في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، تحوّل طريق الواحات من ممرٍّ طبيعي للحركة والتنقّل إلى ساحة رعب عاشتها فتاتان بريئتان في ليلة حالكة السواد.
المشهد لم يكن حادثًا عاديًا، بل واقعة هزت مصر من أقصاها إلى أقصاها، بعدما انتشر فيديو يوثّق مطاردة ثلاث سيارات لسيارة تقودها طالبة جامعية وصديقتها، لينتهي الأمر باصطدام سيارتهما بسيارة نقل ثقيل.
كرامة المرأة المصرية
الحادث فجّر غضبًا عارمًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبره كثيرون ليس مجرد تحرش، بل شروع في خطف مكتمل الأركان، ومحاولة سافرة للنيل من أمن وكرامة المرأة المصرية. أما وزارة الداخلية فقد تعاملت مع الواقعة بأقصى سرعة، مؤكدة مرة أخرى أن يد العدالة لا تعرف التراخي.
وإذا كان الحادث قد ترك جروحًا جسدية في الضحايا، فإن الصدمة النفسية التي خلّفها في نفوس الفتيات وأسرهن والمجتمع بأسره أعادت إلى الواجهة النقاش القديم حول التحرش، المطاردة، والأمان على الطرق، وهو نقاش يتجاوز حدود القانون إلى عمق الثقافة المجتمعية.
مطاردة 3 سيارات
بدأت الواقعة حين غادرت الفتاتان كافيه بمدينة 6 أكتوبر، ولاحظتا مطاردة ثلاث سيارات لهنّ، إحداها ماركة "بي إم دبليو" والأخرى "جيلي" والثالثة "كيا".
ومع محاولة الجناة إجبار السيارة على التوقف، فقدت الفتاة السيطرة على عجلة القيادة واصطدمت بسيارة نقل ثقيل.
أسفر الحادث عن إصابات متفرقة: كدمات وسحجات للفتاة السائقة، وجرح قطعي في الجبهة لصديقتها.
أحد المارة وثق الحادث بالفيديو، والذي أصبح خلال ساعات مادة نقاش وغضب على "السوشيال ميديا".
بيان وزارة الداخلية حول حادث الواحات
أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي أنه بتاريخ 13 أغسطس تلقى قسم شرطة 6 أكتوبر بلاغًا من إحدى الفتيات بتعرضها وصديقتها للمطاردة على طريق الواحات.
بالفحص أمكن تحديد وضبط ثلاثة طلاب – أحدهم يعمل سائقًا على تطبيق نقل ذكي – وتبين تورطهم في المطاردة، كما تم التحفظ على السيارات الثلاث.
وأكدت وزارة الداخلية أن المتهمين جرى عرضهم على النيابة العامة التي تولت التحقيق، مشددة على أن الوزارة ستواصل جهودها لحماية المرأة وردع كل من تسوّل له نفسه الاعتداء على أمن المواطنين.
أقوال والد الضحية
قال يوسف زكريا، والد إحدى الضحايا، في تصريحات اعلامية : إحنا من عائلة محترمة، وبنتي في آخر سنة في الكلية، وصاحبتها في كلية ألسن، أنا صحفي قديم وزوجتي مذيعة بالإذاعة والتلفزيون.
مضيفا : استفزاز تعليقات الناس خلاني أطلع أتكلم.
مختتما : أنا زعلان على المجتمع بتاعنا اللي وصل للمستوى ده من الفكر تجاه المرأة".
عقوبات قاسية تنتظر المتهمين
وفقًا لقانون مكافحة التحرش (رقم 141 لسنة 2021)، يعاقب بالحبس من 3 إلى 5 سنوات وغرامة تصل لـ300 ألف جنيه على جريمة الملاحقة.
إذا اشترك أكثر من شخص في الجريمة – كما في واقعة حادث الواحات – تصل العقوبة إلى السجن المشدد حتى 7 سنوات.
اذا وجهت النيابة أيضًا تهم الشروع في الخطف، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى السجن المشدد طبقًا للمادة 290 من قانون العقوبات.
واقعة تهدد استقرار المجتمع
يرى خبراء أمنيون أن حادث الواحات ليس حادثًا مروريًا، بل جريمة اعتداء صريح على الحرية الشخصية.
خبراء علم الاجتماع اعتبروا الواقعة جرس إنذار خطير يكشف تغوّل ثقافة "لوم الضحية"، وأن المجتمع بحاجة ماسة لحملات توعية.
دعا خبراء المرور الفتيات للتصرّف بهدوء حال المطاردة، والاتصال الفوري بشرطة النجدة، وتفعيل مشاركة الموقع الجغرافي مع الأهل.
جريمة محرّمة شرعًا
الدكتور هشام ربيع (أمين فتوى) قال في تصريحات صحفية : القول بأن ملابس الفتيات سبب الحادث مسوّغ شيطاني، والتحرش جريمة محرّمة شرعًا.
الدكتور خالد منتصر (باحث): الحادث يكشف ثقافة ذكورية مريضة تحمّل الضحية مسؤولية الجريمة.
محامون بارزون: أكدوا أن القضية ستُحال لمحكمة الجنايات نظرًا لخطورة الأفعال المرتكبة.
محاسبة المتورطين
انطلقت آلاف التغريدات والتعليقات تحت وسم #حادث_الواحات مطالبة بأقصى عقوبة للجناة.
مستخدمون وصفوا ما حدث بأنه "خطف مرعب على الهواء"، فيما رأى آخرون أن الفيديو فضح واقعًا مريرًا للمرأة في الشارع.
الأغلبية شددت على ضرورة محاسبة المتورطين سريعًا حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
حادث الواحات




