 2025-2026، والتي شهدت تقليصا ملحوظا في مخصصات دعم الوقود إلى 75 مليار جنيه فقط، مقابل 154.5 مليار جنيه في موازنة العام السابق، وهذا الخفض الحاد يعكس التزام الدولة بتطبيق سياسات أكثر انضباطا في إدارة ملف الدعم، والانتقال التدريجي إلى آليات السوق في تسعير المنتجات البترولية، بما يتماشى مع خطط الإصلاح الاقتصادي طويلة المدى.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
