

تشهد الساحة الصومالية مجددًا تصعيدًا عسكريًا مقلقًا بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وإدارة ولاية جوبالاند، الواقعة في جنوبي البلاد، وسط تحذيرات من عودة الاشتباكات إلى مستويات خطيرة قد تهدد الأمن والاستقرار الهش في البلاد.
خلفية الصراع
تعود جذور التوتر بين الحكومة الفيدرالية وإدارة جوبالاند إلى سنوات مضت، حيث تتنازع الجهتان على شرعية السيطرة السياسية والعسكرية في عدد من مناطق الجنوب، وعلى رأسها إقليم جدو، الذي يُعد محور الصراع الحالي. ويُنظر إلى جوبالاند، بقيادة أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي)، كإحدى الإدارات الإقليمية التي تتمتع بقوة سياسية وعسكرية مؤثرة، لكنها في الوقت ذاته، تواجه اتهامات مستمرة من الحكومة الفيدرالية بمحاولة تقويض سلطاتها المركزية، وهو ما تنفيه الإدارة الإقليمية.
آخر التطورات الميدانية
اندلعت اشتباكات دامية يوم أمس بين القوات الفيدرالية وقوات تابعة لجوبالاند في مدينة بلد حواء الواقعة قرب الحدود الكينية، ما أدى إلى سقوط قتلى من الطرفين، دون أن تتوفر إحصائيات دقيقة حتى اللحظة بشأن عدد الضحايا.
وفي تحرك تصعيدي، أنزلت الحكومة الفيدرالية الصومالية اليوم قوات خاصة مدربة على يد الأتراك والمعروفة باسم "هرمعد" في مدينة غاربهاري، عاصمة إقليم جدو. وقد تم تكليف هذه القوات بشن هجوم مضاد على مدينة بلد حواء، التي كانت قد سيطرت عليها قوات جوبالاند يوم أمس.
وبحسب مصادر أمنية محلية، فإن عدد الجنود التابعين لقوات "هرمعد" الذين تم إرسالهم من غاربهاري يقدر بنحو 100 عنصر، مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة.
أبعاد سياسية وأمنية
الصراع في جدو لا يعكس فقط نزاعًا محليًا على السلطة، بل يتداخل مع شبكة من التوترات القبلية والتدخلات الإقليمية. فالحكومة الفيدرالية ترى في جوبالاند تهديدًا لمشروع بناء الدولة الصومالية الموحدة، بينما تعتبر جوبالاند نفسها خط الدفاع الأول ضد التنظيمات المسلحة مثل حركة الشباب، وتتهم الحكومة في المقابل بمحاولة فرض السيطرة بالقوة على مناطق لا تحظى فيها بقبول شعبي.
وكانت محكمة إقليم بنادر في العاصمة مقديشو قد أصدرت في عام 2024 مذكرة توقيف بحق أحمد مدوبي، مما أدى إلى جولة عنيفة من المواجهات آنذاك، قبل أن تهدأ الأوضاع مؤقتًا بفعل وساطات محلية وإقليمية، لكنها سرعان ما اشتعلت مجددًا في الأيام الأخيرة.
ردود الفعل والتحذيرات
حتى الآن، لم تصدر بيانات رسمية من الرئيس حسن شيخ محمود أو من أحمد مدوبي بشأن المواجهات الأخيرة، لكن مصادر محلية تشير إلى حشد مزيد من القوات من كلا الجانبين، ما ينذر باتساع رقعة المواجهات العسكرية.
كما لم تُعرف بعد مواقف القوى الإقليمية مثل إثيوبيا وكينيا، اللتين تلعبان دورًا مؤثرًا في جنوب الصومال، في ظل التداخل الأمني والسياسي بينهما وبين الإدارة المحلية في جوبالاند، خاصة أن مدينة بلد حواء تقع على الحدود مع كينيا.
مخاطر قادمة
انهيار المساعي السياسية: قد تؤدي التطورات الأخيرة إلى نسف الجهود التي تقودها الحكومة والمجتمع الدولي من أجل التوصل إلى توافق سياسي شامل بين الحكومة والإدارات الفيدرالية.
فراغ أمني يخدم حركة الشباب: في حال تواصلت الاشتباكات، فإن حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة قد تستغل هذا الصراع للتمدد في مناطق الجنوب.
نزوح إنساني متجدد: تشير التقارير الأولية إلى أن مئات الأسر بدأت في النزوح من بلد حواء تحسبًا لتجدد المعارك خلال الساعات المقبلة.
ختامًا،يبدو أن الصراع بين الحكومة الفيدرالية وجوبالاند دخل مرحلة جديدة من المواجهة، بعد أشهر من التوتر الصامت. وفي غياب مبادرة عاجلة للحوار ووقف التصعيد، فإن الجنوب الصومالي مهدد بالانزلاق إلى دوامة عنف جديدة، تعيد إلى الأذهان سيناريوهات الفوضى المسلحة التي تعيق الاستقرار السياسي في البلاد منذ عقود.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.