وول ستريت تسجل مستويات قياسية جديدة مع ترقب أرباح التكنولوجيا وقرارات الرسوم الجمركية

دفعت حالة التفاؤل بين المستثمرين، مدعومة بتوقعات أرباح الشركات الكبرى، مؤشرات الأسهم الأمريكية في "وول ستريت" إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة، وسط متابعة حثيثة لتطورات السياسة التجارية الأمريكية، وعلى رأسها الرسوم الجمركية، في وقت تراجعت فيه عوائد السندات والدولار.

وسجل أكثر من 400 سهم ضمن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ارتفاعاً ملحوظاً، مما عوّض التراجع الطفيف الذي شهدته أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، رغم توقف المكاسب التي حققها مؤشر "العظماء السبعة" — ويشمل شركات: إنفيديا، أبل، ألفابت، أمازون، ميتا، مايكروسوفت وتسلا — بعد تسع جلسات من الصعود المتواصل. في هذا السياق، سجلت شركتا "تسلا" و"ألفابت" ارتفاعًا قبل إعلان نتائجهما الفصلية المنتظرة.

وفي قطاع العقارات، قادت شركة "دي آر هورتون" موجة صعود قوية في أسهم شركات بناء المنازل، بينما لفت سهم شركة "كولز" الأنظار بقفزة غير مسبوقة بلغت 105% قبل أن يتراجع إلى مكاسب بنسبة 38%، في مشهد أعاد إلى الأذهان ظاهرة "أسهم الميم". أما في التداولات اللاحقة، فقد جاءت نتائج شركة "تكساس إنسترومنتس" دون التوقعات، ما أدى إلى خيبة أمل بين المستثمرين.

الذكاء الاصطناعي يقود نمو أرباح الشركات

وفيما تبدأ الشركات الكبرى بالكشف عن نتائجها الفصلية، تتجه الأنظار إلى شركات التكنولوجيا التي تشكل العمود الفقري للنمو الحالي في السوق، خاصة تلك المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وبحسب بيانات "بلومبرغ إنتليجنس"، من المتوقع أن تحقق شركات "العظماء السبعة" مجتمعة ارتفاعًا بنسبة 14% في أرباح الربع الثاني من العام الجاري، في حين يُتوقع أن تبقى أرباح باقي مكونات مؤشر "إس آند بي 500" مستقرة دون تغيير يُذكر.

وفي هذا الإطار، قالت لورين غوودوين، كبيرة الاستراتيجيين في "نيويورك لايف إنفستمنتس"، إن شركات التكنولوجيا العملاقة تظل حجر الأساس في استقرار السوق، مضيفة أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا تزال في مراحلها الأولى، رغم التحسن التدريجي في تبنيها على نطاق واسع.

ترامب يفرض رسوما على الفلبين وكندا تسعى للتهدئة

وعلى الصعيد التجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاق مع الفلبين لفرض رسوم جمركية بنسبة 19% على صادراتها إلى الولايات المتحدة. في المقابل، سعى رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إلى تهدئة التوقعات بشأن التوصل إلى اتفاق تجاري خلال الأيام العشرة المقبلة، مشيرًا إلى رغبته في تحقيق استقرار طويل الأمد في العلاقات مع واشنطن.

من جانبه، أعلن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أنه سيلتقي مسؤولين صينيين الأسبوع المقبل في العاصمة السويدية ستوكهولم لعقد الجولة الثالثة من المحادثات التجارية، في إطار مساعي تمديد هدنة الرسوم الجمركية وتوسيع نطاق المفاوضات.

وفي مقابلة مع شبكة "فوكس بزنس"، أكد بيسنت أنه لا يرى سبباً يدعو رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للاستقالة، بينما جدد ترامب دعوته لتخفيض معدل الفائدة الرئيسي بمقدار ثلاث نقاط مئوية.

وخلال فعالية في المكتب البيضاوي، أشار بيسنت إلى أن الفيدرالي الأميركي عليه أن يعيد النظر في سياسته النقدية كما فعل في خريف العام الماضي.

وحذرت أولريكه هوفمان-بورخاردي، من "يو بي إس لإدارة الثروات العالمية"، من أن اقتراب موعد انتهاء مهلة الرسوم في أغسطس قد يزيد من تقلبات الأسواق، لا سيما في ظل تصاعد المخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي وتزايد الضبابية الجيوسياسية.

المستثمرون الأفراد يقودون عمليات الشراء

من جانبه، كشف "بنك أوف أمريكا" أن عملاءه كانوا من المشترين الصافين للأسهم الأميركية خلال الأسبوع الماضي، مع تركّز عمليات الشراء بين المستثمرين الأفراد، تليهم صناديق التحوط. وقال فريق التحليل في البنك بقيادة الخبيرة الاستراتيجية جيل كاري هول، إن المستثمرين ضخّوا ما مجموعه 1.8 مليار دولار في الأسهم الأمريكية، مع اهتمام ملحوظ بجميع الفئات الحجمية من الشركات.

وتعليقا على المسار الحالي للسوق، تساءل كريغ جونسون، كبير الاستراتيجيين في "بايبر ساندلر": "هل يمكن لموجة الصعود الحالية في مؤشري إس آند بي 500 وناسداك أن تستمر؟ الأدلة التقنية تشير إلى أن الزخم لا يزال إيجابياً، لكننا سنرحب بتصحيح سعري لا يتجاوز 5% لتدعيم المراكز الاستثمارية".

وفي تحليله للسوق، قال سيباستيان بويد، استراتيجي الأسواق لدى "ماركتس لايف"، إن التراجع النسبي في افتتاح جلسات التداول لم يكن شاملاً، حيث قادت أسهم التكنولوجيا والنمو التراجعات، بينما بقيت الأسهم الدفاعية وأسهم القيمة في المنطقة الخضراء.

وأضاف أن السوق يبدو وكأنه يتجه لتقليص مستوى المخاطر مؤقتاً، استعداداً لنتائج شركات مثل تسلا وألفابت.