مع استمرار الزيادة السكانية في مصر وارتفاع معدل استهلاك القمح، أصبح من الضروري البحث عن محاصيل بديلة مستدامة تضمن تحقيق التوازن بين الاستهلاك والإنتاج المحلي.
وفي هذا الإطار، بدأت الدولة المصرية التخطيط الجاد للتوسع في زراعة الدخن، باعتباره أحد المحاصيل الاستراتيجية القادرة على تحمل الجفاف ومواجهة تحديات التغير المناخي، فضلاً عن فوائده الغذائية وتعدد استخداماته.
لماذا الدخن؟
محصول بديل واستراتيجي لمواجهة الطلب المتزايد على القمح
يشهد القمح إقبالًا كبيرًا في السوق المصري، ومع اعتماد البلاد على الاستيراد لتغطية احتياجاتها، ظهرت الحاجة إلى بدائل زراعية ذات إنتاجية عالية وقابلية للنمو في الأراضي الصحراوية. وهنا برز محصول الدخن كخيار مثالي، لعدة أسباب:
يصلح للزراعة في الأراضي الهامشية والصحراوية.
يحتاج كميات مياه وسماد أقل مقارنة بالقمح.
غني بالعناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، الألياف، والمعادن.
يستخدم كغذاء للإنسان وعلف للحيوان، ما يجعله متعدد الأغراض.
الاستفادة من التجربة الهندية
التعاون المصري الهندي في مجال زراعة الدخن وتبادل الخبرات
ضمن فعاليات الاجتماع الفني الأول للجنة الزراعية المشتركة بين مصر والهند، ناقش الجانبان آفاق التعاون في مجالات متعددة، على رأسها:
نقل التجربة الهندية في زراعة الدخن، حيث تُعد الهند من أكبر منتجي هذا المحصول على مستوى العالم.
التركيز على أنظمة الري الحديثة لتقليل استهلاك المياه.
تبادل المعرفة حول زراعة أصناف مقاومة للإجهاد البيئي مثل الدخن والأرز.
ترشيد استخدام الأسمدة الكيميائية لصالح التسميد العضوي.
تحسين صحة التربة وزيادة خصوبتها بشكل مستدام.
الهند تُعد نموذجًا ناجحًا في التوسع في زراعة الدخن، حيث يُستخدم هناك كغذاء رئيسي في العديد من المناطق، خصوصًا ذات المناخ الجاف.
مميزات زراعة الدخن في مصر
تحمّل الجفاف والتغيرات المناخية يعزز من فرصه كمحصول استراتيجي
أشار تقرير صادر عن مركز بحوث الصحراء إلى أن الدخن يُعد من المحاصيل الواعدة التي يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، ومن أبرز مزاياه:
تحمل ظروف الجفاف وقلة خصوبة التربة.
يُزرع في شهري مارس وأبريل ويُحصد خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.
لا يتطلب مقررات سمادية عالية، مما يقلل من تكلفة الإنتاج.
قابل للتوسع في الأراضي الصحراوية والظهير الصحراوي للمحافظات.
القيمة الغذائية لمحصول الدخن
غذاء صحي وآمن وخالٍ من الجلوتين
من أهم مميزات الدخن أنه غني بالعناصر الغذائية المفيدة، الأمر الذي يجعله خيارًا صحيًا للعديد من الفئات، خصوصًا من يعانون من حساسية الجلوتين. ومن أهم العناصر التي يحتوي عليها:
نسبة عالية من البروتين النباتي.
خالٍ من الجلوتين.
غني بالأملاح المعدنية مثل الحديد والزنك.
يحتوي على فيتامينات مثل B وA.
نسبة كبيرة من الكربوهيدرات المعقدة المفيدة للطاقة.
التحديات والفرص أمام التوسع
التوسع يحتاج إلى دراسات سوق وتطوير تقنيات الزراعة
على الرغم من زراعة الدخن في بعض المناطق المصرية، إلا أنه لم يصبح بعد من المحاصيل الأساسية. ويتطلب التوسع في زراعته:
دراسات حول أفضل الممارسات الزراعية الملائمة للتربة المصرية.
تحليل الأسواق المحتملة لتصريف الإنتاج محليًا ودوليًا.
توفير الدعم الفني والإرشادي للمزارعين.
تطوير سلالات مقاومة للأمراض وتلائم المناخ المصري.
مستقبل الدخن في مصر
نحو منظومة زراعية أكثر تنوعًا وأمانًا غذائيًا
يمثل التوسع في زراعة الدخن خطوة استراتيجية نحو تنويع المحاصيل وتقليل الضغط على القمح، كما يساهم في مواجهة التغيرات المناخية وشُح المياه، خاصة في ظل الظروف البيئية الصعبة التي تمر بها مصر والمنطقة.
ومع التعاون مع دول مثل الهند ونيجيريا والصين، هناك فرصة كبيرة لتحويل الدخن إلى محصول رئيسي في مصر خلال السنوات القادمة، خصوصًا مع إدخاله في الصناعات الغذائية، مثل:
الخبز والمخبوزات الصحية.
الحبوب الجاهزة للإفطار.
أغذية الأطفال ومكملات الرياضيين.