مع بداية النصف الأول من شهر أغسطس، يدخل الأقباط الأرثوذكس في حالة روحانية خاصة، مع مواصلة صوم العذراء مريم، الذي بدأ الخميس الماضي، ويُعد من أبرز الأصوام القبطية وأكثرها قربًا إلى قلوب المؤمنين، صوم يستمر لمدة 15 يومًا، يمتزج فيه الإيمان بالعاطفة، وتتحول خلاله الكنائس إلى مراكز للعبادة اليومية، تتعالى فيها الصلوات والتسابيح، احتفاءً بمكانة العذراء في العقيدة والتراث.
يعد صوم السيدة العذراء مريم من أبرز الأصوام التي يلتزم بها الأقباط الأرثوذكس، ويعرف بين عموم الشعب بـ"الصوم النباتي الكامل"، حيث يمتنع الصائمون خلاله عن تناول جميع المنتجات الحيوانية، بما في ذلك اللحوم والدواجن والبيض ومنتجات الألبان كالجبن والزبد واللبن.
طبيعة الصوم.. نباتي وانقطاعي
وفى بعض الحالات، يلتزم المؤمنون بما يعرف بـ"الصوم الانقطاعي"، وهو الامتناع عن الطعام والشراب حتى فترة الظهر أو العصر، قبل تناول وجبة نباتية بسيطة.
ضوابط روحية واجتماعية خلال الصوم
وتوصي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أيضًا بالامتناع عن إقامة حفلات الزفاف أو أية مظاهر احتفال دنيوية خلال فترة الصوم، سواء في البيوت أو داخل الكنائس، وذلك احترامًا لقدسية هذا الموسم الروحي، وتهيئة للمؤمنين للتوبة والتأمل في سيرة السيدة العذراء.
الصوم ليس طعامًا فقط.. دعوة للتوبة وتنقية القلب
لكن الكنيسة تؤكد أن الصوم لا يقتصر على الامتناع عن الطعام فقط، بل يمتد ليشمل صوم اللسان والحواس والقلب، ومن بين الأمور التي تحذر منها الكنيسة خلال هذه الفترة: الغيبة والنميمة، إدانة الآخرين، الحديث الباطل، والانشغال المفرط بوسائل التواصل الاجتماعي، وتدعو بدلًا من ذلك إلى تكريس الوقت للقراءة الروحية، والمشاركة في القداسات، وقراءة الإنجيل، إلى جانب ممارسة أسرار الكنيسة مثل الاعتراف والتناول.
وتشهد الكنائس القبطية في أنحاء البلاد خلال صوم السيدة العذراء "نهضات روحية" يومية، تتنوع بين صلوات بخور العشية، والتماجيد، والعظات، والترانيم، ما يجعل من هذا الموسم أحد أكثر الأوقات الروحية حيوية وعمقًا في الحياة الكنسية القبطية.