فى أحد أزقة قرية ميت نما التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية، كانت رائحة الموت تملأ هواء البيت المتهالك، الجدران باهتة، والأثاث متآكل، لكن أكثر ما كان يثقل الجو هو الصمت الموحش، الصمت الذى يسبق العاصفة.
مروان، الفتى ذو السبعة عشر عامًا، جلس فى ركن غرفته يحاول إتمام واجبه المدرسى على ضوء مصباح خافت، لكن خطوات أبيه المتثاقلة والمهتزة على الأرضية الخشبية كانت كفيلة بإرباك سلامه داخلي، "سعيد" الأب بائع الفاكهة الذى تحولت يداه من حمل الثمار إلى حمل الألم، كان قد غرق منذ زمن فى دوامة الإدمان، ولم يعد يرى فى الحياة سوى ساحة لتفريغ غضبه.
فى تلك الليلة المشؤومة، كان صوت باب الغرفة وهو يفتح بعنف أشبه بصفارة إنذار، دخل الأب بعينين محمرتين، يترنح وهو يمسك بيده أداة معدنية، وبدأت الكلمات تخرج منه متقطعة، غير مفهومة، لكن الغضب كان أوضح من أى معنى.
لم يمهل "مروان" فرصة للهرب أو التبرير، فانهمرت الضربات عليه بلا توقف، حتى تحولت الغرفة إلى ساحة ألم، جرح هنا، وكدمة هناك، وصوت أنين مكتوم يختلط بأنفاس متقطعة.
جثة ملقاة على الأرض
بعد أن أنهك الأب جسد ابنه، تركه ملقى على الأرض، ظنا أنه مجرد فاقد للوعي، خرج من الغرفة يتأرجح، تاركا خلفه جسدا ينزف من الداخل قبل الخارج.
مرّت الساعات ثقيلة، حتى عاد "سعيد" ليجد المشهد كما تركه، لكن هذه المرة، كان الصمت أكثر لا ألم ولا نفس، جلس بجانب نجله، هزه بعنف، ثم حمله على عجل إلى الطبيب، محاولا التمسك بخيط أمل واهي، لكن الطبيب لم يحتج إلا لنظرة واحدة قبل أن يعلن الحقيقة "مروان مات".
لم تكن هناك دمعة فى عينى سعيد، فقط نظرة فارغة لرجل أدرك متأخرا أن يديه التى كان من المفترض أن تحمي، صارت هى نفسها أداة النهاية.
تفاصيل الواقعة
تفاصيل الواقعة كانت بتلقى ضباط مباحث مركز شرطة قليوب بمديرية أمن القليوبية إشارة من المستشفى تفيد باستقبال "مروان" ١٧ عاما جثة هامدة وبه آثار تعذيب وضرب وكدمات متفرقة بالجسد.
وبالانتقال والفحص وبالتقابل مع والده اعترف بارتكاب الواقعة وضرب ابنه حتى الموت تحت تأثير المواد المخدرة، وتم التحفظ على الجثة داخل ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة فيما تم القبض على المتهم.
وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات التى أمرت بانتداب طبيب شرعى لتشريح جثة المجنى عليه وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه لاستكمال إجراءات الدفن.
وواجهت النيابة المتهم بما أسفرت عنه التحريات والضبط أقر بصحتها وعليه أمرت النيابة بحبسه ٤ أيام احتياطياً على ذمة التحقيقات وأمرت التيار بعرض المتهم على مصلحة الطب الشرعى لأخذ عينات منه وبيان تعاطيه المواد المخدرة من عدمه وجار استكمال التحقيقات.
