الاثنين 11 اغسطس 2025 | 01:17 مساءً

الاقتصاد التركي - صورة أرشيفية تعبيرية
تشهد إسطنبول، كبرى المدن التركية، أزمة متصاعدة أثّرت بشكل مباشر على مشاريع البنية التحتية والتنمية الحضرية فيها، في ظل اعتقالات طالت أكثر من 100 من مسؤولي بلديتها، بينهم شخصيات بارزة في إدارة المشاريع والخدمات العامة، ويأتي ذلك في وقت حرج تمر فيه المدينة بظروف بيئية واقتصادية معقدة، أبرزها الزلازل وتحديات الإسكان.
زلزال يكشف هشاشة الإدارة في إسطنبول
في أواخر أبريل الماضي، ضرب زلزال بقوة 6.2 درجة منطقة سيليفري غرب إسطنبول، لكن في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون فيه السلطات البلدية في حالة طوارئ، كان رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وعدد من كبار مسؤولي إدارته قيد الاحتجاز داخل سجن مرمرة شديد الحراسة، ما عطّل قدرتهم على التنسيق والاستجابة.
منذ منتصف مارس، تم توقيف عدد كبير من مسؤولي البلدية، في حملة وصفتها المعارضة بأنها محاولة ممنهجة لتقويض إدارة المدينة التي يقودها إمام أوغلو، أحد أبرز خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان، وعلى الرغم من نفي الحكومة وجود دوافع سياسية خلف هذه الاعتقالات، إلا أن آثارها طالت خدمات المدينة ومشاريعها الأساسية.
شلل في المشاريع البلدية الحيوية
من بين أبرز المشاريع المتأثرة، "مشروع تجديد إسطنبول"، الهادف إلى إعادة تأهيل المباني المهددة بالانهيار بسبب الزلازل. المشروع، الذي تقوده شركة "كيبتاش" التابعة للبلدية، توقف عملياً بعد اعتقال مديرها علي كورت، وقد أعرب مواطنون وممولون عن تخوفهم من المشاركة في المشروع بسبب عدم وضوح مستقبل الإدارة الحالية.
إلى جانب ذلك، تعطلت مشاريع التخطيط العمراني المستقبلي، مثل "رؤية إسطنبول 2050"، التي كانت تهدف إلى تحديث خطة المدينة لأول مرة منذ عام 2009، ويقبع عدد من كبار المهندسين المعماريين ومخططي المدن وراء القضبان، مما أدى إلى تجميد تقدم هذه الخطة.
قناة إسطنبول تثير الانقسام وتُفاقم الأزمة
في المقابل، تمضي الحكومة المركزية في تنفيذ مشروع "قناة إسطنبول" رغم المعارضة الشديدة من بلدية المدينة، المشروع، الذي يهدف إلى إنشاء ممر مائي بديل لمضيق البوسفور، يُوصف من قبل إمام أوغلو بأنه "خنجر في قلب إسطنبول" بسبب آثاره البيئية على الغابات والأراضي الزراعية ومصادر المياه.
تسارعت وتيرة التطوير العقاري في المناطق المحيطة بمسار القناة، مع إصدار تصاريح بناء جديدة، وطرح مناقصات بقيمة مليار دولار لمشاريع إسكان وتجارية، رغم تحذيرات هيئة المياه في إسطنبول من مخالفة هذه المشاريع للوائح حماية الموارد المائية.
تحوّلات سياسية تعمّق الانقسام الحضري
منذ فوز المعارضة بإدارة إسطنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية عامي 2019 و2024، توترت العلاقة بين البلديات والحكومة المركزية، وتُتّهم أنقرة الآن بتقويض الإدارات المحلية المنتخبة من خلال فرض وصاية على بعض الأحياء، كما حدث في منطقة شيشلي، حيث استُبدل رئيس الحي المنتخب بمسؤول عيّنته الحكومة سمح بإعادة تنفيذ مشروع تجاري كان قد أُوقف سابقاً.
وتسعى الحكومة حالياً لإقرار تشريع جديد يمنح المحافظين المعيّنين من الدولة سلطات موسعة على حساب رؤساء البلديات المنتخبين، ما من شأنه تقليص الاستقلال المحلي في مجالات مثل التخطيط الحضري وتراخيص البناء.
انعكاسات على سكان المدينة ومستقبلها
تضم إسطنبول أكثر من 16 مليون نسمة، وتواجه تحديات متزايدة في مجالات الزلازل، الإسكان، والنمو العمراني، ومع تعثر المشاريع التنموية، وتأجيل خطط التجديد الحضري، وتحويل المناطق الخضراء إلى مشاريع استثمارية، يتخوف خبراء من أن تخرج المدينة عن مسار التنمية المستدامة.
تقول سيرين سيلفين كوركماز، المحللة السياسية، إن "حالة الضبابية خلقت بيئة عمل مشلولة داخل البلدية، وأثّرت على الثقة في الإدارة"، بينما يشير آخرون إلى أن إسطنبول باتت ساحة معركة سياسية تؤثر فيها القرارات المركزية على حياة السكان اليومية بشكل مباشر.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.